سماحة يعترف بنقل متفجرات من سوريا والتخطيط لاغتيال مفتي عكار

المحاكمة في مرحلتها الثانية بعد قبول التمييز طعن النيابة العامة العسكرية

سماحة يعترف بنقل متفجرات من سوريا والتخطيط لاغتيال مفتي عكار
TT

سماحة يعترف بنقل متفجرات من سوريا والتخطيط لاغتيال مفتي عكار

سماحة يعترف بنقل متفجرات من سوريا والتخطيط لاغتيال مفتي عكار

شرعت، أمس، محكمة التمييز العسكرية في لبنان، باستجواب المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة الموقوف في قضية إدخال 25 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان، بالاتفاق مع مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتب الأخير العقيد عدنان، والتخطيط لتفجيرها في منطقة عكار في شمال لبنان، بتجمعات شعبية وإفطارات رمضانية، ومحاولة قتل نواب وسياسيين ورجال دين ومعارضين سوريين، وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية.
وتأتي محاكمة سماحة في مرحلتها الثانية، بعدما قبلت محكمة التمييز برئاسة القاضي طوني لطوف، الطعن الذي تقدمت به النيابة العامة العسكرية، بإبطال الحكم المخفف الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة بحق سماحة الصيف الماضي، وقضى بسجنه أربع سنوات ونصف السنة بـ«محاولة القيام بأعمال إرهابية ونقل متفجرات»، حيث اعتبرت النيابة العامة أن سماحة ارتكب فعلاً جرم الإرهاب من خلال وضع مخطط لتفجير أهداف محددة في عكار، وأحضر المتفجرات من سوريا، وسلمها إلى الشخص الذي كلّفه بالتنفيذ وهو المخبر ميلاد كفوري، الذي وبدل أن يفجر الأهداف وينفذ الاغتيالات، توجه إلى مقر قوى الأمن الداخلي، وسلم المتفجرات إلى شعبة المعلومات.
وجدد سماحة خلال الجزء الأول من استجوابه، أمس، ما دأب على قوله في محاكمته أمام المحكمة العسكرية، بأنه «وقع ضحية مخطط وضعه المخبر ميلاد كفوري واستدرجه إليه». ولم يخفِ معرفته بميلاد كفوري منذ بداية التسعينات، وأن الأخير يعمل بالأمن.
وقال: «بدءًا من يناير (كانون الثاني) وشباط فبراير (شباط) 2012 زادت وتيرة زيارات كفوري إلى مكتبي، وبدأ يثير معي موضوع الحدود الشمالية التي تستعمل للتهريب وتسلل المسلحين من لبنان إلى سوريا وبالعكس، وهو كان يبني ذلك على مقابلاتي التلفزيونية التي كنت أحذر فيها من أن تصبح الحدود الشمالية أشبه بالحدود الجنوبية مع إسرائيل بعد اتفاق القاهرة في عام 1969».
أضاف سماحة: «فاتحني كفوري بأنه قادر على التحرك بسهولة في الشمال، وأن لديه مجموعات قادرة على تلغيم المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا التي يرتادها المسلحون والطرق المؤدية إليها، وعرقلة عمليات التسلل وتهريب السلاح، وإحداث صدمة أمنية وصدمة سياسية للحكومة ترغمها على إعطاء الأمر للجيش بالانتشار على الحدود، وطلب مني أن أتوسط مع أصدقائي السوريين لتأمين المواد التي يحتاجها من ألغام ومتفجرات، بحكم علاقاتي الوثيقة بهم»، مدعيا أنه لم يوافق بداية على الاقتراح، لكنه عاد ووعد كفوري ببحث المسألة في سوريا، خصوصًا بعدما أبلغه الأخير بأن لديه مجموعة من طرابلس مؤلفة من ثلاثة أشقاء، يضمرون العداء لفريق «14 آذار»، وأقرّ بأنه خلال زيارته لدمشق مطلع شهر يوليو (تموز) 2012 عرّج على مكتب اللواء علي مملوك، والتقى بمدير مكتبه العقيد عدنان وفاتح الأخير بالمخطط الذي يهدف إلى منع تسلل المسلحين من لبنان إلى سوريا، وسلمه لائحة بالمتفجرات التي طلبها كفوري، فلم يمانع العقيد عدنان ما دام هناك شخص يثق به. وأوضح سماحة أنه خلال هذا اللقاء لم يتسلم أي متفجرات إنما عاد إلى بيروت وسافر في 13 (يوليو) في جولة أوروبية قادته إلى عدة دول وعاد إلى بيروت ليل 20، وفي صبيحة اليوم التالي قابل كفوري الذي استعجله الأمر. وأقرّ بأن «اللقاء كان مطولاً حيث أعاد كفوري تحديد الأهداف وهي تلغيم المعابر وإحداث خطة أمنية وسياسية».
وعندما سأله رئيس المحكمة عن كيفية بحث مسألة تفجير موائد الإفطارات الرمضانية، ارتبك سماحة وتلعثم مرات عدة، واعترف بأن كفوري حدثه عن «أهداف أخرى غير تلغيم المعابر، منها تفجير موائد إفطارات وقتل نواب منهم النائب خالد ضاهر وغيره ومفتي السنّة في عكار وإحداث فتنة طائفية». ولم ينكر المتهم أنه ناقش مع كفوري هذه المسائل من «باب المسايرة». وقال: «أنا وافقته على هذه الأمور لأنني أدرك أنه عاجز على ضرب كل هذه الأهداف لأنها أكبر من قدرته على تنفيذها». واستطرد سماحة: «لقد أوردت مذكرة الطعن التي تقدمت بها النيابة العامة العسكرية خمس مرات، أن مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار كان على لائحة الأهداف، والحقيقة أني لم أذكر اسم المفتي الشعار ولا مرّة في كل مراحل هذه القضية، إنما كنت أقصد مفتي عكار فقط».
ولدى استيضاحه مسألة إثارة الفتنة الطائفية، جدد سماحة التنصل منها، وألصق هذه الفكرة بميلاد كفوري، وأكد أنه طلب منه أن «يبتعد عن العلويين، وأن لا يفجّر أي نقطة فيها وجود لمواطنين من الطائفة العلوية لأنها تثير حساسية السوريين».
وردًا على سؤال رئيس المحكمة أوضح سماحة أنه خلال زيارة ثانية لدمشق التقى اللواء علي مملوك، وبحث معه في مسألة التفجيرات، وأشار إلى أن «اللواء علي بدا غير مرحب بالفكرة، لكنه قال لي: طالما أنك تثق بالرجل (كفوري) نحن مستعدون لمساعدته من خلالك وتأمين كل احتياجاته». ولفت إلى أن كفوري طلب منه 200 ألف دولار كأجر لأعضاء المجموعة لكن السوريين دفعوا 170 ألف دولار.
وبعد ساعتين ونصف الساعة على الاستجواب، أبلغ سماحة رئيس المحكمة القاضي طوني لطوف أنه بات متعبًا، فقرر الأخير رفع الجلسة وإرجاءها إلى 21 يناير المقبل لمتابعة الاستجواب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».