شبكات ذكية تنقل الخدمات الصحية والتعليمية والسياحية إلى المستقبل

لتأمين خدمات سريعة للهواتف الذكية «الفندقية» وأجهزة التواصل بين المرضى والأطباء والمدرسين والطلاب

شبكات ذكية تنقل الخدمات الصحية والتعليمية والسياحية إلى المستقبل
TT

شبكات ذكية تنقل الخدمات الصحية والتعليمية والسياحية إلى المستقبل

شبكات ذكية تنقل الخدمات الصحية والتعليمية والسياحية إلى المستقبل

لم يعد التطور التقني محصورا على البرمجيات والأجهزة الشخصية، بل أصبح يشمل الشبكات لتصبح أكثر ذكاء من السابق وتوفر قدرات أعلى للمستخدمين، وتفتح الباب أمام استخدامات جيدة مفيدة في قطاعات مختلفة، مثل الصحة والتعليم والسفر والمصارف وشركات التأمين، وغيرها. وتحدثت «الشرق الأوسط» حول هذه الشبكات حصريا مع «باهر عزت»، المدير التنفيذي لـ«ألكاتيل لوسينت إنتربرايز» Alcatel Lucent Enterprise في الشرق الأوسط، وهي شركة متخصصة في حلول الاتصالات والشبكات والحلول السحابية.

شبكات أكثر ذكاء

تزيل «الشبكات المُعرّفة بالبرمجيات» Software Defined Networks التركيز على العتاد الصلب Hardware في مجال الشبكات لتركز أكثر على البرمجيات التي تسمح بتعديل قوانين وقواعد الشبكات بشكل سهل ومباشر، لدرجة أنه يمكن لأي شخص تعديلها بدلا عن الحاجة إلى متخصصين في الشبكات لتعديل التوصيلات السلكية المعقدة. وتقدم هذه الشبكات جودة أعلى وسرعة تنفيذ أفضل، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على المستخدمين في شتى القطاعات، مثل التعليم والصحة والسياحة. ويمكن للبرمجيات تعديل قوانين استخدام الشبكات لكل فئة في أي وقت، ومن دون الاعتماد على نظام شبكات محدد.
وعلى الرغم من التطورات التي شهدتها صناعة الحوسبة والتخزين للمساعدة على توفير مزيد من المرونة للشركات، فإن التعقيدات التي تشهدها الشبكات اليوم، تحد من قدرة إدارات تقنية المعلومات على الاستجابة سريعًا لاحتياجات العمل. وتوفر تقنية «النسيج الذكي» Intelligent Fabric تصميمات شبكية بسيطة، وعمليات تشغيلية داخلية سهلة، وتثبيت سريع وضبط مؤتمت مع الخوادم والأجهزة والتطبيقات، فضلاً عن أتمتة النقل والإضافة والتغيير، الأمر الذي ينجم عنه قدرات متقدمة على أتمتة العمل وتطويع قوانين العمل آليا؛ وفقا لفئة المستخدم بشكل يشابه «الشبكات المعرفة بالبرمجيات» المذكورة أعلاه، ولكنه يركز على مراكز البيانات، وهي تقنية تقوم على تقنية الشبكات المعرفة بالبرمجيات. وتستخدم المستشفيات وكثير من المؤسسات الحكومية هذه التقنية، بالإضافة إلى قطاع المقاولات، وذلك بهدف رفع الأداء بشكل كبير.
وتدعم هذه التقنيات حلول الشبكات السلكية واللاسلكية، وتقنيات المحادثات عبر الإنترنت والسحابات الخاصة والعامة، والتواصل الفوري من خلال أي جهاز مستخدم. ويحتاج هذا الأمر دعم الشبكات السلكية واللاسلكية لهذه التقنية، بحيث يستطيع المستخدم التنقل من الاتصال بالآخرين عبر الهاتف الثابت إلى الجوال من دون انقطاع الخدمة، أو التحول من المحادثات المرئية عبر الكومبيوتر إلى الأجهزة اللوحية من دون إعادة الاتصال.

قطاع الصحة

وبدأت المستشفيات تقارب الفنادق من حيث التجربة والنقاهة والراحة بعد العلاج، وأصبح التركيز على ترفيه المريض في تلك الفترة أمرا مهما. وتقدم الشبكات الذكية في قطاع الصحة فوائد كثيرة للجزء الخاص بالمريض، مثل نظام الترفيه المجاور للسرير، بحيث يستطيع التفاعل مع النظام باللمس للدخول إلى الإنترنت أو التفاعل مع الغرفة (مثل الإضاءة والتلفزيون والصوتيات وطلب الممرضين). وبالنسبة للأطباء والممرضين، فلديهم نظام تنبيه مهم جدا بالغ السرعة يراقب العلامات الحيوية للمريض، بحيث يتم إرسال إنذار أو رسالة إلكترونية أو مكالمة هاتفية آلية لدى انخفاض العلامات الحيوية للمريض لإشعار الطبيب أينما كان. وتعتمد هذه الخدمة كذلك تقنية تحديد موقع الطبيب لمعرفة من الأقرب لغرفة المريض أو المستشفى وإشعاره بشكل آلي، ومن دون الحاجة إلى استبدال أنظمة الإنذار الحالية.
هذا، وستنقل الخدمة الإشعار إلى طبيب آخر في حال عدم قدرته على الإجابة خلال فترة زمنية محددة، الأمر الذي ينجم عنه عناية طبية أفضل واستجابة أسرع وأكثر ذكاء من مجرد إشعار الطبيب وانتظار قدومه إلى غرفة المريض لتقديم العلاج اللازم. وتسمح هذه التقنية بإجراء المكالمات الجماعية مع الأطباء المختصين في الأوقات اللازمة، وبشكل فوري، الأمر نفسه الذي ينطبق على الجامعات والمؤسسات الأخرى في حالات الحرائق أو الإنذارات المهمة، وذلك بإبلاغ الأطراف المتخصصة وإشعارها بأقصر الأوقات الممكنة لتلافي الأزمات.

هواتف ذكية «فندقية»

وبالنسبة للفنادق والسياحة، تقدم الشبكات الذكية تقنية «الهاتف الذكي للنزيل» Smart Guest Softphone التي تسمح للنزلاء بتحويل المكالمات الهاتفية الواردة لهاتف الغرفة إلى هاتفهم الجوال أينما كانوا في الفندق، وذلك لتوفير تكاليف استلام المكالمات الصوتية في حالات التجوال الدولي، وحصول النزيل على التنبيهات التي قد يحتاج موظفو الفندق إيصالها له على رقم غرفته، بالإضافة إلى قدرته على الاتصال بالغرف الأخرى أو بمكتب الاستقبال لتقديم أي طلب يحتاجه. وتتم العملية بمسح رمز شريطي بكاميرا هاتف المستخدم لتبدأ عملية تثبيت التطبيق الذي يقدم هذه القدرات. ونظرا لأن المستخدم متصل بشبكة «واي فاي» أينما كان داخل الفندق، فستصبح هذه الشبكة وسطا للاتصال ونقل البيانات الصوتية من هاتف الغرفة إلى الهاتف الجوال.
ومن شأن هذه التقنية رفع درجة استخدام الهاتف الداخلي للفندق، والذي أصبح مجرد ملحق لا يستخدمه كثيرون أثناء السفر، ولكن الفندق مضطر لتحمل تكاليف تثبيته في جميع الغرف كمتطلب أساسي للعمل. ويستطيع النزيل كذلك تقديم رقم الفندق والغرفة للآخرين أثناء التجوال لتوفير نفقات الاتصال الدولي عليهم وعلى نفسه. ونظرا لأن المستخدم متصل بشبكة الفندق، فيستطيع النظام تحديد مكان وجود النزيل داخل الفندق وإبلاغه بوجود عروض أو نشاطات خاصة في المقهى أو المطعم الذي يمر بجواره داخل الفندق. التقنية هذه أصبحت متوافرة في عدد من الفنادق في منطقة الشرق الأوسط، وستطلق في وقت قريب جدا في السعودية.

قطاع التعليم

وبالنسبة لقطاع التعليم، فيمكن وجود مجتمع متعدد على الشبكة نفسها، مثل المدرسين والمشرفين والطلاب وموظفي الأمن، ومن دون القلق حول أي مخاطر أمنية جراء وجودهم على شبكة واحدة عوضا عن شبكات متخصصة لكل فئة، وما يصاحب ذلك من تكاليف مرتفعة للتشغيل والتحديث والحماية. يمكن استخدام فكرة تقنية «الهاتف الذكي للنزيل» لطلاب الجامعات للتواصل عبر الهاتف الذكي، أو للمدرسين للتواصل مع الطلاب في حال وجودهم بعيدا عن مكاتبهم.
وقد تطورت الشبكات من تقديم تقنيات للاتصال الهاتفي إلى التواصل، وصولا إلى الحوار. وكان التواصل في السباق محصورا على جهاز أو شبكة ما، بحيث يجب على جميع الأطراف إيقاف الاتصال ومعاودته لدى الحاجة إلى تغيير الوسط (مثل الانتقال بالدردشة المرئية من الكومبيوتر المحمول إلى تلفزيون المكتب)، لتصبح الحوارات مستقلة عن الوسط، وذلك للسماح للمستخدم بالتنقل عبر الأجهزة والشبكات من دون انقطاع الدردشة مع الطرف الآخر. وكمثال على ذلك، يمكن نقل المحادثات مع الأطراف المختلفة من شبكات «واي فاي» المحلية إلى شبكات الاتصالات في حال احتاج المستخدم للخروج من غرفته أو مكتبه، وعدم قطع الاتصال مع الآخرين. وتدعم هذه التقنية جميع منصات الهواتف الجوالة («آي أو إس» و«آندرويد» و«ويندوز») من خلال برمجيات متخصصة يمكن تحميلها من المتاجر الإلكترونية.

أجهزة شخصية آمنة

وبالنسبة لنزعة جلب المستخدمين لأجهزتهم الشخصية Bring Your Own Device BYOD إلى بيئة العمل، فعلى الرغم من أنها قد تشكل خطرا على الشبكة الداخلية للشركة، فإن الشبكات الذكية تفرض تثبيت برمجيات حماية من الفيروسات على الأجهزة المتصلة فورا دخولها إلى الشبكة السلكية أو اللاسلكية. ويمكن لمديري التقنية الضغط على زر واحد لعرض جميع الأجهزة الشخصية المتصلة بالشبكة ومعرفة نظام التشغيل الذي تعمل به وإصداره وما إذا كان يحتوي على أحدث إصدار أم لا، وذلك لرفع مستوى الحماية للشبكات وتسهيل بدء استخدام الأجهزة الشخصية في المكتب لرفع إنتاجية الموظفين في الوقت نفسه. ويستطيع المشرف كذلك إيقاف عمل جميع الأجهزة التي قد تحتوي على برمجيات ضارة أو إصدارات قديمة لنظام التشغيل، وبضغطة زر واحدة.
وبالنسبة لتحليل البيانات، تقدم الشبكات الذكية القدرة على التعرف على البرامج التي تعمل على الكومبيوترات المكتبية. وكانت الشركات في السابق تمنع دخول الموظفين على الشبكات الاجتماعية، ولكنها، أي الشبكات الاجتماعية، أصبحت جزءا أساسيا من عمل المؤسسات لمراقبة مجريات الأحداث أو للتواصل مع العملاء. وتسمح الشبكات الذكية بدخول الموظفين (أو مجموعات منهم) إلى الشبكات الاجتماعية للدراسة والتحليل والتفاعل، ولكن من دون السماح لهم مشاهدة عروض الفيديو في الشبكات، ذلك أنها ليست أساسية لعملهم.
الميزة الأخرى هي توفير حجم نقل البيانات، إذ كانت الطريقة السابقة تقوم بتحميل الفيديو إلى الأجهزة الخادمة في الشركة ومن ثم تمنع ظهور العروض داخل الشبكة، بينما لن يتم تحميل الفيديو إلى أجهزة الشركة باستخدام هذه الشبكات الذكية، وبالتالي لن تنخفض سرعة استخدام الإنترنت أمام موظفي الشركة. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للموظفين التنقل بسهولة بين الشبكات السلكية واللاسلكية من دون تخصيص أذن الدخول لكل مستخدم عبر كل فئة من الشبكات، نظرا لأن عملية التعريف تتم على مستوى المستخدم من دون تحديد الشبكة التي يستخدمها.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».