يرزح آلاف السوريين المحاصرين في مدينة الزبداني وبلدة مضايا الواقعتين في ريف دمشق تحت أوضاع إنسانية «مأساوية» نتيجة استمرار الحصار الذي يفرضه النظام السوري وحزب الله عليهما، مقابل الحصار الذي تفرضه قوات المعارضة على بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب.
وعلى الرغم من نجاح الاتفاق، الذي تم بين الفصائل السورية المعارضة وأبرزها «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» من جهة، وقوات النظام السوري وحزب الله من جهة ثانية، بفرض وقف إطلاق نار مستمر منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن الأطراف المعنية لم تتمكن بعد من الانتقال إلى المرحلة الثانية من هذا الاتفاق والتي تقضي بإخلاء المدنيين وإدخال المساعدات إلى المناطق المشمولة بالهدنة.
ولم تفلح جهود الأمم المتحدة المتواصلة لإدخال المساعدات إلى هذه المناطق إلا مرة واحدة، حين سُمح بمرور ما مجمله 31 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية، وقد تبين في وقت لاحق أن بعض المواد المنتهية الصلاحية دخلت إلى الزبداني، إلا أنه وبعد دخول الطيران الحربي الروسي على خط الصراع السوري لدعم النظام توقفت المفاوضات التي كان من شأنها أن تفضي لإخلاء المدنيين وإدخال المزيد من المساعدات للمحتاجين إليها في المناطق المحاصرة.
وقال أبو المهاجر، القائد الميداني في الزبداني، لـ«الشرق الأوسط» إن الأمم المتحدة أبلغتهم بعدم قدرتها على إرسال مزيد من المساعدات «خوفا من استهدافها من قبل الطيران الروسي، بحيث إنها لم تتمكن من الحصول على موافقة موسكو في هذا الخصوص»، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف من سكان الزبداني ومضايا «يعيشون في أحوال إنسانية تعيسة جدا، إذ يفتقرون إلى كل مقومات العيش». وشدّد أبو المهاجر على أن «الأهالي في الزبداني ومضايا على حد سواء نفذوا أكثر من مرة مسيرات سلمية باتجاه حواجز النظام التي تحاصرهم، لمناشدة المعنيين بإدخال المساعدات اللازمة إليهم والتي هم في أمسّ الحاجة إليها، إلا أن الجواب كان بإطلاق النار عليهم». وأضاف: «هذا الواقع المأساوي يجبر بعض الأهالي على شراء المواد الأساسية للعيش من تجار الحرب الذين ينشطون حاليا ويبيعون هذه المواد بأسعار خيالية». وقالت الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) إنها اضطرت إلى تعليق العمليات الإنسانية المزمعة في سوريا بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، بسبب «زيادة النشاط العسكري». ودعا مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا في ذلك الوقت الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها والتوصل إلى التفاهمات اللازمة لتنفيذ الاتفاق.
ويقضي الاتفاق الذي تم في سبتمبر الماضي بإشراف الأمم المتحدة وبرعاية إيرانية - تركية، في مرحلته الأولى بخروج مقاتلي الزبداني مع عائلاتهم بالسلاح الخفيف إلى إدلب حصرًا، على أن تبدأ المرحلة الثانية بعدها بإطلاق سراح 500 معتقلة ومعتقل. إلا أنّه وبعد دخول موسكو آتون الحرب السورية تم تجميد الاتفاق الذي لا يسري إلا لجهة التزام الفرقاء وقف إطلاق النار الذي يتم خرقه أيضًا في بعض الأحيان. وتسعى قوات النظام، من خلال تقدمها في ريف حلب الجنوبي على حساب المعارضة، للتأسيس لتقدم نحو مناطق ريف إدلب الشمالي بهدف فك الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام والمحاصرتين من قبل المعارضة، لتفرض بذلك «أمر واقع» جديد يطيح باتفاق الهدنة.
وكانت وكالة «رويترز» نقلت في وقت سابق عن شخص مطلع على المفاوضات قوله: «هناك وقف لإطلاق النار، لكن هذا كل شيء.. الاتفاق أصبح ضحية أخرى للتصعيد الروسي. الناس نسيت التنفيذ». وقال مسؤولان بارزان على علم بالتطورات العسكرية والسياسية في سوريا وقريبان من الحكومة إن «هجوما بريا للجيش السوري وحلفائه يجري بدعم من الضربات الجوية الروسية جعل الاتفاق غير ذي معنى».
وأوضح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «ما جمّد اتفاق الزبداني – كفريا - الفوعة، تدخلات إقليمية إيرانية – تركية، خصوصا أن الفرقاء المعنيين لم ينجحوا بتحقيق تفاهم كامل حول الأعداد التي من المفترض أن تخرج من كفريا والفوعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك خلاف ما إذا كان هذا الاتفاق سيشمل أيضًا بلدة مضايا، باعتبار أن قوى المعارضة تدفع في هذا الاتجاه، وهو ما يرفضه النظام وحزب الله».
ووصف عبد الرحمن الوضع الإنساني في الزبداني بـ«المأساوي»، لافتا إلى أن «قوات النظام لا تمسح بدخول المساعدات إلى المحاصرين في مناطق ريف دمشق».
أوضاع «مأساوية» في الزبداني ومضايا.. وتدخل روسيا جمّد الهدنة
الأمم المتحدة تجمد مساعداتها الإغاثية بسبب قصف الطيران الروسي
أوضاع «مأساوية» في الزبداني ومضايا.. وتدخل روسيا جمّد الهدنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة