استحوذت قضية توقيف هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، على اهتمام الأجهزة الأمنية والقضائية، ومتابعة السلطات السياسية في لبنان، بعدما نجحت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في تحرير القذافي الابن الذي خطف في دمشق ونقل إلى منطقة البقاع شرق لبنان بإطار عملية نفذتها عصابة نافذة في سوريا، بالاشتراك مع أشخاص لبنانيين مستفيدين.
وبمعزل عن التحقيق الذي بدأته الأجهزة الأمنية لكشف هوية كل الأشخاص اللبنانيين المتورطين في خطف القذافي الابن المطلوب للإنتربول الدولي، فإن هنيبعل سيخضع لتحقيق قضائي خلال الساعات المقبلة، في قضية خطف وإخفاء مؤسس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في العام 1978. وقد طلب القاضي زاهر حمادة المحقق العدلي قي قضية الصدر من شعبة المعلومات إحضار الموقوف إلى مكتبه في قصر عدل بيروت لاستجوابه في هذه القضية، والوقوف على معلوماته ومعرفة مدى إمكانية الاستفادة منها، وجلاء الغموض الذي يلفّ مصير المرجع الديني الشيعي الأول في لبنان منذ أربعة عقود تقريبًا.
ويتهم لبنان معمّر القذافي وأركان نظامه بالوقوف خلف جريمة خطف الصدر ورفيقيه وإخفائهم وحجز حريتهم، في جريمة متمادية منذ 38 عاما، وأكد القضاء اللبناني بالاستناد إلى تحقيقات أجراها أن الصدر كان يلبي دعوة رسمية إلى طرابلس تلقاها من القذافي، وهو اختفى على الأراضي الليبية بخلاف مزاعم السلطات هناك التي ادعت أن الصدر أنهى زيارته إلى طرابلس وغادر منها إلى العاصمة الإيطالية روما وفقد هناك، وهو ما دحضه أيضًا قرار المدعي العام في روما الذي صدر الشهر الماضي وجزم فيه بأن الصدر لم يصل إلى روما، وأن مزاعم السلطات الليبية كانت للتضليل.
مصادر قانونية متابعة لأدق تفاصيل ملف الصدر، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن اسم هنيبعل القذافي «لم يرد في أي مرحلة من مراحل التحقيق المتعلقة بجريمة الخطف، وربما لم يكن وُلد عند وقوع الجريمة، لكن لا يمكن إسقاط فرضية حيازته معلومات، قد يكون استحصل عليها بحكم أنه أحد أفراد العائلة الحاكمة في ليبيا، أو سمع بها من والده أو من أشقائه أو من ضباط الأمن الليبيين الذين كانوا شركاء في العملية».
وأكدت المصادر أن «إبقاء القذافي الابن قيد التوقيف بعد تحريره من الخاطفين، لم يكن بخلفية الانتقام أو الثأر، إنما لمحاولة تكوين صورة عن القضية من شخص قد يمتلك معلومات مهمة، سيما وأنه متزوج من لبنانية (ألين سكاف من مدينة زحلة في البقاع) ولعلّه دخل سابقًا في مساومات، وهذه المعلومات إذا ما توفرت قد يستفيد منها لبنان».
وبمراجعة النشرة القضائية، ثبت للأجهزة الأمنية أن هنيبعل كما كلّ أشقائه مطلوب للإنتربول الدولي، على خلفية الجرائم التي ارتكبها نظام والده معمّر القذافي إبان الانتفاضة التي أطاحت بالأخير ونظامه.
لكن لبنان لن يبادر بحسب مصدر قضائي إلى تسليمه، إلا بعد «استنفاذ كل مراحل التحقيق الذي سيجرى معه، وقد يحاكم أمام القضاء اللبناني بكتم وإخفاء معلومات تتعلّق بقضية خطف وإخفاء الصدر ورفيقيه».
وكان هنيبعل القذافي خُطف في سوريا قبل أيام، وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «عصابة سليمان الأسد نجل هلال الأسد وابن عم الرئيس السوري بشار الأسد، هي التي اختطفته وسلّمته إلى أشخاص في لبنان احتجزوه بالقرب من مدينة بعلبك في البقاع اللبناني لبضعة أيام، قبل أن ينكشف أمرهم ويضطروا لتسليمه إلى شعبة المعلومات عبر وسطاء كي لا يصبحوا موضع ملاحقة بجريمة خطف».
وتنشط عصابة سليمان هلال الأسد الذي يلقّب بـ«كابوس اللاذقية الكبير» في عمليات الخطف والتشبيح والقتل في كل مناطق سيطرة النظام في سوريا، وهو أقدم خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، على قتل العقيد في قوات النظام حسان الشيخ بإفراغ مخزن مسدسه في رأسه، وسط مدينة اللاذقية بسبب خلاف على أفضلية المرور، وقد تسبب قتل هذا الضابط العلوي الذي كان مسؤولاً عن جبهة حمص، وكان آتيًا للتو لقضاء إجازة قصيرة مع عائلته، بنقمة عمّت الطائفة العلوية في اللاذقية وضواحيها، وسارت مظاهرات على مدى ثلاثة أيام تطالب بالقصاص من سليمان الأسد، وأفيد بأنه جرى توقيف الأخير لنحو أسبوع وسرعان ما أعيد إطلاق سراحه بعد مصالحة رعاها النظام بين عائلة وأبناء هلال الأسد وأهل الضابط القتيل، تم بموجبها دفع تعويضات مالية مرتفعة لعائلة الضابط التي أسقطت خصومتها القانونية عن القاتل، وأنهت الخلاف مع عائلته.
هنيبعل القذافي أمام القضاء اللبناني غدًا لاستجوابه في قضية إخفاء الصدر
خطفته عصابة سليمان الأسد في سوريا.. وسلّمته لأشخاص مستفيدين في لبنان
هنيبعل القذافي أمام القضاء اللبناني غدًا لاستجوابه في قضية إخفاء الصدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة