مطعم الاسبوع: «ساليز».. يعجن الغرب والشرق بحلوياته

متجر أنيق يحمل مذاق «لو نوتر» الباريسي إلى عمّان

سالي حققت حلم الطفولة من خلال متجرها المميز، ساليز عنوان الحلوى الأنيقة في عمّان، حلوى على شكل زهرة، متجر يعكس روح صاحبته الشابة.
سالي حققت حلم الطفولة من خلال متجرها المميز، ساليز عنوان الحلوى الأنيقة في عمّان، حلوى على شكل زهرة، متجر يعكس روح صاحبته الشابة.
TT

مطعم الاسبوع: «ساليز».. يعجن الغرب والشرق بحلوياته

سالي حققت حلم الطفولة من خلال متجرها المميز، ساليز عنوان الحلوى الأنيقة في عمّان، حلوى على شكل زهرة، متجر يعكس روح صاحبته الشابة.
سالي حققت حلم الطفولة من خلال متجرها المميز، ساليز عنوان الحلوى الأنيقة في عمّان، حلوى على شكل زهرة، متجر يعكس روح صاحبته الشابة.

يمثل متجر «ساليز» الأنيق الذي افتتح مطلع الشهر الماضي في غرب العاصمة الأردنية عمّان تجربة ناجحة لشابة لطالما عشقت صنع الحلويات. فبعد مثابرة ودراسة واجتهاد، استطاعت العشرينية سالي الحسيني تحقيق حلم طفولتها بنقل مشروعها من المنزل إلى متجر مميز للحلويات لتصنع اسما بين الرواد الأردنيين.
تؤكد سالي لـ«الشرق الأوسط» أنها ومنذ نعومة أظافرها، كانت أسيرة الحلويات بشتى أشكالها ورائحتها ومذاقها، إذ تقول: «تمرّ بخيالي صورٌ من الماضي، أبتسم لها عندما أتذكر سنواتي الأولى في الحضانة، وأنا أركض مهرولة خلف معلمتي إلى المطبخ، وهمي الوحيد التقاط عجينة وتكييفها حسب الشكل الذي أريد ولم أُعِر يومًا لاتساخ يدي اهتماما، فلا السكر ولا بقايا العجين كانت تزعجني». وتضيف سالي: «وبعد انتهاء عملية هندسة شكل العجين ووضعه في الفرن، كانت المعلمة تدخل إلى الصف والصينية بين يديها مليئة ببسكويت من صنع أيدينا، كم كان قلبي يخفق فرحًا ويذوب حبًا وافتخارًا بما أنجزته يداي».
واليوم، لا يزال ينتاب سالي الشعور ذاته كلما دخلت المطبخ لتحضير الحلويات وخبزها. إلا أن الفرق الوحيد يكمن في أنّها اكتشفت سر سعادتها الحقيقي المتمثل في ملامح وجوه متذوقي حلوياتها والبسمة تغمر شفاههم لحظة قضمها. وتقول: «الخليط بين حبي لصناعة الحلويات وبين إعجاب المقربين والأصدقاء بها، دفعني لاستغلال هذا الشغف لأبدأ مشروع (ساليز)».
ولم يكن درب سالي إلى النجاح معبدا بالسكر مثل معجناتها، إذ واجهت صعوبات كثيرة، ومتطلبات عدة لكن العامل الأساس الذي ساعدها في السير قدمًا هو المثابرة على تحقيق حلم الطفولة. وعند تخرجها من المدرسة، شرعت سالي في رحلتها الأكاديمية العليا لتنال شهادة جامعية في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم توجهت إلى فرنسا وتحديدًا إلى العاصمة باريس للالتحاق بمدرسة «لو نوتر» العريقة، للحصول على الخبرة اللازمة في تحضير الحلويات الفرنسية والأوروبية. وبعد ذلك قررت سالي العودة لموطئ قدمها لتوظيف الخبرات التي اكتسبتها في إدارة الأعمال و«لو نوتر» في حياتها المهنية.
وفي بادئ الأمر، انطلق مشروع «ساليز» من المنزل، وردًا على سؤال، كيف استطاعت نقله إلى متجر مستقل، قالت: «بعد عودتي إلى بلدي الأردن، باشرت تطوير خبراتي العملية بتحضير طلبيات من منزلي، لاكتساب مزيد من المهنية، حيث بدأت بتطبيق مختلف وصفات الحلويات الأجنبية، وتحديدًا الفرنسية منها، لامتلاك قدرة الإبداع في ابتكار وصفات جديدة».
واستطردت: «لم أبدأ المشروع فورا، بل تريثت وذهبت للعمل في أحد المتاجر المحلية المشهورة بصناعة الحلويات في عمان». وعن هذه التجربة تقول: «لعبت هذه التجربة دورًا مهمًا في تطوير قدراتي على تحضير الحلويات ولتزيد قناعتي في بدء مشروع الطفولة الخاص بي».
وبعد اكتساب الثقة الكافية وتطوير استيعاب لسوق الحلويات الأردنية إلى جانب القدرة على التفنن في الوصفات وتطويرها، بل وابتكار الجديد منها إرضاءً لجميع الأذواق، افتتحت الحسيني متجرها «ساليز». واستطاع في أقل من شهر جذب زبائن منتظمين وجدد.
ليس مشروع سالي الأول من نوعه في الأردن، لكن ما يميزه عن غيره بحسب سالي أن المتجر «يسعى إلى توفير النوعية الأفضل بأنسب الأسعار، أي بتقديم حلويات متنوعة وبجودة عالية». واستطاعت الحسيني تطوير حلويات تمزج بين المذاقات الأجنبية والعربية، عن طريق توظيف خبراتها في تحضير المعجنات الفرنسية، وبإضافة نكهات عربية تزيد حلوياتها تميزا واختلافا. ولذلك تبنت سالي عبارة «Making a sweet difference»، أو «إحداث تغيير في عالم الحلويات» لتكون شعار متجرها.
كما يتميز شعار «ساليز» بدوائر ملونة كحلوى «الماكارون» مرسومة تحت اسم المحل. ويشتهر «ساليز» بصنع تلك الحلويات الفرنسية بنكهات جديدة. كما تضم قائمة الحلويات حلوى «التارت» بمختلف أنواعها وقوالب الجاتو والمعجنات الصغيرة وحلويات غير اعتيادية مثل كعكة الشاي الأخضر «ماتشا» والشاي الأسود «إيرل غراي». ويوفر المتجر أيضا بعض المعجنات المالحة كالكروسان المحشي بالزعتر أو الجبنة.
وعن طموحاتها المستقبلية لمشروع «ساليز»، تقول الحسيني: «نحن على أمل أن يصبح متجر (ساليز) معروفًا على المستوى المحلي في الأردن أولّا، ثمّ في الشرق الأوسط، وأطمح أن يذاع سيطه في جميع أنحاء العالم، وأنا على يقين بذلك، وبمساعدة فريق العمل سنعمل بكد ومثابرة ليصبح علامة تجارية فارقة وسلسلة عالمية».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».