ميليشيا الحوثي تقتحم «المؤسسات المالية» وتخطف العاملين

رسالة قيادي في حزب صالح تكشف تورطهم في هذه الحرب

ميليشيا الحوثي تقتحم «المؤسسات المالية» وتخطف العاملين
TT

ميليشيا الحوثي تقتحم «المؤسسات المالية» وتخطف العاملين

ميليشيا الحوثي تقتحم «المؤسسات المالية» وتخطف العاملين

في تطور ملحوظ لحالة ميليشيا الحوثي وتخبطها في إقليم تهامة، قامت مجاميع من الميليشيا وعلى مدار يومين في اقتحام مؤسسات الصرافة و«مؤسسات مالية» بالحديدة ونهب ما بها من أوراق مالية، وخطف العاملين في تلك المؤسسات واقتيادهم إلى مواقع مجهولة دون معرفة سبب اعتقالهم وهم يؤدون مهامهم الوظيفية.
هذا التوجه نحو المؤسسات المالية، دفع مؤسسات الصرافة العاملة في تهامة إلى توخي الحذر، بينما أغلقت كل المؤسسات المالية في الحديدة أبوابها خوفا من عمليات اقتحام مباشرة على مؤسساتها، وتحسبا من أي ردة فعل للموظفين قد يعرض حياتهم للخطر، خاصة وأن عدد العاملين في هذه المؤسسات كبير.
إغلاق هذه المؤسسات أبوابها، قد يدفع بإقليم تهامة، الذي يعيش معاناة اقتصادية كبيرة بسبب سيطرة ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح على مقدرات الإقليم والمؤسسات الحكومية، إلى أزمة مالية كبيرة تعد الأولى التي يتعرض لها الإقليم، الذي يعتمد نصف سكانها على تحويلات الأموال من ذويهم الذين يعملون في منطقة الخليج العربي، لتساعدهم على الوضع المعيشي.
وقال مختصون إن الإقليم ومن خلال السيطرة المحكمة من قبل الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح وميليشيا الحوثيين على مصادر الدخل والقطاعات الخدمية «الكهرباء، الماء، النفط والغاز»، والآن على المؤسسات المالية، سيتسبب ذلك في كارثة إنسانية في المقام الأول، وذلك بسبب عدم قدرة سكان الإقليم لشراء احتياجاتهم اليومية وعدم توفير القوت اليومي، إذ كان غالبية السكان يعتمدون على هذه التحويلات وبعض المدخرات في تصريف حياتهم اليومية.
في سياق متصل، ما زالت ميليشيا الحوثي والحرس الجمهوري، تشن حملة اعتقالات موسعة على قيادات في الأحزاب السياسية، ومسؤولين سابقين، إضافة إلى المداهمات وسرقة المحتويات التي كان آخرها منزل محافظ الحديدة السابق والبرلماني «صخر الوجيه» في قرية المدمن شرق مدينة زبيد، إضافة إلى ملاحقة كل القيادات في حزب الإصلاح واقتحام منازلهم تحت ذريعة البحث عن أسلحة ومقاومين لوجودهم في تلك المنازل.
وهنا يقول عبد الحفيظ الخطامي، الناشط الاجتماعي لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى رسالة من أحد قيادات الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح يصف فيها معاناتهم وارتكاب جرائم متنوعة في حق سكان إقليم تهامة، وأنهم تورطوا في هذه الحرب.
وكشفت الرسالة، بحسب الخطامي، خيبة الأمل التي يعيشها حزب علي صالح، الذي كان يمني النفس بأن يحكم تهامة، وأن تكون الحديدة عاصمة لحكمهم، إلا أن هذه الاتفاقيات والوعود لم تنفذ، لأن ما يحدث هو العكس في تسلم مقاليد الحكم في الإقليم من قبل «بني مزيد من صعدة وصنعاء وعمران»، ويتضح ذلك جليا بإقالتهم مدير البحث الجنائي في الحديدة، ووضع مكانه أحد قادة الحوثيين، وهكذا على بقية الإدارات السيادية في تهامة، بينما تم توظيف قرابة 55 شخصا في قطاعات مختلفة لضمان سيطرتهم على الحكم.
ويبدو، وفقا للخطامي، أن الخلاف بدأ يدب بين الفصيلين، الذي يتضح في مضمون الرسالة، إذ يشير القيادي على الخلاف الكبير في تعيين محافظ الحديدة، وسيطرته على المال في المدينة، خاصة وأن أكثر من 400 شخص من أبناء المحافظة مهددين بالفصل في غضون أيام، بسبب رغبته في حجر هذه الرواتب لنفسه من خلال سرقة أكثر من 10 ملايين رواتب هذه العمالة.
وحملت الرسالة، التي تلقاها الخطامي، الكثير من المشاهد والصور لانتهاك الميليشيا بالتعاون مع الحرس الجمهوري لحقوق الإنسان وقتل الأبرياء، وهو ما رفضه على حد قوله بعض قيادات المؤتمر الموالي لعلي صالح، إلا أن انتقاداتهم وجهت بالتهديد، إضافة إلى كثير من الخيانات التي وقعت بين قيادات موالي لعلي صالح قامت ببيع إقليم تهامة والحديدة على وجه الخصوص إلى ميليشيا الحوثيين بمبالغ مالية كبيرة، وتم تهريبهم خارج البلاد.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.