انتقد مجلس حقوق الإنسان المغربي أمس قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي أعدته الحكومة، وقال إنه جاء أقل من مستوى التطلعات حتى برأي أحزاب مكونة للغالبية. وأنجز المجلس مجموعة من التوصيات لإعادة النظر في القانون الذي كان قد أثار جدلا واسعا، وحمل الدولة بشكل كامل مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على الظاهرة، بدءا من التحقيق في أفعال العنف وسن العقوبات اللازمة وتعويض الضحايا.
وكانت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية قد عرضت القانون الذي أعد بشراكة مع وزارة العدل على المجلس الحكومي في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بيد أنه جرى التحفظ عليه، وأعلن عن تشكيل لجنة يرأسها عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، لمراجعة نص القانون الذي ما زال قيد الدرس. وأقر ابن كيران نفسه بأن القانون اعترضت عليه أحزاب داخل التحالف.
وكانت نتائج بحث وطني حول انتشار العنف ضد النساء أنجزته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2009، وشمل النساء المتراوحة أعمارهن بين 18 و64 سنة، كشفت أن نحو ستة ملايين امرأة مغربية تعرضن لشكل من أشكال العنف في فترة ما من حياتهن.
وتضمن القانون إجراءات زجرية ضد الأزواج الممارسين للعنف ضد زوجاتهم، لا سيما وأن الإحصاءات أثبتت أن العنف الزوجي يحتل المرتبة الأولى في البلاد، كما يتضمن تدابير رادعة للحد من ظاهرة التحرش الجنسي. وغيرها من التدابير التي تهدف إلى حماية المرأة، بيد أن هذه الإجراءات لم تكن كافية في نظر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو الرأي نفسه الذي عبرت عنه الجمعيات النسائية التي انتقدت القانون بشدة.
وفي هذا السياق، قال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن قانون محاربة العنف ضد النساء الذي أعدته الحكومة وجهت إليه انتقادات حتى من داخل أحزاب الغالبية لأنه جاء أقل من مستوى الظاهرة، مشيرا إلى أن القانون يحتاج إلى تعميق بشأن عدد من البنود وعلى رأسها تحديد واضح ودقيق للعنف، بالإضافة إلى إدراج العناية الواجبة للدولة لمنع العنف ضد النساء، وقال إنه يأمل أن تؤخذ توصيات المجلس بعين الاعتبار عند إعادة صياغة القانون.
وأوضح اليزمي، الذي كان يتحدث أمس خلال لقاء صحافي خصص لعرض مذكرة المجلس بشأن القانون، أن العنف ضد النساء ينبغي أن لا يتحول إلى موضوع للمزايدات السياسية، بل أن يكون موضوع إجماع وطني وتعبئة من مختلف الفاعلين، وذلك حتى يجري تنفيذ مقتضيات الدستور الذي يحظر التمييز على أساس الجنس.
وفي هذا السياق أوصى المجلس باعتماد التعريف الدولي للعنف القائم على النوع كما كرسته المعايير الدولية ذات الصلة، أي وجوب اعتبار العنف ضد المرأة انتهاكا لحقوق الإنسان وتمييزا قائما على أساس الجنس. ويستهدف هذا العنف جميع الفئات العمرية وجميع الأماكن سواء في البيت وداخل الأسرة وفي مقر العمل والمؤسسات التعليمية وأماكن الحرمان من الحرية والأماكن العامة، كما يمكن أن يرتكب من قبل شخص ذاتي أو معنوي أو من طرف موظفي الدولة.
كما أوصى المجلس بتحديد مسؤولية الدولة في محاربة العنف القائم على النوع، إذ يتعين على الدولة المغربية أن تجتهد في درء أفعال العنف عن المرأة والتحقيق فيها والمعاقبة عليها، وفقاً للقوانين الوطنية، سواء ارتكبت الدولة هذه الأفعال أو ارتكبها أفراد.
وتواجه النساء المغربيات عند التبليغ عن العنف الممارس ضدهن صعوبة كبيرة في إثباته، لا سيما إن كان من قبل الأزواج.
وحث المجلس الحكومة على اتخاذ جميع التدابير التشريعية والتنظيمية من أجل الامتناع عن ارتكاب جميع أفعال العنف ضد النساء والفتيات، وإبداء العناية الواجبة لمنع أفعال العنف التي يرتكبها الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون والتحقيق فيها ومعاقبة فاعليها وتقديم التعويض للضحايا، بالإضافة إلى العمل على أن تتصرف السلطات العمومية وموظفو الدولة ومؤسساتها وفقا لهذا الالتزام.
وأوصى المجلس بالتنصيص بشكل دقيق على اعتبار أفعال العنف العمدي ضد النساء والفتيات، بما فيها المرتكبة من طرف الأزواج، جريمة، لا سيما الأفعال التي لا يجرمها التشريع الجنائي الحالي أو لا يحددها بوضوح. والتأكد من أن تعاقب هذه الجرائم بعقوبات فعالة، متناسبة ورادعة، تبعا لجسامتها والضرر اللاحق بالضحايا.
كما طالب المجلس بحماية حقوق ومصالح الضحايا من النساء في جميع مراحل البحث والتقاضي، واتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية لتمكينهن من الحصول بكيفية ميسرة وفي وقت مناسب على تعويض عن الضرر الذي لحق بهن.
وألقى المجلس على عاتق الدولة أيضا مسؤولية تغيير الصور النمطية والأفكار المسبقة والممارسات القائمة على تكريس فكرة دونية المرأة أو على تحديد أدوار نمطية للنساء والرجال.
من جهة أخرى، قام وفد من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مكون من الدكتور محمد النشناش والدكتورة نادية بلقاري وسعيد البكري، أخيرا بزيارة السجن المحلي في مدينة سلا المجاورة للرباط قصد الاطلاع على الحالة الصحية للانفصالي الصحراوي نعمة الاصفاري المحكوم بالسجن مدة 30 سنة في قضية مخيم «أكديم إزيك».
وقال بيان صادر عن المنظمة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن حالة الاصفاري جيدة ولا يشتكي من أي مرض أو سوء معاملة، بل يتمتع بكل الحقوق المعترف بها من زيارات وممارسة الرياضة والعلاج الطبي والدراسة.
وأضاف البيان أن الاصفاري عبر للوفد عن استيائه من الحملات التي تستغل اسمه في المدة الأخيرة، في إشارة إلى تداعيات الأزمة الدبلوماسية المغربية - الفرنسية الأخيرة، الناتجة عن دعوى رفعتها جمعية مسيحية مناهضة للتعذيب ضد مدير المخابرات الداخلية المغربية عبد اللطيف حموشي.
وأكد الاصفاري للوفد الحقوقي أن الحوار الجاد يعد أحسن وسيلة لإيجاد الحلول الملائمة للقضايا المطروحة، وعبر عن استعداده للمشاركة في هذه المبادرة.
مجلس حقوق الإنسان المغربي يحمل الدولة مسؤولية محاربة العنف ضد النساء
انفصالي صحراوي مدان في قضية «أكديم إزيك» مستاء من الحملات المستغلة لاسمه في فرنسا
مجلس حقوق الإنسان المغربي يحمل الدولة مسؤولية محاربة العنف ضد النساء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة