أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الغابوني علي بانغو أونديمبا أمس بالقصر الرئاسي في ليبرفيل مباحثات على انفراد.
وكان الملك محمد السادس قد حل مساء أول من أمس بالغابون، في زيارة عمل وأخوة، المحطة الأخيرة في جولة أفريقية قادته إلى كل من مالي وساحل العاج وغينيا كوناكري.
وفي بادرة تهدف إلى التعزيز المستديم للأمن الغذائي في القارة الأفريقية، ترأس الملك محمد السادس، والرئيس الغابوني، أمس، حفل التوقيع على الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية وجمهورية الغابون في مجال الأسمدة.
وتعكس هذه الشراكة ذات الحمولة الاستراتيجية الإرادة السياسية القوية لقائدي البلدين، كما تندرج في إطار التعاون جنوب - جنوب، المتضامن والفعال.
ويعد هذا المشروع، بحق، الأول من نوعه على عدة مستويات ومن شأنه التمكين من إبراز ريادة أفريقية حقيقية في مجال تثمين الفلاحة في قارة نحو 80 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة غير مستغلة.
ويهدف المشروع إلى إنتاج أسمدة فعالة من الفوسفات والأمونياك ملائمة لخصوصيات مختلف النظم الإيكولوجية للأراضي الأفريقية، ومماثلة للأنظمة الإيكولوجية الموجودة في قارات أخرى، وكذا تثمين، من الآن فصاعدا، المؤهلات الفلاحية لفائدة التنمية البشرية المستديمة. وستبلغ الطاقة الإجمالية للإنتاج مليوني طن من الأسمدة في السنة، ابتداء من سنة 2018. وسيجري تصديرها بالدرجة الأولى إلى الدول الأفريقية.
ويجعل الطلب القوي على أسمدة ملائمة ومتاحة، حجم الاستغلال قد يصل إلى ثمانية ملايين طن في السنة، كما سيتيح، في المستقبل، إقامة الكثير من الوحدات الصناعية المندمجة من هذا القبيل في هذه المنطقة بل وحتى في الشرق الأفريقي.
وقدم مصطفى التراب الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات، عرضا على الشاشة حول هذه الشراكة القائمة على مبدأ اندماج الموارد الطبيعية التي يزخر بها البلدان (الفوسفات والغاز).
وتهم هذه المبادرة إحداث وحدات لإنتاج الأسمدة. الأولى في الغابون، وتتعلق بوحدة لإنتاج الأمونياك (انطلاقا من الغاز الغابوني)، هي الأولى من نوعها بهذه المنطقة والتي ستزود بالدرجة الأولى الأسواق المجاورة، وحدة لإنتاج الأسمدة. والثانية في المغرب، وتتعلق بوحدتين لإنتاج الحامض الفسفوري انطلاقا من الفوسفات المغربي حيث جرى بالفعل تحديد مصدره ألا وهو حوض أولاد عبدون بمنطقة خريبكة، ووحدة لإنتاج الأسمدة.
وستساهم هذه المبادرة في إحداث أزيد من خمسة آلاف منصب شغل مباشر وغير مباشر في الغابون والمغرب. وستجري مواكبتها منذ البداية بمقاربة إرادية لاستباق حاجيات التكوين المهني بالنسبة للأشخاص المعنيين.
كما ستجري مواكبة هذه الشراكة، بتبادل الخبرات في مجال التكوين الأكاديمي، وترسيخ تقاسم التكنولوجيا والمهارات والبحث والتنمية بين البلدين، وخصوصا عبر جامعة محمد السادس للبوليتكنيك ومدرسة التدبير الصناعي التابعة لها.
وسيجري تدعيم هذا المشروع، بعدد من التدابير والإجراءات السوسيو - اقتصادية المواكبة، من خلال تنشيط نسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإحداث منظومة إيكولوجية للمناولة حول المشروع، على غرار مركب الجرف الأصفر (جنوب الدار البيضاء).
ويتضمن المشروع، منذ تصوره، إدماج بعد الحفاظ على البيئة، بشكل قوي، (الطاقات المتجددة، وأحدث المعايير البيئية).
ومن أجل إطلاق هذه الشراكة، فإن بروتوكول الاتفاق، لمدة تسعة أشهر، الذي جرى توقيعه بين الطرفين المغربي والغابوني، سيمكن الجانبين من مباشرة الدراسات الضرورية لبدء إنجاز المشروع.
ووقع اتفاق الشراكة، عن الجانب المغربي، مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، وعبد القادر عمارة وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، ومصطفى التراب الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات، ووقعها عن الجانب الغابوني ريجي إيمونغولت تاتاغاني وزير المعادن والصناعة والسياحة، وإيتيان ديودوني نغوبو وزير البترول والمحروقات، وفابريس نزي - بيكال المدير العام للشركة الاستوائية للمعادن.
أكد الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات أن الشراكة الاستراتيجية المندمجة في مجال الأسمدة ستعود بالنفع على القطاع الفلاحي بأفريقيا.
وأضاف التراب في عرض قدمه على الشاشة، بهذه المناسبة، أمام العاهل المغربي والرئيس الغابوني، وتضمن الخطوط العريضة لهذه الشراكة، أن هذه الأخيرة ستساهم أيضا في وضع أسس متينة لصناعة مندمجة خلال مختلف مراحل إنتاج الأسمدة، ومراكمة كفاءة وخبرة صناعية تمكن من الاستجابة المسبقة لمتطلبات الحفاظ على الأنظمة البيئية، وكذا وضع تدابير بشكل إرادي ستساعد على نسج شراكة صناعية جديدة بما في ذلك الجوانب السوسيو - بيئية.
وأشار التراب إلى أن هذه الشراكة الاستراتيجية، الفريدة من نوعها والتي سيتم بمقتضاها إنشاء وحدات لإنتاج الأسمدة توجه للسوق الأفريقية، تستند على تكامل قوي بين البلدين في مجال الموارد الطبيعية. وفي هذا السياق، أكد التراب، أن هذا التكامل القوي يتجسد بوضوح من خلال الموارد التي يزخر بها البلدان، والمتمثلة أساسا في توفر المغرب على أهم الاحتياطات العالمية من الفوسفات، وكذا وجود ثروات نفطية بالغابون. وسجل أن «أفريقيا تصدر تقريبا كل ما تنتجه من العناصر الغذائية، وتستورد النسبة الكبيرة من احتياجاتها من الأسمدة»، موضحا أن نصيب القارة الأفريقية من حجم الاستهلاك العالمي من الأسمدة لا يتعدى نسبة ثلاثة في المائة. وأشار الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفات إلى أن هذا الاستعمال الضعيف للأسمدة يؤدي إلى تسجيل «مردود فلاحي ضعيف، مقارنة مع ما يتم تسجيله في مناطق أخرى من العالم، رغم كون القارة الأفريقية تتوفر على مؤهلات حقيقية لتحقيق ثورة خضراء».
وأكد أنه رغم هذه الوضعية، فإن «أفريقيا تتوفر على ما يكفي من الإمكانيات التي تؤهلها للرفع، في غضون سنوات، وبما لا يقل عن خمس مرات، من إنتاجها من الأسمدة».
من جهة أخرى، قام الملك محمد السادس والرئيس الغابوني بانغو أونديمبا، أمس أيضا بزيارة المركز الاستشفائي الجامعي (أغوندجي) في ليبرفيل. وخلال هذه الزيارة قام قائدا البلدين بجولة بمختلف أقسام ومصالح المركز من بينها معهد علاج السرطان الذي يعد ثمرة شراكة بين مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان ومؤسسة سيلفيا بونغو أونديمبا. ووضعت مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان رهن إشارة معهد علاج السرطان بليبرفيل بشكل دائم اختصاصيين في العلاج بالأشعة بالإضافة لفيزيائيين وتقنيين.
وكانت مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان قد أشرفت على تكوين في المغرب لفائدة عشرة أطباء مختصين و80 تقنيا غابونيا، إضافة إلى وضع برنامج للوقاية والتشخيص القبلي لسرطانات الثدي وعنق الرحم، فضلا عن منح هبة عبارة عن أدوية موجهة للأطفال المصابين بالسرطان.
المغرب والغابون يوقعان على شراكة استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا
الملك محمد السادس والرئيس بانغو يجريان مباحثات.. ويزوران مركزا استشفائيا في ليبرفيل
المغرب والغابون يوقعان على شراكة استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة