تركيا تسبب خلافات داخل العراق.. والعبادي يتخذ خطوات لحفظ السيادة

أنقرة أوقفت إرسال قواتها.. لكنها لن تسحبهم من البلد

تركيا تسبب خلافات داخل العراق.. والعبادي يتخذ خطوات لحفظ السيادة
TT

تركيا تسبب خلافات داخل العراق.. والعبادي يتخذ خطوات لحفظ السيادة

تركيا تسبب خلافات داخل العراق.. والعبادي يتخذ خطوات لحفظ السيادة

انتهت المهلة التي حددتها بغداد لأنقرة بسحب قواتها التي توغلت بعمق 100 كيلومتر داخل الأراضي العراقية، حيث خول التحالف الوطني رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي باتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على أمن البلاد من بينها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، واتخاذ إجراءات اقتصادية إذا لم تنسحب القوات التركية من العراق.
وأعلن بيان صادر عن مكتب رئيس التحالف إبراهيم الجعفري، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «بقيادة الجعفري، بحث اجتماع للهيئة القياديّة للتحالف الوطنيِّ، أول من أمس، المستجدات السياسية، والقضايا المصيريّة التي تواجه العراق في الوقت الراهن، ومن أهمِّها مناقشة دخول القوات التركيّة إلى الأراضي العراقيّة، وما ترتب عليها من انتهاك لسيادة البلد، وخرق واضح لعلاقات حُسن الجوار، ومناقشة قرارات مجلس الأمن الوطني العراقي بهذا الشأن والذي أمهل القوات التركيّة 48 ساعة للانسحاب الفوري من الأراضي العراقيّة».
وأكد البيان أن «المجتمعين اتفقوا على تخويل رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بالتصدي لإدارة الأزمة وفقًا لصلاحيّاته الدستوريّة، والقانونيّة، ولاتخاذ الإجراءات الضروريّة كافة، للحفاظ على أمن وسلامة البلد. ومن بينها اللجوء إلى مجلس الأمن الدوليِّ، والجامعة العربيّة، إضافة إلى إمكانيّة اتخاذ إجراءات اقتصاديّة إذا ما استمرَّ الجانب التركي في المماطلة، وعدم الالتزام بمُقتضَيات حُسن الجوار، والسحب الفوري للقوات التركيّة».
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية التركية إن «تركيا أوقفت إرسال قوات إلى شمال العراق في الوقت الراهن»، إلا أنها لن تسحب الجنود الموجودين هناك بالفعل، وذلك بعدما طلبت بغداد سحب الجنود الذين أرسلوا إلى منطقة قرب الموصل الخاضعة لتنظيم داعش.
وأعرب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس، أنه «يريد زيارة بغداد بأسرع وقت ممكن في محاولة لتهدئة الخلاف بشأن نشر القوات التركية». وتابع أوغلو أن «القوات التركية توجهت للعراق للحماية من هجوم محتمل من تنظيم داعش، وإن من فسروا وجودها بشكل مختلف ضالعين في (استفزاز متعمد)».
وعلى صعيد متصل، أعلن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب عن «ائتلاف الوطنية» كاظم الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تأجيل عقد جلسة البرلمان إلى اليوم، بسبب عدم قدرة نواب التحالف الكردستاني وأغلب نواب تحالف القوى الوطنية على حضور الجلسة بسبب تعليق الطيران من وإلى كردستان لمدة 48 ساعة»، مشددًا على أن «الأمر لا يتعلق بسبب سياسي أو مقاطعة للجلسة من أي طرف».
وردًا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك خلاف داخل البرلمان أو لجنة الأمن والدفاع بشأن توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية، قال الشمري إن «هناك شبه إجماع ولا أقول إجماعًا كاملاً، إذ إن بعض الشخصيات من بعض الكتل لديهم وجهة نظر أخرى تقوم على تأكيد أن هذا الأمر ليس جديدًا حتى تحصل هذه الضجة. وأن القوة التي دخلت هي لاستبدال قوة موجودة أصلاً كما يوجد تنسيق لمقاتلة تنظيم داعش مع الجانب التركي».
وأضاف الشمري أنه «في الوقت الذي يمكننا فيه مناقشة كل وجهات النظر هذه على حدة، فإن المبدأ الذي يجب أن نحافظ عليه هو الوحدة الوطنية التي تمثلها الحكومة المركزية، وبالتالي فإننا في الوقت الذي نريد فيه وقوف تركيا إلى جانبنا لمواجهة (داعش) لكننا نريد أن يكون التنسيق ليس مع محافظ نينوى أو إقليم كردستان بل مع الحكومة الاتحادية في بغداد». وبشأن الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها العراق، لا سيما أن أنقره أعلنت رفضها الانسحاب من الأراضي العراقية في الوقت الحالي. وقال الشمري إن «الخيار العسكري مستبعد تمامًا في الوقت الحاضر، لكن لدى العراق خيارات سياسية منها استدعاء السفير العراقي في تركيا، والتوجه نحو الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي لأننا في الوقت الذي نريد الضغط على تركيا لاحترام سيادة العراق، فإننا نريدها أن تكون إلى جانبنا في مواجهة تنظيم داعش».
ومن جانبه، قلل مصدر مطلع داخل إحدى كتل التحالف الوطني من أهمية ظهور العبادي داخل مقر قيادة القوة الجوية، داعيًا إياها إلى التأهب والاستعداد للدفاع عن العراق.
وقال المصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته إن «الاجتماع الذي عقدته الهيئة السياسية للتحالف الوطني بشأن التدخل التركي في العراق، لم يشهد انقسامًا بشأن أهمية الوقوف ضد هذا التدخل». وتابع: «وبحزم بصرف النظر عن أي تبرير بشأن كون هذه القوة موجودة في إطار اتفاق سابق مع نظام صدام حسين، أو إنها جاءت بناء على دعوات من بعض الأطراف وبالذات محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني».
وأكد المصدر أن «الخلافات برزت بشأن الكيفية التي ينبغي التصدي بها لهذا التدخل حيث حصل انقسام بين من يريد الذهاب بعيدًا باتجاه المواجهة العسكرية بالاعتماد على إيران وروسيا ومن يريد أن تنحصر المواجهة في إطار التصعيد السياسي».
وأضاف أن «الجهات التي لها ارتباطات بالحشد الشعبي والفصائل المسلحة كانت الأكثر تشددًا، ومن بينها أطراف في دولة القانون بزعامة المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري بينما رأت قوى أخرى أهمية أن يكون التصعيد سياسيا في هذه المرحلة خصوصًا أن هناك سابقة، وهي قيام تركيا بإسقاط طائرة روسية ولم ترد روسيا عسكريًا رغم اقتدارها على ذلك». وأشار المصدر إلى أن «المجتمعين توصلوا إلى صيغة وسط وهي تخويلهم العبادي بالطريقة التي يراها مناسبة في إطار صلاحياته الدستورية والقانونية والتي لا تتيح له وحده إعلان حرب».
وأوضح المصدر أن «العبادي يريد أن يحصل على توافق وطني بشأن التدخل التركي داخل مجلس الوزراء، الذي يعقد اجتماعه الأسبوعي كل ثلاثاء، بحيث يضمن موافقة الكتلتين الكردية والسنية داخل المجلس حتى لا تكون المواجهة شيعية مع تركيا وهو ما يمكن أن يفيد من يريد التصعيد الطائفي».
ومن جانبه، أبدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، استغرابه من الذين يريدون قرع طبول الحرب ضد تركيا، مطالبًا في بيان له أن «يقف التصعيد ضدها على الجانب السياسي». وتساءل الصدر في بيانه: «تركيا منذ زمن وهي جاثمة على الأراضي العراقية، فلمَ صارت اليوم مثارًا للجدل ومثارًا للبيانات الرنانة التي تهدد بضرب مصالحها وأراضيها. وكأن العراق بحاجة إلى حرب جديدة تقوي من شوكة الاحتلال بل الاحتلالات وتقوي من النفوذ الداعشي الملعون».
ودعا زعيم التيار الصدري مجلس النواب إلى أن يصوت «لصالح التصعيد السياسي، دون التصعيد العسكري حاليا وكذا على البرلمان استدعاء السفير التركي لمناقشته تحت قبة البرلمان وغيرها من الخطوات السياسية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.