قتلى وجرحى بانفجار سيارتين مفخختين في حمص وحماه

تقدم نظامي في الزارة والقلمون.. وقصف حلب بالبراميل المتفجرة

مقاتل سوري لدى فراره بعد أن أطلق نيران مدفعيته باتجاه قوات تابعة للنظام في حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتل سوري لدى فراره بعد أن أطلق نيران مدفعيته باتجاه قوات تابعة للنظام في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى وجرحى بانفجار سيارتين مفخختين في حمص وحماه

مقاتل سوري لدى فراره بعد أن أطلق نيران مدفعيته باتجاه قوات تابعة للنظام في حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتل سوري لدى فراره بعد أن أطلق نيران مدفعيته باتجاه قوات تابعة للنظام في حلب أمس (أ.ف.ب)

انفجرت سيارتان مفخختان في مدينتي حمص وحماه أمس، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، تزامنا مع تقدم للقوات النظامية على جبهتي القلمون بريف دمشق والزارة في ريف حمص.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 15 شخصا على الأقل وإصابة 12 آخرين في تفجير سيارة مفخخة في حي الأرمن الذي تقطنه غالبية من الطائفتين العلوية والمسيحية في شرق مدينة حمص وسط سوريا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير المرصد رامي عبد الرحمن تأكيده أن «الضحايا معظمهم من المدنيين». ووصفت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) التفجير بـ«الإرهابي»، مشيرة إلى أنه وقع في الشارع الرئيس للحي، وأدى إلى «وقوع قتلى وجرحى وأضرار مادية في المكان».
وتزامن انفجار حمص مع انفجار آخر وقع عند المدخل الجنوبي لمدينة حماه بالقرب من مؤسسة الدواجن، وأفاد المرصد السوري بمقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من عشرين بجروح في انفجار شاحنة مفخخة بالقرب من فرع أمني عند المدخل الجنوبي لمدينة حماه في وسط سوريا. وأشار التلفزيون الرسمي السوري من جهته إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 22 آخرين في حصيلة أولية لـ«تفجير إرهابي عند مدخل حماه الجنوبي»، لافتا إلى «أضرار مادية كبيرة». وأوضح أن الانفجار وقع قرب شركة الغزل والنسيج، حوض العاصي.
ونقلت مواقع إخبارية معارضة عن ناشط من مدينة حماه، قوله إن «القوات النظامية قامت بقطع الطريق الواصل بين دوار الصابونية ودوار عين اللوزة ووصلت عدة سيارات إسعاف إلى المشفى الوطني في المدينة».
وتخضع مدينة حماه لسيطرة القوات النظامية حيث تنتشر عشرات الحواجز التابعة لها في كافة أحياء المدينة، لكن كتائب المعارضة تتمركز في بعض قرى ريفها الشرقي.
في موازاة ذلك، تواصلت المعارك العنيفة منذ أيام على الطريق الممتد بين حماه وإدلب (شمال غربي) على مستوى بلدة مورك التي استولت عليها كتائب المعارضة قبل نحو شهر، قاطعة بذلك طريق الإمدادات على القوات النظامية في معسكر وادي الضيف الواقع إلى شمال مورك. وتحاول قوات النظام استعادة البلدة لإعادة فتح الطريق الحيوي بالنسبة إليها.
وفي ريف دمشق، تواصلت المعارك العنيفة بين القوات النظامية المدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني وبين عناصر المعارضة السورية على أطراف مدينة يبرود في القلمون. وأعلن التلفزيون الرسمي السوري أمس سيطرة القوات النظامية على «مجمع وتلة القطري المشرفة على التلال الشرقية لمدينة يبرود». واتهم ناشطون معارضون في يبرود القوات النظامية بـ«اتباع سياسة الأرض المحروقة عبر القصف العنيف بالبراميل المتفجرة».
وكان القصف الجوي المركّز استمر أمس على منطقة يبرود في محاولة من قوات النظام لاستكمال الطوق على المدينة التي تعد آخر معقل يتحصن فيه مقاتلو المعارضة في منطقة القلمون الاستراتيجية. وقال المرصد إن «الطيران الحربي نفذ ثماني غارات، الثامنة منها على أماكن في منطقة ريما بمحيط مدينة يبرود».
وفي ريف حمص، تقدمت القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني إلى مدخل بلدة الزارة من الجهة الغربية في ظل اشتباكات عنيفة مع كتائب المعارضة في البلدة، تمهيدا لاقتحام البلدة ذات الغالبية التركمانية الصغيرة، في خطوة على طريق «تطهير» ريف محافظة حمص الغربي من وجود المعارضة السورية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي ميداني نظامي توقعه «دخول البلدة في مدة أقصاها 48 ساعة أو مع بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى».
وأرجع القيادي الميداني السبب الذي أدى إلى اتخاذ قرار فتح هذه الجبهة إلى «قيام المسلحين بتفجير خط نقل المحروقات العابر للبلدة والذي يقوم بتغذية المصفاة وسرقة كميات من المازوت بشكل دوري، إضافة إلى قطع أسلاك التوتر العالي للكهرباء، وازدياد تهديدات المسلحين للقرى الآمنة المحيطة». وأوضح أن «السيطرة على الزارة والحصن لاحقا تعني تطهير الريف الغربي من حمص بشكل كامل من المسلحين وعلى امتداد كافة المساحات وصولا إلى الساحل، مما يعزز أمن الطريق الدولي بين الساحل ودمشق مرورا بحمص».
في المقابل، بثت تنسيقية قرى تركمان حمص التابعة للمعارضة على صفحتها في موقع «فيسبوك» خبرا عاجلا تحدث عن «هجوم كبير لعناصر الشبيحة مع تغطية نيرانية كبيرة»، مشيرة إلى أن «عدد القتلى تجاوز العشرة». وعدت الهجوم «الأقوى على البلدة»، لافتة إلى «نداءات استغاثة تطلق من البلدة».
وبدأت قوات النظام معركة الزارة منذ أكثر من شهر. وتشكل البلدة الواقعة على بعد 53 كيلومترا غرب مدينة حمص مع ثلاث بلدات أخرى صغيرة وقلعة الحصن التاريخية، المساحة الوحيدة المتبقية في ريف حمص الغربي تحت سيطرة مسلحي المعارضة، وهي محاطة ببلدات ومدن تحت سيطرة القوات النظامية.
أما في حلب، فقد قصف الطيران المروحي النظامي مساكن هنانو الواقعة ضمن الأحياء الشرقية لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة، مما ألحق أضرارا كبيرة بالمباني والشوارع، في حين قتل أربعة مواطنين وأصيب عشرة آخرون بجروح، نتيجة قصف القوات النظامية بالصواريخ على حي السكري وحي المرجة شرق حلب.
ووثّق المشفى الميداني لبستان القصر، شرق حلب، إصابة عشرة أشخاص على معبر «كراج الحجز» إثر استهدافهم أمس من قبل قناص نظامي في حي الإذاعة.
وفي درعا، اندلعت اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة النعيمة في ريف درعا بين كتائب المعارضة والقوات النظامية، كما شهدت جبهتا فرع الأمن الجوي وحاجز الصوامع العسكري أعنف المعارك، حيث قامت القوات النظامية بإرسال تعزيزات عسكرية مؤلفة من عدة مدرعات وعشرات الجنود لفك الحصار عن الحواجز التابعة لها في المنطقة والتي يحاصرها مقاتلو المعارضة.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».