اليمين المتطرف يتقدم في انتخابات المناطق.. وعينه على {الإليزيه}

اليسار الخاسر الرئيسي في الدورة الأولى والاشتراكيون يراهنون على الاحتفاظ بباريس

زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن خلال مؤتمر صحافي ليل أمس (أ.ف.ب)
زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن خلال مؤتمر صحافي ليل أمس (أ.ف.ب)
TT

اليمين المتطرف يتقدم في انتخابات المناطق.. وعينه على {الإليزيه}

زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن خلال مؤتمر صحافي ليل أمس (أ.ف.ب)
زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن خلال مؤتمر صحافي ليل أمس (أ.ف.ب)

يعتزم اليمين المتطرف الفرنسي غداة تقدمه التاريخي في الدورة الأولى من انتخابات المناطق طرح نفسه في موقع قوة كبديل للسلطة الحالية، ملقيا بثقله في اتجاه ترشيح زعيمته مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية عام 2017.
ويمكن تلخيص نتائج الدورة الأولى من الانتخابات بأن الخاسر الأول هو رئيس الجمهورية الحالي فرنسوا هولاند، الذي كان يطمح إلى ولاية ثانية بمناسبة الانتخابات الرئاسية ربيع عام 2017، وحكومته والحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام.
لكن ميزان القوى السياسية، كما أفرزته الدورة الأولى، من شأنه أن يخفف من حماسته إذا كان حزب الجبهة الوطنية واصل التربع على الموقع الأول، وبالتالي مصادرة تسمية «أول حزب في فرنسا». وبينت النتائج النهائية للدورة الأولى أنه حاز على 28.42 في المائة من الأصوات، تاركا المرتبة الثانية لحزب اليمين «الجمهوريون» وأحزاب الوسط المتحالفة معه التي حصلت على 26.85 في المائة من الأصوات.
أما اليسار الاشتراكي الحاكم فقد تقلصت شعبيته ليتراجع إلى الموقع الثالث حيث حاز على 23.47 في المائة من الأصوات. وبعد أن كان يسيطر على الأكثرية الساحقة من المناطق، نجح في التقدم في ثلاث منها فقط بينما هيمنت الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبن على ست مناطق واليمين الكلاسيكي على أربع منها فقط. ويراهن الاشتراكيون على الاحتفاظ بمنطقة باريس التي يخوض غمار معركتها كلود برتولون، رئيس الجمعية الوطنية.
وسيصل هولاند الذي خسر حزبه الاشتراكي كل الانتخابات منذ ربيع عام 2012 إلى الانتخابات الرئاسية منهكا ما دام لم ينجح في تحقيق نجاحات اقتصادية واجتماعية، أهمها في محاربة البطالة حيث فرنسا، الدولة الصناعية الغربية الكبرى الوحيدة، حيث البطالة تتجاوز 11 في المائة. وإذا أضيفت إلى هذه الآفة مخاوف الفرنسيين من الهجرات غير الشرعية وتدفق مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا واستفحال ظاهرة «الإرهاب الجهادي» وربطه بـ«الإسلام الراديكالي» لوجدنا في كل ذلك المزيج المتفجر الذي أتاح لحزب مكارين لوبن أن يكون الرابح الأكبر في الدورة الأولى من الانتخابات.
أما الخاسر الثاني في الانتخابات فهو بلا شك نيكولا ساركوزي، رئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب «الجمهوريون»، العمود الفقري للمعارضة اليمينية وخصوصا الأكثر استعجالا للعودة إلى قصر الإليزيه. وكان ساركوزي يتمنى أن تكون انتخابات المناطق الرافعة التي ستوصله إلى الرئاسة من خلال الموجة اليمينية التي كان ينتظر لها أن تكتسح مواقع اليسار. والحال، أن نتائج حزبه وحلفائه لم تكن على مستوى طموحاته، وعاد لترؤس «الجمهوريون» ليجعل من هذا الحزب ماكينة الحرب التي يحتاج إليها للمعركة الكبرى. لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال، فمن ناحية لم يستطع أن يكون «السد المنيع» كما وعد بوجه مارين لوبن، ومن جهة ثانية فشل في أن يفرض نفسه زعيما لا منازع له لليمين إذ ينافسه على الزعامة رئيسان سابقان للحكومة، هما آلان جوبيه وفرنسوا فيون، فضلا عن طموحات سياسيين إضافيين، هما وزير الزراعة السابق برونو لومير ونائبة رئيس الحزب ناتالي كوسيوسكو موريزيه.
والأهم من ذلك أن نتائج المرحلة الأولى بينت أن ساركوزي «ليس الرجل المنقذ»، إذ تراجع «الجمهوريون» إلى المرتبة الثانية. وجاء قرار المكتب السياسي، أمس، للحزب الرافض لأي تنازل لليسار في المناطق التي حل فيها في المرتبة الثالثة، ليبين أنه يتمسك بمصالح حزبه أكثر من تمسكه بقطع الطريق على اليمين المتطرف.
أما المنتصر في هذه المعركة فهو بلا شك حزب الجبهة الوطنية الذي حقق أرقاما قياسية لم يحلم بها بتاتا، فزعيمته مارين لوبن حصلت على 40.64 في المائة من الأصوات في المنطقة العمالية بيكاردي (شمال البلد)، وهو رقم لم يصل إليه حزبها برئاسة والدها جان ماري لوبن، ولا منذ أن خلفته في القيادة.
ولم تحظَ مارين لوبن وحدها بهذه النسبة، إذ إن ابنة شقيقتها وحفيدة جان ماري لوبن والشابة ماريون مارشال لوبن حصلت على نسبة مشابهة في المنطقة الساحلية المتوسطية بما فيها واجهة الشاطئ اللازوردي.
وتفيد الإحصائيات الرسمية بأن حزب لوبن ضاعف أحيانا ثلاث مرات نسبة الأصوات التي حصل عليها، ما يبين أن أفكار اليمين المتطرف الفرنسي آخذة في التجذر في كل الطبقات الاجتماعية بما فيها طبقة الشباب والفلاحين والعمال والكادرات. والواضح أن صورة فرنسا السياسية آخذة في التغير، وتداعياتها لن تبقى داخلية، بل ستنعكس عليها في الخارج، خصوصا إذا عمدت مارين لوبن حزبها إلى تطبيق برامج تقيم الحواجز بين المواطنين وتبدو واضحة العداء لكل ما هو «أجنبي» أو «مسلم»، ما يمهد لانقسامات وصعوبات إضافية بينما المطلوب بعد الاعتداءات الإرهابية إعادة اللحمة الوطنية وإطفاء البؤر المتوترة لا إذكاؤها.



روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
TT

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

هاجمت القوات الروسية وسط العاصمة الأوكرانية بأسراب من الطائرات دون طيار ووابل من الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. وبدورها شنت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات على مناطق متفرقة داخل روسيا وتسببت في حريق اندلع بمستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو.

دمار يظهر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل 4 أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع باستخدام صواريخ «أتاكمز» التكتيكية الأميركية الصنع وصواريخ «ستورم شدو» البريطانية.

وتسبب الهجوم الروسي، السبت، في إغلاق محطة مترو لوكيانيفسكا، بالقرب من وسط المدينة، بسبب حجم الأضرار، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى عكس الهجمات السابقة على كييف، صدر تحذير بوقوع الغارة الجوية فقط بعد وقوع انفجارات متعددة وليس قبل شن الغارة.

وذكرت تقارير رسمية أنه تم استخدام صواريخ باليستية في الهجوم. وتقع محطة المترو المتضررة بجوار مصنع للأسلحة، تم استهدافه عدة مرات بضربات صاروخية روسية، كما أعلنت موسكو.

رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وطبقاً لبيان صادر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 39 طائرة دون طيار، من طراز «شاهد» وطائرات دون طيار أخرى و4 صواريخ باليستية. وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية صاروخين و24 طائرة دون طيار.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 3 آخرون في هجوم بصاروخ باليستي في وسط كييف، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، إن انفجارات دوت في سماء المنطقة قبيل الفجر بينما كانت الدفاعات الجوية تصد الهجوم. وأضاف أن 4 أشخاص لقوا حتفهم بينما أعلنت الشرطة مقتل 3. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أضراراً لحقت بمحطة مترو أنفاق وخط مياه. وواصل عمال الإنقاذ البحث وسط الحطام في شارع غمرته المياه.

وتعهدت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، بالرد، بعد أن ذكرت أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف على «منشآت» غير محددة، في منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود بين البلدين. ولم تؤكد أوكرانيا استخدام الأسلحة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، السبت.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وأظهرت صور متداولة على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيارات لحقت بها أضرار ومياه غزيرة ناجمة عن انفجار أنبوب مياه في المحطة. وفي أجزاء من كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، انقطعت إمدادات المياه بشكل مؤقت.

كما قصفت روسيا مدينة زابوريجيا في جنوب شرق البلاد، حيث قال حاكم المنطقة إن 10 أشخاص أصيبوا ولحقت أضرار بمكاتب منشأة صناعية. وذكر مسؤولون، الجمعة، أن هجوماً صاروخياً شنته روسيا على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن مقتل 4 وتدمير أجزاء من منشأة تعليمية.

بدورها اعترضت منظومات الدفاع الجوي الروسية ودمرت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق أراضي مقاطعات عدة، خلال الليلة الماضية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية نقلته، السبت، وكالة «سبوتنيك»: «تم تدمير 18 طائرة مسيّرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و11 مسيّرة فوق أراضي مقاطعة كورسك، و7 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و5 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة تولا، و3 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتين مسيّرتين فوق أراضي مقاطعة فورونيج».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

كانت السلطات الروسية قد ذكرت في وقت مبكر، السبت، أن حريقاً اندلع في مستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة.

وكتب حاكم المنطقة دميتري ميلييف على تطبيق «تلغرام» أن الهجوم على المنشأة لم يسفر عن وقوع إصابات. وقال ميلييف إنه تم تدمير 5 مسيّرات. يذكر أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

وقالت السلطات المحلية إن تولا، الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب موسكو، تعرضت للاستهداف بعد ساعات فقط من هجوم مماثل بطائرات مسيّرة في منطقة كالوجا، جنوب غربي العاصمة، تسبب أيضاً في نشوب حريق في منشأة لتخزين الوقود.

وصباح الخميس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يقوم بزيارة في كييف لإبرام شراكة أمنية تمتدّ على 100 عام مع أوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

من جانب آخر اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي منافسيه في الانتخابات العامة المقبلة بتضليل الناخبين في ألمانيا عمداً في النزاع حول منح مساعدات إضافية بمليارات اليوروات لأوكرانيا. وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش،

في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «يتصرف (التحالف المسيحي) و(الحزب الديمقراطي الحر)، ولسوء الحظ (حزب الخضر) أيضاً، بشكل غير مسؤول، ويخدعون الجمهور فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الممكن توفير أموال إضافية لأوكرانيا».

وذكر موتسنيش أن هناك فجوة في الميزانية العامة الحالية تصل إلى عشرات المليارات من اليوروات، وقال: «إذا كان من المقرر زيادة مساعدات الأسلحة بأموال إضافية قدرها 3 مليارات يورو، فيجب توفير هذه التكاليف من مكان آخر».

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

وأشار إلى أن الأحزاب الأخرى لم تقدم أي إجابة في هذا الشأن، وقال: «من يتصرف بهذه الطريقة المشكوك فيها وغير المسؤولة فيما يتعلق بالسياسة المالية لا يمكن أن يكون جاداً حقاً في المطالبة بدعم إضافي لأوكرانيا، ولكنه يحاول فقط إثارة الانتباه في الحملة الانتخابية».

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تظل دولة مستقلة في ظل الهجوم الروسي عليها دون دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ورأت ميركل أن الشراكة عبر الأطلسي أصبحت اليوم لا يمكن الاستغناء عنها بصورة أكبر من أي وقت مضى.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال كلمة ألقتها المستشارة الألمانية السابقة كضيفة شرف في حفل استقبال العام الجديد، نظمه «الحزب المسيحي الديمقراطي» بولاية شمال الراين-ويستفاليا في مدينة دوسلدورف (عاصمة الولاية)، وذلك قبل مراسم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين. وصرحت ميركل، التي تنتمي لـ«الحزب المسيحي»، بأن الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تعطيل المبدأ الأساسي لنظام ما بعد الحرب في أوروبا، والخاص بحرمة الأراضي السيادية للدول. وقالت ميركل إن من غير الممكن «منع بوتين من الانتصار في الحرب والحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة» إلا بدعم الولايات المتحدة والعمل ضمن إطار حلف «الناتو».