لبنان: ضبط الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية.. وقوى متطرفة توقع «ميثاق شرف»

تفعيل دور «اللجنة الفلسطينية العليا» كمرجعية أمنية

لبنان: ضبط الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية.. وقوى متطرفة توقع «ميثاق شرف»
TT

لبنان: ضبط الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية.. وقوى متطرفة توقع «ميثاق شرف»

لبنان: ضبط الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية.. وقوى متطرفة توقع «ميثاق شرف»

تكثفت في الآونة الأخيرة حركة القوى والفصائل الفلسطينية في الداخل اللبناني بمسعى لضبط الوضع الأمني بالتنسيق مع الأجهزة اللبنانية المعنية. وشهدت الساعات القليلة الماضية تفعيلا لدور «اللجنة الفلسطينية العليا» كمرجعية أمنية داخل المخيمات تتعاون مع الأطراف المحلية لملاحقة المخلين بالأمن والفارين الذين يبحثون دائما في المخيمات عن مكان للاختباء نظرا إلى أنه لا تواجد للقوى الأمنية اللبنانية فيها، بحيث تتولى الفصائل أمن هذه التجمعات التي تضم ما يزيد عن 500 ألف لاجئ فلسطيني.
وبالتزامن مع إحياء عمل اللجنة المذكورة التي ستتولى في الأيام القليلة المقبلة مهمة تفعيل عمل ودور «القوة الأمنية المشتركة» التي هي عبارة عن قوة مسلحة تضم ممثلين عن كل الفصائل، في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا في العاصمة بيروت بعدما نجحت تجربة هذه القوة في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان، تمكنت «الحركة الإسلامية المجاهدة» التي يرأسها الشيخ جمال خطاب، من دفع «تجمع الشباب المسلم» الذي يضم تنظيمات متطرفة، أبرزها «جند الشام»، إلى توقيع «ميثاق شرف» يجنب المخيم المزيد من الاشتباكات والاغتيالات وذلك تتويجا لسلسلة من اللقاءات المتواصلة.
ونص الاتفاق الذي أُعلن عن توقيعه مساء الأحد، على «الالتزام بعدم حصول أي اشتباكات أو عمليات اغتيال في المخيم وبشكل ملزم لكل الأطراف، وتمكين كل أبناء المخيم من التجوال في كل طرقاته وأزقته دون عوائق»، بالإضافة إلى «العمل على التصالح والصلح وإسقاط الدعاوى والدعاوى المضادة من الجميع، والعمل على رد الحقوق لأصحابها، وعودة الناس إلى أعمالهم وبيوتهم وتمكينهم من ذلك».
وأوضح الشيخ خطاب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّه «إثر الأحداث الأمنية وعمليات الاغتيال التي شهدها عين الحلوة، جرت عدة لقاءات تم بموجبها أخذ تعهدات من (تجمع الشباب المسلم) بأن لا يحصل أي عملية أمنية داخل أو خارج المخيم»، وأضاف: «الكل يسعى اليوم لإعادة الوضع الأمني إلى ما كان عليه، وقد باشرنا عمليات المصالحة ودفع التعويضات وإسقاط الدعاوى، كما تمت المباشرة بإسقاط الحواجز وموانع التنقل ووضع حد لتحويل مناطق معينة لمناطق أمنية».
وقالت مصادر فلسطينية داخل مخيم عين الحلوة لـ«الشرق الأوسط» إن ما شجّع القوى الإسلامية على توقيع ما اتُفق على تسميته بـ«ميثاق الشرف»، هي «الإجراءات التي اتخذتها حركة فتح في الآونة الأخيرة لجهة إعادة الهيكلة واستنهاض صفوفها وقيامها بترتيبات جديدة، أبرزها الدورات الإدارية والسياسية والعسكرية المتواصلة لعناصرها».
وتحدث أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير فتحي أبو العردات لـ«الشرق الأوسط» عن «عملية دعم وتطوير» لـ«اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا»، وهي عبارة عن «تشكيل قديم تم أخيرا تحديد دوره ومهامه وصلاحياته وإدخال بعض التعديلات عليه كي يصبح أكثر مرونة وفعالية، على أن يكون المرجعية الأمنية التي تتعاون مع أجهزة الدولة اللبنانية ويرأسها اللواء صبحي أبو عرب».
وأشار أبو العردات إلى أن «العمل جار وبخطوات ثابتة بعيدا عن الإعلام لدعم القوة الأمنية المشتركة في مخيمات بيروت بالإمكانيات والعناصر وضمان مشاركة كل الفصائل فيها لضمان نجاحها»، لافتا إلى أن الحركة الفلسطينية الأخيرة تندرج بإطار «الجهود المبذولة بشكل عام على صعيد لبنان ككل لضبط الوضع الأمني، نظرا لكون موضوع الأمن متكاملا في البلد ونحن جزء منه، ولن نسمح بأن تكون المخيمات ممرا أو مقرا أو مستقرا لأي إرهابي».
وتلاقت المواقف التي أطلقها أبو العردات مع مواقف ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة، الذي أشار إلى سلسلة إجراءات يتم اتخاذها للحفاظ على أمن المخيمات وجوارها، تشمل تكثيف الدوريات وإحصاء النازحين الذين جاءوا من سوريا والذين يتخطى عددهم بحسب منظمة «الأونروا» التابعة للأمم المتحدة، الـ57 ألفا.
وقال بركة لـ«الشرق الأوسط»: «سيتم التثبت من هويات كل الذين نزحوا من سوريا إلى المخيمات اللبنانية، وسيُمنع من الآن وصاعدا تأجير أي منزل إلا بإشراف اللجان المعنية». وأكّد أن كل الخطوات المتخذة منسقة مع الدولة اللبنانية والجهات المعنية، لافتا إلى أن الهدف الأساسي منها «قطع الطريق على من تسول له نفسه الإساءة للأمن اللبناني أو العلاقات اللبنانية – الفلسطينية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.