لقي اللواء جعفر محمد سعد، محافظ محافظة عدن مصرعه، أمس، في انفجار عنيف استهدف موكبه في مديرية التواهي في جنوب مدينة عدن، ووفقا لمصادر أمنية، حيث تعرض الموكب لهجوم انتحاري، في الوقت الذي تبنى فيه تنظيم «داعش» عملية الاغتيال.
وقتل محافظ عدن، اللواء جعفر محمد سعد مع 6 من مرافقيه في تفجير يعتقد أنه انتحاري استهدفه أثناء مرور موكبه في منطقة فتح في مديرية التواهي، عندما كان متجهًا إلى مقر عمله، وتضاربت الأنباء بشأن طبيعة التفجير إن كان انتحاريًا أو بعبوة ناسفة زرعت في سيارة المحافظ، غير أن مدير أمن عدن، العميد الركن محمد مساعد الأمير، قال إن سيارة مفخخة هاجمت الموكب. وبحسب شهود عيان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، فقد كان الانفجار عنيفًا وقويًا وسمع دويه في أرجاء متعددة من عدن، وأدى التفجير إلى احتراق سيارة المحافظ وتفحم جثث من كان بداخلها.
ودانت الرئاسة والحكومة اليمنيتان اغتيال جعفر، واتهمت الرئاسة تلك العصابات الإجرامية لميليشيات الحوثيين وصالح، قائلة: «إنها تحمل العداء لأبناء عدن والوطن جميعًا وأبت إلا أن تُمارس هوايتها المفضلة القديمة الجديدة في الاغتيالات والإرهاب». وأضاف بيان الرئاسة أن «تلك الميليشيات الغادرة والجماعات الإرهابية تستظل بظل تلك العصابات وتنفذ أجندتها (الحوثي – صالح)». وأعلنت عدم قبول «خلط الأوراق من خلال الاغتيالات المنظمة وممارسة الإجرام والإرهاب»، فيما وصفت الحكومة اليمنية عملية الاغتيال محافظ عدن بـ«العمل الإجرامي الجبان الذي لا يمت بصلة لأخلاقنا الإنسانية ويتنافى مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف». وقال البيان: «المحافظ لم يكن ذاهبًا إلى ساحة المعركة للقتال حتى يتم استهدافه بسيارة مفخخة بل إنه كان ذاهبًا في طريقه إلى مقر عمله لتقديم خدمة للوطن والمواطن الذي يتوق للحرية والأمن والاستقرار والعيش الكريم في ظل اليمن الاتحادي القائم على العدل والمساواة والهادف لضمان الشراكة العادلة في الثروة والسلطة». وفي حين أشادت الحكومة اليمنية بـ«الأدوار البطولية التي جسدها الفقيد أثناء توليه منصب المحافظ في مثل هذه المرحلة الاستثنائية والذي عمل من خلاله بإخلاص وشجاعة وانضباط وتفان في سبيل إعادة الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات للمواطنين»، فقد وجهت الأجهزة الأمنية «بسرعة الكشف عن ملابسات الجريمة التي استهدفت المحافظ ومرافقيه وضبط الجناة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل جراء ما اقترفوه من جرم بحق الأبرياء».
من جهته، قال مصدر في الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن خبر اغتيال محافظ عدن كان صادما للرئيس، وأكد المصدر صدور توجيهات رئاسية بتشكيل لجنة تحقيق في عملية الاغتيال، وأن اللجنة شرعت في ممارسة مهامها مباشرة.
وفي حين، تبنى تنظيم داعش، في بيان منسوب له في مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، عملية الاغتيال عبر سيارة مفخخة، فقد اتهمت المقاومة الشعبية الجنوبية الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بالتورط في عملية الاغتيال التي صدمت الشارع وكل الأوساط في عدن، وقال علي شايف الحريري، المتحدث الرسمي باسم المقاومة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن «دواعش المخلوع صالح والحوثي هم من ينفذون هذه العمليات الإرهابية في عدن». وأضاف أن «هدف العدو من هذه العمليات الإرهابية هو أولا ضرب السكينة العامة ونشر الإرهاب. وثانيًا الاستمرار في مغالطة الرأي العام الخارجي أن الجنوب أرضيه خصبة للإرهاب».
وأشار الحريري إلى «استمرار المخلوع في توظيف هذا الملف لكي يهيئ لنفسه ولحليفه الحوثي سهولة الخروج من المأزق العسكري نحو مخرج سياسي وكذا تبرير الجرائم التي ارتكبوها في اليمن والجنوب»، مؤكدا «وجود ارتباط وثيق بين تنظيم داعش في اليمن و(القاعدة) والمخلوع صالح»، وأن «هذا التنظيم لن ينتهي ولن يتم الحد من عملياته إلا بالقضاء على الرأس المخطط». وطالب «دول التحالف العربي بقيادة السعودية بتعزيز المقاومة في الجنوب وتمكينها من تثبيت الأمن والاستقرار من خلال تكثيف التدريبات، وتخريج دفعات جديدة وتوزيعها والتحرك على الأرض وفق خطة أمنية، على أن يكون التحرك كليا وليس جزئيا، لأن من صنع النصر هو القادر على تثبيت الأمن». وأردف المتحدث باسم المقاومة الشعبية الجنوبية أن «ما حصل للواء جعفر محمد سعد والعمليات الإرهابية المماثلة التي استهدفت كوادر من المقاومة، نتيجة لعدم تمكين المقاومة التي صنعت النصر ودعمها لبسط السيطرة وتثبيت الأمن ومحاولة فرض شريك لم يكن موجودا على الأرض»، حسب قوله.
وجاءت عملية اغتيال محافظ عدن بعد يوم واحد من زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى عدن وإجرائه مباحثات مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، بشأن العملية السياسية والمشاورات المتوقعة بين طرفي النزاع في اليمن، منتصف الشهر الحالي، كما أن عملية الاغتيال جاءت بعد يوم واحد من عمليتي اغتيال شهدتها عدن واستهدفت ضابطا كبيرا في الشرطة العسكرية وأحد القضاة في محكمة أمن الدولة والإرهاب في عدن.
وتشير المعلومات إلى أن عملية اغتيال محافظ عدن تمت رغم حالة الانتشار الأمني الواسع في عدن للمقاومة الشعبية. وكان محافظ عدن أكد لعدد من قيادات منظمات المجتمع المدني، في اجتماع أول من أمس، أن عدن ستشهد مفاجآت مفرحة في 2016، وذلك أثناء حديثه عن خططه المتعلقة بتنفيذ برنامجه للعام المقبل، وكان اللواء جعفر محمد سعد أكد لـ«الشرق الأوسط» في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد تعيينه بيوم واحد، أن برنامجه وخططه لقيادة المحافظة تتمثل في «أمن وأمان ونظام وقانون وصحة وتعليم وخدمات تعود بالنفع السريع على حياة المواطن..».
ومنذ أغسطس (آب) الماضي شهدت عدن سلسلة من عمليات الاغتيالات دون أن تعرف الجهة أو الجهات التي تقف وراءها. وعين اللواء جعفر محمد محافظا لعدن في 8 أكتوبر الماضي، وقد بنيت عليه آمال عريضة لانتشال عدن من وضعها الذي آلت إليه جراء الحرب، باعتباره أحد أبناء المدينة.
وتفتح عملية اغتيال محافظ عدن، أمام الحكومة اليمنية، الملف الأمني وعمليات الاغتيالات التي تشهدها المدينة منذ تحريرها، وتضع الحكومة أمام حقيقة تدهور الوضع الأمني، حيث باتت مطالبة من قبل الشارع في عدن والجنوب واليمن عموما، بإجراءات أمنية حقيقية لمنع هذه الحوادث والخروقات، ومن أبرز هذه الإجراءات، بنظر المراقبين في عدن، الإسراع في عملية دمج المقاومة الجنوبية في إطار قوات الجيش والأمن وإعادة تأسيس وتشكيل الأجهزة الأمنية وتنقيحها من العناصر التي توالي المخلوع صالح، كما هو الحال في بقية الإدارات والمؤسسات التي ما زالت معظم قياداتها من العناصر المحسوبة على المخلوع ولم تطلها يد التغيير.
اغتيال محافظ عدن.. والحكومة تتهم صالح بالوقوف وراء العملية
المقاومة: ملف «داعش» يستخدمه الحوثيون لمغالطة الرأي العام العالمي حول الوضع اليمني
اغتيال محافظ عدن.. والحكومة تتهم صالح بالوقوف وراء العملية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة