تستعد عدة دول لملء الفراغ المتوقع في السوقين الروسية والتركية، بعد قرارات تصعيدية قد تفقد على أثرها الدولتان معاملات تجارية ومالية بينهما تتجاوز مليارات الدولارات؛ على خلفية أزمة إسقاط أنقرة طائرة روسية على الحدود السورية.
وتحاول الدول المجاورة والحليفة لروسيا وتركيا إقناعهما بسد الفراغ الذي سينتج عن قرارات موسكو التصعيدية، والتي بموجبها ستحتاج الأخيرة إلى واردات زراعية كانت تستوردها من تركيا، أما أنقرة فستحتاج إلى استيراد الطاقة من الخارج. وفرضت موسكو سلسلة من العقوبات الاقتصادية على أنقرة في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، تشمل قطاعي السياحة والزراعة وأعادت العمل بنظام التأشيرة بالنسبة إلى المواطنين الأتراك اعتبارًا من أول يناير (كانون الثاني) المقبل، فضلاً عن تجميد مشروع لتوصيل النفط، وحظر استيراد بعض المنتجات الزراعية من تركيا. وكان وزير الطاقة الروسي أعلن تعليق المحادثات مع أنقرة حول مشروع أنبوب الغاز توركستريم لنقل الغاز إلى تركيا وجنوب أوروبا عبر الأراضي التركية من دون المرور بأوكرانيا.
وروسيا هي مصدر الطاقة الرئيسي لتركيا، إذ تزودها بـ55 في المائة من احتياجاتها من الغاز و30 في المائة من احتياجاتها النفطية. وتستورد تركيا 90.5 في المائة من نفطها، و98.5 في المائة من الغاز الطبيعي.
وطرحت مصر وقطر وأذربيجان أنفسهم كبديل لملء هذا الفراغ، في محاولة لاقتناص فرص فتح أسواق جديدة أو زيادة صادراتهم لتحسين مستوى إيراداتهم العامة.
وأعلنت مصر استهدافها زيادة صادراتها الزراعية إلى روسيا بنسبة 15 في المائة خلال العام المقبل في ظل القيود التي فرضتها موسكو على الواردات التركية. ويصل حجم الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية إلى روسيا ما بين 600 إلى 650 ألف طن بقيمة 310 ملايين دولار وفقًا لإحصائيات وزارة التجارة المصرية.
وأوضح وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل في بيان صحافي، إن هناك مشاورات مع الجانب الروسي للتعرف على أهم بنود الواردات التي يحتاجها خلال المرحلة المقبلة. وإن وزارته تنسق مع مختلف المجالس التصديرية لبحث زيادة الصادرات المصرية إلى السوق الروسية خاصة من القطاعات التي تحتاج إليها السوق الروسية.
وبدأت مصر اتخاذ إجراءات فعلية لاقتناص فرصة زيادة صادراتها إلى روسيا، عبر تكليف رئيس جهاز التمثيل التجاري بعقد اجتماعات مكثفة مع المستشار التجاري الروسي بالقاهرة لبحث هذا الأمر وتسهيل نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الروسية. وتوقعت تركيا أن تؤثر العقوبات الروسية على صادراتها الغذائية بقيمة 764 مليون دولار سنويًا، وإن كان حجم تلك التعاملات غير مؤثر بشكل كبير، إلا أن التخوف الأكبر يأتي من توقف إمدادات الطاقة.
وردت تركيا بإعلانها السعي لإيجاد بدائل عن مصادر الطاقة الروسية، وزار الرئيس التركي قطر بالفعل ووقع اتفاقا لشراء الغاز الطبيعي المسال، بينما توجه رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو إلى أذربيجان الغنية بالنفط.
وبالنظر إلى الصادرات التركية فإنها لم تشكل سوى نحو 4 في المائة من واردات موسكو هذا العام، ما يقلل حجم الأزمة التي ستمر بها الدولتان نتيجة القرارات التصعيدية، فضلاً عن إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن روسيا ليست المصدر الوحيد لتزويد بلاده بالطاقة.
وتخطط تركيا لفتح أسواق جديدة كبديل للسوق الروسية، في أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وذلك لتعويض الحظر المفروض على بعض المنتجات الزراعية وفقًا لتقارير إعلامية تركية.
وسيواجه قطاع المقاولات مصاعب جمة نظرًا لارتفاع الاستثمارات الإنشائية التركية في روسيا، ونحو أكثر من عشرة آلاف عامل تركي يعملون هناك، إلا أن المسؤولين الأتراك سيتوجهون غالبًا ناحية الأسواق الأفريقية وأميركا الجنوبية وإيران.
وستحل أوكرانيا محل روسيا في تصدير الحبوب إلى تركيا، إذا ما أوقفت موسكو تصديرها لأنقرة.
وستتضح رؤية موسكو بشأن الاستمرار أم لا في بناء أول محطة نووية تركية في أكويو (جنوب تركيا) على ضفاف المتوسط، خلال الفترة القليلة المقبلة، وذلك بعد أن تم تجميد مشروع بناء أنبوب «توركستريم» في مشروعين قيمتهما عشرات المليارات من الدولارات.
وفيما يبدو أنها أخبار تقوي روسيا في مواصلته الضغط على أنقرة، تعهد نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير الاقتصاد الألماني زيجمار غابرييل بعودة روسيا إلى مجموعة الثماني (مجموعة الدول الصناعية الكبرى الثماني في العالم).
وقال غابرييل الذي يشغل أيضًا منصب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا في تصريحات لصحيفة «بيلد إم زونتاغ» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس (الأحد): «إنني أؤيد إنهاء الفترة الجليدية مع روسيا».
وتابع: «بالطبع يتعين على روسيا الالتزام أولاً باتفاقات مينسك لحل الأزمة الأوكرانية. ولكن ليس منطقيًا على الدوام أن تتم مطالبة الرئيس الروسي بحل المشكلات الجيوسياسية في سوريا على سبيل المثال واستبعاده في الوقت ذاته من مجموعة الثمانية G8».
مَنْ الرابح اقتصاديًا من أزمة موسكو ـ أنقرة؟
مصر وقطر وأذربيجان أبرز البدائل للطرفين

مَنْ الرابح اقتصاديًا من أزمة موسكو ـ أنقرة؟

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة