ضباط منشقون لا يمانعون التعاون مع جيش النظام بعد زوال رأسه

الائتلاف المعارض أعلن رفضه بالمطلق للموقف الفرنسي بشأن بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية

سوري غلبه التأثر داخل مستشفى ميداني في مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة قرب العاصمة السورية دمشق، ويعالج مصابي الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام تكرارا (إ.ب.أ)
سوري غلبه التأثر داخل مستشفى ميداني في مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة قرب العاصمة السورية دمشق، ويعالج مصابي الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام تكرارا (إ.ب.أ)
TT

ضباط منشقون لا يمانعون التعاون مع جيش النظام بعد زوال رأسه

سوري غلبه التأثر داخل مستشفى ميداني في مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة قرب العاصمة السورية دمشق، ويعالج مصابي الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام تكرارا (إ.ب.أ)
سوري غلبه التأثر داخل مستشفى ميداني في مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة قرب العاصمة السورية دمشق، ويعالج مصابي الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام تكرارا (إ.ب.أ)

رفضت المعارضة السورية موقف فرنسا الجديد الذي عبر عنه أمس وزير خارجيتها لوران فابيوس بشأن القبول ببقاء بشار الأسد رئيسا في المرحلة الإنتقالية, مؤكدة عدم القبول بأي دور للأسد في مستقبل سوريا. واعتبرت مصادر في المعارضة أن «بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية ولو بشكل رمزي، يعمّق الأزمة ويطيل عمرها ويغذّي التطرف» وشددت على أن «الموقف الفرنسي يتماهى مع القرار الروسي، لكن لا أحد يستطيع أن يفرض على الشعب السوري خياراته». ولكن، في المقابل، أعلن ضباط منشقون قبولهم «مقاتلة (داعش) وكل قوى التطرف إذا كان رحيل رأس النظام السوري خلال الفترة الانتقالية جزءًا من الحل المقترح».
وعبّرت المعارضة السورية عن عتبها على هذا التحوّل في الموقف الفرنسي، وقال سمير النشار عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» في رده «عتبنا كبير على تصريحات المسؤولين الغربيين المحسوبين على أصدقاء الشعب السوري». وأعلن النشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشعب السوري تعوّد على هذه المواقف الملتبسة، وهو يدرك معنى هذه التحولات التدريجية وهذا ثابت منذ تصريحات المسؤولين الأميركيين». وأردف أن «الائتلاف لن يقبل بأي شكل من الأشكال أي دور للأسد في مستقبل سوريا، وكل الدول التي تحاول إبقاءه في المرحلة الانتقالية ولو بشكل رمزي، هي تعمّق الأزمة السورية وتطيل عمرها». وختم النشار «أي تنسيق مع قوات الأسد، يرسل رسالة خاطئة إلى الشعب السوري ويدعم تنامي التطرّف في سوريا».
أما القيادي في «الجيش السوري الحرّ» العميد أحمد رحّال، فرأى في كلام فابيوس ترجمة لـ«انضمام فرنسا إلى قافلة الدول التي تراجعت عن مواقفها وتخلّت عن الشعب السوري، مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وغيرهما». وأكد أن هذا الكلام «يتماهى مع الموقف الروسي». وقال رحّال لـ«الشرق الأوسط» في تصريحه «في الموقف السياسي هم أحرار، أما في المعركة العسكرية فلا أحد يمكنه أن يفرض خياراته علينا». وتساءل «كيف نتحالف مع من قتل الشعب السوري؟ كيف يريد مني أن أكون في خندق واحد مع إيران والميليشيات الشيعية مثل حزب الله والميليشيات العراقية والأفغانية؟ هذا الكلام بعيد عن الواقع ولن نقبل به تحت أي ظرف».
وتابع القيادي في «الجيش الحرّ» أنه «لا يمكن أن يكون هناك أي تعاون مع جيش النظام، أما إذا حصل حلّ سياسي يبعد الغرباء عن سوريا خصوصًا حزب الله وإيران وميليشياتها، يمكن فيما بعد أن نتعاون لبناء مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الجيش ونعمل على طرد داعش من سوريا». وختم رحّال «طالما أن النظام وعلى رأسه بشار الأسد موجودً فإن داعش سيبقى موجودًا لأنه يستمد قوته من هذا النظام».
إلى ذلك، أعلن ضباط سوريون منشقون في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، قبولهم مقاتلة «داعش» وكل قوى التطرّف في سوريا، إذا رحل الرئيس بشار الأسد خلال فترة انتقالية كجزء من الحل المقترح محليًا وعربيًا ودوليًا. وقال العقيد الطيار إسماعيل أيوب «لا مانع لدى المئات من الضباط وآلاف الجنود المنشقين التعاون مع الجيش العربي السوري بمقاتلة داعش كجزء من الحل في المرحلة الانتقالية، خاصة أن أغلبية العسكر السوريين تغلب عليهم الصفة المدنية والإسلام المعتدل الذي تضرر كثيرًا من وضع الإسلام في صورة داعش الإرهابية». وأكد الضابط الطيار الذي يعمل مع أحد التشكيلات العسكرية المعارضة، أن «هناك شخصيات عسكرية سورية كثيرة قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية كجزء من الحل، وهي تعرف المؤسسة العسكرية الرسمية جيدًا ولها باع طويل في هذا القطاع»، معربًا عن اعتقاده بأن «المرحلة الانتقالية تتطلب شخصية عسكرية بارزة على سبيل المثال العميد الركن مناف طلاس يمكن أن يكون جزءا من الحل في المرحلة الانتقالية وينظم المؤسسة العسكرية ويعيد المنشقين في إطار الدمج لمحاربة داعش وقوى التطرف».
أما العقيد معتز رسلان، قائد اللواء 111. فرأى أنه «لا خلافات كبيرة بين العسكر المنشقين على محاربة إرهاب داعش وباقي التنظيمات المتطرفة». وقال: «حتى التواجد الروسي إذا كان جادًا في قبول مرحلة انتقالية دون الأسد فإن التنسيق معه وارد وسنكون متعاونين مع كل الأطراف المحلية والعربية والإقليمية والدولية التي تحارب التطرف في مرحلة ما بعد رحيل الأسد ومجموعته التي تقتل السوريين وتدمر البلاد».
واعتبر رسلان وهو شخصية عسكرية لها حضورها بين العسكر أن «شخصيات كثيرة قادرة على إدارة فترة انتقالية يمكن أن يكونوا جزءا من الحل في المرحلة الانتقالية ويمكن التعاون مع كل الأطراف التي تريد مستقبلا مدنيا لسوريا الجديدة». أما الرائد محمد الفرج فقال: «أعتقد أن المرحلة الانتقالية ستكون ثمرة تعاون الجميع والعسكر يجب أن يكون لهم دور بارز في استتباب الاستقرار ومحاربة التطرف من أي جهة أتى لذلك لا بد من إعادة هيكلية للمؤسسة العسكرية يترأسها خبير حوله إجماع كجزء من الحل في المرحلة الانتقالية وأنا أسمع عن دور العميد طلاس كجزء من المرحلة الانتقالية وأرى أنه مناسب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».