البرلمان الألماني يقر مشاركة ألمانيا في الحرب على «داعش»

المعارضة: القرار اتخذ «بسرعة التورنادو»

المستشارة أنجيلا ميركل تصوت في البرلمان (البوندستاج) أمس إلى جانب مشاركة القوات المسلحة الألمانية في الحرب على تنظيم داعش (أ.ب)
المستشارة أنجيلا ميركل تصوت في البرلمان (البوندستاج) أمس إلى جانب مشاركة القوات المسلحة الألمانية في الحرب على تنظيم داعش (أ.ب)
TT

البرلمان الألماني يقر مشاركة ألمانيا في الحرب على «داعش»

المستشارة أنجيلا ميركل تصوت في البرلمان (البوندستاج) أمس إلى جانب مشاركة القوات المسلحة الألمانية في الحرب على تنظيم داعش (أ.ب)
المستشارة أنجيلا ميركل تصوت في البرلمان (البوندستاج) أمس إلى جانب مشاركة القوات المسلحة الألمانية في الحرب على تنظيم داعش (أ.ب)

أقر البرلمان الألماني (البوندستاج) مشاركة القوات المسلحة الألمانية في الحرب على تنظيم داعش بأغلبية التحالف الحكومي العريض، الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل، بين الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وصوتت الغالبية الحكومية، يوم أمس الجمعة، بـ445 صوتًا إلى جانب قرار المشاركة في الحرب، بينما صوت 146 نائبًا ضد القرار، وامتنع 8 نواب عن التصويت. وكان حزب اليسار قد أعلن وقوفه بكامل كتلته البرلمانية ضد القرار، في حين كانت غالبية نواب حزب الخضر ضد القرار أيضًا.
ومن المتوقع، بعد إقرار مشروع الحرب من قبل البرلمان، أن يتم نقل ست طائرات تورنادو استطلاعية إلى قاعدة ما في تركيا خلال الأسبوع المقبل. ويمكن أن تشرع الطائرات في مهماتها الاستطلاعية فوق العراق وسوريا في الأسبوع الأول من يناير (كانون الثاني) من العام المقبل. وتقتصر مهمات هذه الطائرات على تحديد الأهداف كي تنهض قوات التحالف بقصفها جوًا، وسبق لها أن أدت مهمات مماثلة في حرب البلقان.
وتتضمن خطة وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، مشاركة 1200 عسكري ألماني في سوريا وشمال العراق لإسناد مهمات سرب طائرات تورنادو، ولتدريب قوات البيشمركة الكردية على الحرب ضد «داعش». كما تتضمن الخطة إرسال فرقاطة «أوغسبورغ» لدعم مهمات حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول»، وتخصيص حاملة وقود من طراز Airbus 310 MRTT لتزويد طائرات التحالف بالوقود جوًا. فضلاً عن ذلك، ستوفر ألمانيا قواعدها ومطاراتها لتقديم مختلف أنواع الدعم اللوجيستي للحلفاء في الحرب ضد ما يسمى تنظيم داعش.
وبهذا القرار ستكون المشاركة في الحرب في سوريا والعراق أكبر عملية عسكرية تشارك فيها البلاد في الوقت الراهن، بعد أن عملت ألمانيا في السنتين الماضيتين على تقليص عدد قواتها في أفغانستان إلى ألف. ومن المقرر أن تستمر المشاركة لعام واحد بتكلفة تُقدر بنحو 134 مليون يورو.
النائبة عن حزب الخضر بيترا زيته ترى أن من غير المعقول إن تقرر ألمانيا المشاركة في هذه الحرب خلال ثلاثة أيام فقط، خصوصًا وأن هناك جلسات قادمة للبرلمان تسبق أعياد الميلاد ورأس السنة. وأضافت: «نحن في المعارضة لا نقر دخول هذه الحرب (بسرعة التورنادو)».
وأيدها زميلها أنتون هوفرايتر، رئيس كتلة الخضر البرلمانية، الذي وصف قرار المشاركة بـ«غير المدروس»، مضيفًا أنه قد يتحول إلى مغامرة. وعبر هوفرايتر عن قناعته بأن الوضع بعد هجمات باريس الإرهابية يتطلب الحصافة والذهن الصافي، ولا يتطلب التسرع.
وجاء الرد من حليف الأمس، الحزب الديمقراطي الاشتراكي، على لسان رئيس الكتلة البرلمانية توماس أوبرمان. وقال أوبرمان لقناة التلفزيون الأولى «أرد» إن الحالة تتطلب القرارات السريعة. وناقش نواب البرلمان الموضوع بشكل مكثف وواف في الأيام الماضية، بحسب رأيه.
وزير العدل هايكو ماس، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، رد على مطالبة حزب اليسار بضرورة الارتكاز في القرار على قرارات الأمم المتحدة. وقال ماس إن قرار محكمة الدستور الاتحادية لسنة 1994 يرى إمكانية إنزال الجيش الألماني في الخارج عند توفر مقومات ضرورة أمنية دولية. وتحدث ماس عن 3 قرارات للأمم المتحدة ضد «داعش» يمكن أن تكون الأساس الذي يرتكز عليه قرار البرلمان في دخول الحرب ضد «داعش».
«لقد تركنا منطقة الشرق الأوسط لحالها في منذ سنوات (...) وعلى أوروبا أن تعرف أن الإرهاب والحرب في الشرق الأوسط يهددان أمنها الداخلي أيضا»، بحسب تعبير نوربرت روتغن من الحزب الديمقراطي المسيحي.
على صعيد ذي صلة، كشفت استطلاعات الرأي بين الألمان عن اختلاف ظاهر في وجهات النظر بالعلاقة مع الإرهاب والحرب على «داعش». ففي استطلاع الرأي الذي أجرته القناة الأولى في التلفزيون الألماني، أيد 58 في المائة قرار المشاركة في الحرب، ووقف 37 في المائة ضده. في حين، وحسب استطلاع معهد «إيمنيد» المعروف، وقف 47 في المائة من الألمان ضد القرار مقابل 46 في المائة معه.
وفي الاستطلاع الأول، عبرت نسبة 53 في المائة من الألمان عن قناعتها بأن قهر «داعش» بالأساليب العسكرية فقط غير ممكن. وتوقعت نسبة 63 في المائة (إيمند) أن تؤدي مشاركة ألمانيا العسكرية في العراق وسوريا إلى زيادة خطر الإرهاب في ألمانيا، وقفز هذا الرقم إلى 75 في المائة في استطلاع أجرته قناة «ن 24» الإخبارية.
علمًا بأن ألمانيا وافقت في الأسبوع الماضي على إرسال 650 جنديًا إلى مالي لينضموا إلى 1500 جندي فرنسي آخرين لمحاربة تنظيم داعش. كما تشارك ألمانيا أيضًا بنحو 700 جندي في العمليات العسكرية التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإرساء الاستقرار في كوسوفو.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.