القوات المشتركة تتقدم في المحور الجنوبي بتعز.. والمحافظة تعاني الحصار

الميليشيات تستخدم المراكز الصحية ثكنات عسكرية لها.. وتوقف نحو 30 مستشفى عن العمل

حلاق يقص شعر يمني في أحد الأحياء الفقيرة بالعاصمة اليمنية صنعاء أمس ( رويترز)
حلاق يقص شعر يمني في أحد الأحياء الفقيرة بالعاصمة اليمنية صنعاء أمس ( رويترز)
TT

القوات المشتركة تتقدم في المحور الجنوبي بتعز.. والمحافظة تعاني الحصار

حلاق يقص شعر يمني في أحد الأحياء الفقيرة بالعاصمة اليمنية صنعاء أمس ( رويترز)
حلاق يقص شعر يمني في أحد الأحياء الفقيرة بالعاصمة اليمنية صنعاء أمس ( رويترز)

حققت القوات المشتركة التي تضم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، تقدما كبيرا في جبهات القتال، خصوصا في المحور الجنوبي من مدينة تعز، وسيطرت على عدد من المواقع التي كانت تتمركز فيها ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح.
ويأتي تقدم القوات المشتركة في الوقت الذي تسعى فيه الميليشيات الانقلابية لفتح جبهة قتال جديدة في مديرية حيفان، الواقعة في الجزء الجنوبي من محافظة تعز، وهو ما قابله تقدم المقاومة الشعبية إلى أطراف عزلة الأغابرة في حيفان، وسيطرت على مدرسة المحبوب وجبل ظبي في الأعبوس.
وقال مصدر في المجلس العسكري بتعز لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد تقدم المقاومة الشعبية إلى منطقة الأعبوس ألقت القبض على مسلحين يتبعون الميليشيات الحوثية في منطقة المشاوز في الأعبوس، وتم تسليمهم إلى قيادة المجلس العسكري في (اللواء 35 مدرع) في الضباب التي شنت فيها عناصر الجيش الوطني هجوما على ما تبقى من جيوب ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في نجد قسيم، في مسعى لتطهيرها بالكامل، بعدما تمكنت من التقدم في مواقع جديدة بمحيط نجد قسيم، بالإضافة إلى تجدد المواجهات في المسراخ وإحراق طقم عسكري يتبع الميليشيات في منطقة المواني برأس نقيل أبو رباح، عزلة الأقروض».
وأضاف المصدر أن «الاشتباكات مستمرة في عدد من أحياء مدينة تعز، بما فيها أحياء ثعبات والجحملية ومحيط القصر الجمهوري ومعسكر قوات الأمن الخاص وفرزة صنعاء، شرق مدينة تعز، في حين دفعت قوات التحالف بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة البرح والخأ الساحلية، للتسريع بعملية فك الحصار عن مدينة تعز من المدخل الغربي».
إلى ذلك، أغلقت الميليشيات الانقلابية، أمس، جامع حسنات بشرق مدينة تعز، ومنعت أهالي المنطقة من صلاة الجمعة فيه، وذلك في الوقت الذي تمكنت فيه المقاومة الشعبية من إحراق طقم عسكري يتبع الميليشيات في منطقة رأس النقيل بالأقروض بصبر، جنوب المدينة، عند محاولة الميليشيات فك الطريق في المنطقة.
في المقابل، شنت قوات التحالف، أمس، سلسلة غارات جوية استهدفت تجمعات ومواقع ومخازن للميليشيات الانقلابية في وسط ومحيط مدينة تعز، وسقط على أثرها العشرات بين قتيل وجريح من صفوف ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح.
وأفاد شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الغارات تركزت على تجمعات ومواقع ومخازن للميليشيات في رأس نقيل بالأقروض بمديرية المسراخ والقصر الجمهوري، ومواقع في جبل العلا ومعسكر الجرادة بالحوبان، شرق تعز، وطريق الراهدة - القبيطة، وأسفل جبل جرادة، والسحي بالشريجة جنوب شرقي تعز، والحد موزع غرب تعز، ومواقع للميليشيات في منطقة الشريجة، وقسم الجند القريب لمدينة الصالح بجوار مطار تعز الدولي، والتباب المحيطة بمنطقة الراهدة، شرق مدينة تعز.
من جهة ثانية، أعلنت منظمة «أوكسفام» عن توسيع رقعة برامجها في محافظة تعز، لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة للمجتمعات المتضررة من القتال الدائر داخل مدينة تعز وحولها. من جهته وصف منسق الأمم المتحدة لعمليات الإغاثة، ستيفن أوبريان، الوضع في مدينة تعز، بأنه «أشبه بالحصار، حيث تمنع المواد الغذائية والطبية والوقود من الدخول، وتجد المنظمات الإنسانية صعوبات في إيصال المساعدات إلى السكان المحاصرين».
وقال الدكتور صادق الشجاع، أمين عام نقابة الأطباء بتعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعز تعيش كارثة صحية وإنسانية كبرى على كل المستويات، بل إن الوضع أصبح مأساويا، ومن حيث المستشفيات العاملة في المدينة وغياب الكادر الطبي والحصار الدوائي على المدينة، ويوجد أكثر من ثلاثين مستشفى ومستوصفا ومركزا حكوميا وخاصا توقفت عن العمل الطبي فيها، وتوقف معظم الأقسام في عدد من المستشفيات مثل مستشفى الجمهوري وهيئة مستشفى الثورة ومستشفى العسكري ومستشفى اليمني السويدي (النقطة الرابع)».
وأوضح أن «هناك أسبابا متعددة لإغلاق المستشفيات بتعز، ومن هذه الأسباب انعدام المشتقات النفطية، وانقطاع الكهرباء لما يقارب خمسة أشهر، ووقوع بعض المستشفيات في أماكن اشتباكات، واقتحام بعضها من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، واعتلاء القناصة أسطحها، واستهداف مباشر أو شبه يومي لهيئة مستشفى الثورة، وتساقط القذائف على قسم العمليات والعناية المركزة والطوارئ والكلية الصناعية، واستهداف سيارات الإسعاف وقتل الطواقم الطبية من سيارات (الهلال الأحمر)، وسيارات المستشفى الميداني لـ(الصليب الأحمر)، وسيارات هيئة مستشفى الثورة، ونقص شديد في الأدوية، مع انعدام بعض الأصناف الدوائية والمستلزمات الطبية في السوق الدوائية».
وذكر أمين عام نقابة الأطباء لـ«الشرق الأوسط» أن من «بين الأصناف الدوائية والمستلزمات الطبية التي يحتاجونها ويعانون من نقصها هي المحاليل الوريدية، والمحاليل المختبرية، وقِرب نقل الدم، وقِرب ثلاثية لنقل الصفائح الدموية، والخيوط الجراحية، ومستلزمات العمليات والتخدير وبعض أنواع المضادات الحيوية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأصناف الدوائية المعدومة إلى ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي، ومراكز الكلى الصناعية على قلتها تعاني نقصا في الأدوية وقلة المياه والمشتقات النفطية لاستمرار عملها، فقد تناقضت فترة الغسيل للمريض الواحد إلى ساعتين بدلا من 6 ساعات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.