بينما توعد الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي بإقصاء المتطرفين عن كل أراضي ليبيا وحدودها، علمت «الشرق الأوسط» أن مفاوضات سرية جرت على مدى اليومين الماضيين في تونس بين ممثلين عن مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بشرق ليبيا مقرا له، والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في العاصمة طرابلس، بهدف استكمال المحادثات المباشرة بين طرفي الصراع على السلطة في ليبيا لإنهاء الأزمة الحالية.
وقالت مصادر ليبية رفيعة المستوى إن اجتماعا عقد أول من أمس، بتونس بين وفد الحوار عن مجلس النواب وممثلين عن المؤتمر الوطني برعاية بعثة الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن المجتمعين ناقشوا الإسراع باعتماد وثيقة اﻻتفاق السياسي المعروضة ومجلس رئاسة حكومة التوافق الوطني المقترحة من البعثة الأممية.
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن المجتمعين أكدوا على ضرورة الإسراع باعتماد اﻻتفاق لوعيهم التام بمعاناة الوطن والمواطن - على حد قولها.
وكان مقررا بحسب ما أبلغته نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن يتم، أمس، استئناف الاجتماعات لاستكمال المشاورات والتباحث حول هذا الملف، بالإضافة إلى ما يخص الترتيبات اﻷمنية المتعلقة بكيفية تسهيل عمل الحكومة في طرابلس العاصمة حال تشكيلها.
ودافع، أمس، برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا عن اعتماده تشكيلا جديدا لما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها خليفة الغويل، وقال في بيان له إن «التعديل الوزاري الذي أدخل على الحكومة، هو شأن داخلي متعلق بتجنب عبء الاستمرار بحكومة ثقيلة من حيث عدد الوزارات والوكلاء».
ومع ذلك زعم البيان أن هذه الحكومة المصغرة «جاهزة لأي انتقال سلمي يعبر عن إرادة الليبيين»، مشيرا إلى أن المؤتمر ما زال عازما على الإسراع بالوصول إلى حكومة التوافق الوطني بخطوات تمثلت في لقاءات مباشرة مع أعضاء مجلس النواب.
وتابع: «نحن حريصون على استمرار الحوار السياسي للوصول لحكومة توافق، وإن التوصل للتوافق لن يتم إلا باللقاءات المباشرة مع أعضاء مجلس النواب ومن قبلهم، من خلال مبادرات للتوافق وسعي بعثة الأمم المتحدة لتدارك الأخطاء السابقة في إدارة الحوار».
في المقابل، شن محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، هجوما على اعتماد البرلمان السابق لهذه الحكومة، واعتبر أن «الإعلان عن حكومة مصغرة في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد من انقسام حاد وأزمة خانقة على كل المستويات وترقب لما يؤول إليه الحوار في مراحله الأخيرة، هو خطوة لا معنى لها، وكل متابع سياسي سيعتبر الحديث عن استبدال حكومة بحكومة في ظل الانقسام أمرا لا قيمة له».
وأضاف صوان، في تصريحات صحافية له أمس: «هذه الحكومة جاءت من دون سند شرعي وفي توقيت حرج وتحمل في طياتها رسائل سلبية وتنم عن عدم إدراك لحقيقة الأزمة وأبعادها»، مشيرا إلى أن الجميع في الداخل والخارج يتطلع إلى إنهاء الأزمة وإلى مخرجات الحوار.
وأفضت مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأمم بين الأطراف الليبية المتنازعة على السلطة لإقرار تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كافة الأطراف؛ لكن البرلمان السابق أعلن رفضه لهذه الحكومة واعتبر أنها «لا تعبر عن إرادة الشعب الليبي، لأنها لم تنبثق عن اتفاق الأطراف الليبية ذات الاختصاص (المؤتمر الوطني ومجلس النواب)».
وأدانت منظمة محلية اختطاف عضو مجلس النواب عن مدينة العزيزية نبيل عون في منطقة زاوية الدهماني في مدينة طرابلس الاثنين الماضي، وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إن مجموعة مسلحة مجهولة الهوية تقف وراء العملية، مشيرة لاستمرار اختطاف نجل رئيس مجلس الشورى والحكماء لورشفانة السابق محمد تنتوشـ الذي خطفه مجهولون أيضا في العاصمة طرابلس.
وأعربت اللجنة عن قلقها لتزايد عمليات الاختطاف والاعتقال للمدنيين على أساس الهوية الاجتماعية والمواقف السياسية بعموم البلاد وطرابلس، وأكدت أهمية محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الجهات الضالعة في عمليات الخطف والابتزاز التي تستهدف المدنيين في ليبيا.
وأدان الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا مارتن كوبلر، بشدة، اختطاف النائب في البرلمان الليبي النائب المختطف عون، وقال في بيان مقتضب، إنه يدعو لإطلاق سراحه فورا.
إلى ذلك، وبعد ساعات فقط على مقتل قائد بارز في غرفة عملية الكرامة التي يشنها الجيش الليبي ضد المتطرفين في شرق ليبيا، زار الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية مقر الغرفة في مدينة بنغازي برفقة كبار مساعديه.
وعد حفتر في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية أن العزاء الحقيقي في آمر غرفة عمليات الكرامة، العقيد على الثمن، هو حسم المعركة بشكل أسرع، مؤكدا أن قيادة الجيش ستتخطى كل الصعوبات التي تواجهها، وأنها على استعداد للتحالف مع أي كان للقضاء على «داعش» وطردهم خارج أرض ليبيا.
وأضاف «لا يمكن أن نتوقف إلا بعد أن نجعلهم خارج حدود وأراضي ليبيا، هذا يجب أن يكون معلوما للقاصي والداني».
وأوضح حفتر أن هناك جهات عدة ستدعم الجيش في حربه ضد الإرهاب، لافتا إلى أن العالم اقتنع وبدأ يصحو من سباته بأن الجيش الليبي على حق وأنه يحارب الإرهاب نيابة عن العالم.
واستمرت المواجهات العنيفة في المحور الغربي لمدينة بنغازي بين قوات الجيش والميليشيات التابعة لتنظيم داعش، فيما أعلن الجيش عن اعتقال خمسة عناصر تابعين للتنظيمات الإرهابية في منطقة كركورة غرب بنغازي.
وقال مسؤول عسكري إن عملية الاعتقال تمت أثر مداهمة المنطقة بقوة مشكلة من ثلاث كتائب تمكنت من تأمين المنطقة التي تضم ممرا بحريا كان مصدرًا من مصادر الدعم للمتطرفين بالمحور الغربي للمدينة.
وتنقسم السلطة في ليبيا بين حكومة مؤقتة منبثقة عن البرلمان المنعقد شرق البلاد، وتحظى باعتراف الأسرة الدولية وتسيطر على مدن ومناطق شرق ليبيا، وبين حكومة الإنقاذ غير المعترف بها دوليا، التي شكلها المؤتمر المنتهي الولاية بعد سيطرة ميلشيات فجر ليبيا التابعة له على العاصمة طرابلس ومدن غرب البلاد.
حفتر يتوعد مجددًا بإقصاء المتطرفين من ليبيا وحدودها
مصادر: اجتماعات سرية في تونس للمصالحة بين مجلس النواب وبرلمان طرابلس
حفتر يتوعد مجددًا بإقصاء المتطرفين من ليبيا وحدودها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة