أعرب والد الطفل محمد أبو خضير، وجهات قضائية عدة، عن مخاوف شديدة من أن تصدر المحكمة الإسرائيلية، قرارا بتبرئة القاتل الرئيسي، بدعوى أنه لم يكن في حالة طبيعية عندما أقدم على جريمة إحراقه الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير حيا. وجاءت هذه المخاوف في أعقاب قرار المحكمة المركزية في القدس، أمس، الذي يؤكد ثبوت جريمة القتل بحق المستوطنين الثلاثة، يوسف حاييم بن ديفيد (31 عامًا) وقاصرين آخرين، تمنع المحكمة ذكر اسميهما، وفي الوقت نفسه تأجيل البت بالحكم إلى حين رؤية تقرير طبيب نفساني حول وضع المتهم الرئيسي في الجريمة.
وقال والد الفتى الضحية، حسين أبو خضير، إن هذا القرار يدل على أن المحاكمة الإسرائيلية هي مجرد مسرحية.
المعروف أن الطفل أبو خضير، اختطف من جانب مسجد في حي شعفاط في القدس الشرقية، وأخذه المجرمون الثلاثة إلى غابة قريبة، وقاموا بخنقه وإحراقه حيا. وتم اعتقالهم بعد أيام عدة، واعترفوا خلال التحقيق معهم بالجريمة، وقاموا بإعادة تمثيلها. ولم يعرض بن ديفيد أي خط دفاعي طوال المحاكمة، بينما ادعى محاميه، اشير أوحيايون، أن موكله ليس مسؤولا عن أعماله، لكنه لم يعرض أمام المحكمة أي وثيقة طبية تثبت ادعاءه. في المقابل، أثبت المدعي العام الإسرائيلي في لواء القدس، بأن بن ديفيد يتحمل مسؤولية أعماله ويمكن محاكمته. وعرض أمام المحكمة أشرطة يظهر فيها المتهم وهو متيقظ تماما مدرك لما يفعله. وقال أحد القاصرين المتهمين، إن «بن ديفيد هو أكثر إنسان اعتيادي وطبيعي». وادعى الثلاثة خلال التحقيق أنهم نفذوا الجريمة على خلفية اختطاف وقتل الفتية الثلاثة في مستوطنات غوش عتصيون إلى الخليل. وطلب القاصران من المحكمة تخفيف دورهما في القضية، وتحميل غالبية المسؤولية لبن ديفيد. وقال محاموهما إنهما كقاصرين، تأثرا كثيرا ببن ديفيد الذي مارس عليهما الكثير من الضغوط، كي يساعداه على تنفيذ عملية الاختطاف والقتل. ودأب طوال ساعات قبل عملية القتل، على إعطائهما أدوية ومشروبات طاقة. وقال القاصران إنهما شاركا في الاختطاف، لكنهما لم يعرفا بأن الأمر سيتواصل حتى القتل.
في المقابل، قالت النيابة إنهما ارتكبا فعلتهما بإرادتهما الحرة، وأشارت إلى أقوال عدة أدليا بها خلال التحقيق. وقال، مثلا، إن «الأدلة تشير إلى أن المتهم الثاني، أظهر تحمسا لعملية الانتقام المخططة وعملية الاختطاف، وأصر على استكمال الخطة مع رفيقه».
يشار إلى أن عائلة أبو خضير حرصت طوال مجريات النقاش، على الوصول إلى المحكمة. وأعربت، أحيانا، عن تذمرها إزاء المماطلة. وخلال النقاش الأخير، سأل حسين أبو خضير، والد محمد: «لماذا لم يتم هدم بيوت هؤلاء القتلة حتى اليوم؟ لو كان المقصود عربيا لكانوا هدموا منزله في اليوم ذاته». وربط بين إحراق ابنه حيا وبين أحداث المرحلة الحالية، وقال: «بسبب إحراق ابني ظهر طاعنو السكاكين الفلسطينيين».
وقد زعم محامو المتهم الرئيس، بن ديفيد، أنه لم يكن مؤهلا من الناحية النفسية عندما نفذ جريمته، بينما تؤكد لائحة الاتهام أن الثلاثة بحثوا عن أي عربي ليكون ضحية جريمتهم، وأنهم اختطفوا الفتى أبو خضير بعد أن تأكدوا أنه عربي، وأدخلوه إلى سيارتهم بالقوة، بينما كان يحاول من جانبه مقاومة اختطافه. وتنسب لائحة الاتهام لبن ديفيد قوله، لأحد الفتيين اللذين رافقاه وشاركا في الجريمة، أن يقتله. وقام الفتى بخنق أبو خضير، بينما كان الآخر يساعده في ذلك. وتابعت لائحة الاتهام أنه بعد ذلك أخذ الثلاثة أبو خضير إلى غابة في القدس، وهناك راح بن ديفيد يركله، وكان أبو خضير قد فقد وعيه. ثم سكب الثلاثة وقودا على الفتى وأضرم بن ديفيد النار فيه، وبعد ذلك، فر الثلاثة من المكان وأحرقوا أغراضهم الشخصية وعادوا إلى منزل بن ديفيد في مستوطنة آدم، وبدأوا، وفقا للائحة الاتهام، العزف على قيثارة.
يذكر أن العشرات من الفلسطينيين تظاهروا أمام المحكمة صباح أمس، مطالبين بإنزال أقصى العقوبات بالإرهابيين الذين قتلوا أبو خضير.
وعلق النائب د. جمال زحالقة، من القائمة المشتركة، على قرار المحكمة بخصوص قاتلي «الشهيد» محمد أبو خضير: «على الرغم من أن المحكمة أدانت القتلة، إلا أنه هناك مئات من حالات قتل الأطفال الفلسطينيين لم تقدم للمحكمة، حالة الشهيد أبو خضير هزّت الرأي العام، لكن ماذا عن مئات الأطفال والرضّع الذين قتلوا قصفًا على يد من يسمون (أفضل الشباب). قاتلو أبو خضير لم يعملوا وحدهم، لا يمكن لعدد من أعضاء كنيست والوزراء المحرضين أن يدّعوا أنهم بريئون من دم أبو خضير. لا بد لنا أيضًا، أن نتساءل، كيف في كُل مرّة يتم اكتشاف أمراض نفسية عند قاتلي العرب. وإذا كان الحديث عن الجنون، فهناك حاجة لمعالجة نصف الحكومة على الأقل».
واعتبرت حركة «فتح» في بيان صحافي لها، قرار المحكمة الإسرائيلية «تواطؤا وشراكة بين أركان دولة إسرائيل في جريمة إحراق فتى فلسطيني وهو حي». وأكدت الحركة عدم ثقتها بالمحاكم الإسرائيلية «لأنها قائمة على باطل وأحكامها باطلة»، وقالت: «ما يهمنا أن يعلم العالم شبكة العلاقة المنظمة بين مجرمي دولة الاحتلال، الذين يتمتعون بغطاء قانوني من أعلى الهيئات والمؤسسات، ويحظون بأحكام براءة». وطالبت الحركة المؤسسات الدولية الحقوقية بـ«وضع النظام القضائي الإسرائيلي تحت المجهر لاكتشاف حجم شراكته في الجرائم ذات الدوافع العنصرية والإرهابية» ضد الفلسطينيين.
وأدانت حركة حماس قرار المحكمة الإسرائيلية، أيضا، وعدّته «دليلاً على عنصرية الاحتلال ورعايته لجرائم المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني». وأكدت في بيان صحافي لها، على «حق شعبنا في الدفاع عن نفسه بكل الوسائل الممكنة»، داعية المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته تجاه إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي».
مخاوف فلسطينية من تبرئة قاتل الفتى محمد أبو خضير
فتح وحماس تنددان بتأجيل الاحتلال محاكمة المتهم الرئيسي في القضية
مخاوف فلسطينية من تبرئة قاتل الفتى محمد أبو خضير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة