صمت إعلامي عن لقاءات داود أوغلو مع قادة الأحزاب الكردستانية

بارزاني معجب بـ«كردية» وزير خارجية تركيا

مسعود بارزاني خلال لقائه أحمد داود أوغلو أول من أمس في أربيل («الشرق الأوسط»)
مسعود بارزاني خلال لقائه أحمد داود أوغلو أول من أمس في أربيل («الشرق الأوسط»)
TT

صمت إعلامي عن لقاءات داود أوغلو مع قادة الأحزاب الكردستانية

مسعود بارزاني خلال لقائه أحمد داود أوغلو أول من أمس في أربيل («الشرق الأوسط»)
مسعود بارزاني خلال لقائه أحمد داود أوغلو أول من أمس في أربيل («الشرق الأوسط»)

أثارت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى إقليم كردستان العراق للمشاركة في أعمال ملتقى السليمانية الثاني والذي أقيم في الأول من أمس برعاية الجامعة الأميركية وبحضور عدد كبير من المسؤولين العراقيين ومسؤولين في المحيط الإقليمي للعراق وباحثين من دول العالم ردود فعل إيجابية لما تضمنتها من رسائل تؤكد أن «العلاقات الكردية - التركية، تسير في طريقها الصحيح»، حسب تعبير سياسي كردي عراقي.
والتقى داود أوغلو في زيارته للإقليم كلا من مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، وكوسرت رسول علي، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، ونوشيروان مصطفى، زعيم حركة التغيير، ومحمد فرج، الأمين العام للاتحاد الإسلامي في السليمانية وأربيل، في إطار مشاركته في الملتقى.
وجاء لقاء أوغلو مع بارزاني في ساعة متأخرة من مساء الأول من أمس في مصيف صلاح الدين بأربيل بحضور نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، وعدد من وزراء الإقليم، حيث أكدت رئاسة الإقليم في بيان نشرته بعد ختام الاجتماع، أن الطرفين تحدثا حول الأوضاع الأمنية والسياسية والانتخابات النيابية المقبلة في العراق وتأثيراتها على مستقبل العملية السياسية بالإضافة إلى الأوضاع السياسية في المنطقة بشكل عام والأزمة السورية وتداعياتها على المنطقة، ولم تتسرب أي معلومات عن لقاءات داود أوغلو مع قادة الأحزاب الكردستانية، حيث فرض صمت إعلامي حولها، كما لم يجر أي مؤتمر صحافي لوزير الخارجية التركي سواء في السليمانية أو أربيل كما كان متوقعا.
وقد أبدى رئيس إقليم كردستان وخلال الاجتماع الذي جمعه بوزير الخارجية التركي إعجابه بالكلمات الكردية التي استهل بها كلمته في ملتقى السليمانية، مبينا أنه لم يصدق في البداية أنه يتحدث شخصيا بالكردية، بل إنه ظن أن الكلمات الكردية هي من قبل المترجم الفوري للملتقى.
وكانت إحدى نائبات دولة القانون قد أبدت مخاوفها من خلال تصريحات صحافية بشأن هذه الزيارة والتقارب الكردي – التركي، متهمة الإقليم بمساعدة تركيا على التدخل في شؤون العراق وأن تركيا تريد أن تضحي ببغداد من أجل مصلحتها ومستقبل علاقاتها مع الإقليم.
قد نفى النائب عن التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي محما خليل سعي تركيا لتقوية علاقاتها مع الإقليم على حساب بغداد، مبينا أن ما تفعله تركيا «ليست تضحية ببغداد، فلا فرق بين بغداد وأربيل، ومن المفروض أن يكون العراق وحسب الدستور دولة فيدرالية والعلاقات بين الإقليم وتركيا تخدم العراق أولا».
وقال خليل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن وزير الخارجية التركي زار الإقليم برفقة وزير الخارجية العراقي ووزراء عراقيين وأعضاء من مجلس النواب العراقي من مختلف الكتل»، مؤكدا أن «الإقليم يرغب بأن تكون علاقاته قوية بدول الجوار وفق الدستور»، معتبرا «تركيا دولة مهمة للعراق بشكل عام وللإقليم بشكل خاص كونها بوابة العراق للعالم ولكون الإقليم بوابتها نحو العراق والمنطقة».
وأوضح أن الإقليم يريد «أن يبني مؤسساته الاقتصادية وأن يسهم في تقوية الاقتصاد العراقي»، مشيرا إلى أن تصريحات إحدى نائبات دولة القانون حول التقارب الكردي – التركي «ليست إلا مجرد ضغوط ودعاية انتخابية مبكرة».
ولم يخف خليل أن «بغداد تجاوزت على حقوق الإقليم الدستورية واستحقاقات المواطنين»، مؤكدا أن «هذا الاختلاف لا يمكن الاستمرار به إلى أمد مفتوح».
كما وصف الناطق باسم الاتحاد الإسلامي الكردستاني مولود باوة مراد زيارة وزير الخارجية التركي إلى الإقليم «بالبداية الجديدة والمهمة لفصل آخر من العلاقات الإنسانية بين شعوب المنطقة بعد عقود كثيرة من نفي الآخر والاستقواء بين الشعوب».
وأكد مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما «جرت قراءته من كلمة أوغلو في ملتقى السليمانية وبالأخص عند بدئه التحدث باللغة الكردية هي رسالة واضحة بأن تركيا تؤمن بالتعايش الأخوي بين الشعوب في المنطقة والمساواة بين جميع مكونات وشعوب الشرق الأوسط، حيث تستطيع أن تعيش سوية بعيدا عن المشكلات وأن تكون لنا بداية جديدة للوصول إلى بر الأمان». ونفى مراد أن يكون لتركيا أي تدخل في مسألة إعلان التشكيلة الحكومية القادمة «وبالأخص بعد اجتماع وزير الخارجية التركي مع جميع الأطراف الفائزة في الانتخابات والتي أبدت رغبتها في المشاركة في التشكيلة الحكومية القادمة، حيث بين أنه لم يلحظ أي رسائل أو ضغوط خلال الاجتماعات مع وفدي تركيا وإيران حول هذا الموضوع».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».