المفخخات والعبوات تهز جانبي الكرخ والرصافة من بغداد

«الأمن» البرلمانية: هذا انعكاس لأزمة سياسية يمر بها البلد منذ سنوات

شرطي عراقي يتفحص بقايا سيارة انفجرت أمس في مدينة الصدر شرق بغداد (أ.ف.ب)
شرطي عراقي يتفحص بقايا سيارة انفجرت أمس في مدينة الصدر شرق بغداد (أ.ف.ب)
TT

المفخخات والعبوات تهز جانبي الكرخ والرصافة من بغداد

شرطي عراقي يتفحص بقايا سيارة انفجرت أمس في مدينة الصدر شرق بغداد (أ.ف.ب)
شرطي عراقي يتفحص بقايا سيارة انفجرت أمس في مدينة الصدر شرق بغداد (أ.ف.ب)

بعد يوم دام في قضاء سامراء (120 كم غرب بغداد) أسفر عن مقتل وجرح أكثر من 125 مواطنا عراقيا أول من أمس، استيقظ البغداديون أمس على وقع سبعة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة في الكثير من الأحياء السكنية في جانبي الكرخ والرصافة. ورغم أن العاصمة العراقية بغداد تشهد منذ مدة المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة، سواء على صعيد حركة المركبات في الشوارع الرئيسية أو على صعيد التشديد في إجراءات الدخول إلى بعض الأحياء حتى إن بعض الأحياء السكنية لم يعد ممكنا الدخول إليها إلا عن طريق باج خاص يسمح لحامله الدخول إلى ذلك الحي على أمل أن تساعد مثل هذه الإجراءات الحد من حركة المسلحين.
التضارب في الأنباء بشأن أعداد السيارات المفخخة والعبوات الناسفة أو الضحايا لا يزال سيد الموقف عادة. فقيادة عمليات بغداد تقدم وعبر بيانها الرسمي رواية مختلفة عما يصدر عادة من مصادر أمنية وصحية. وفي هذا السياق، اعترفت قيادة عمليات بغداد بمقتل وإصابة 19 شخصا بسلسلة التفجيرات، بينما تحدثت المصادر الأمنية والصحية عن مقتل 20 شخصا وجرح أكثر من 70 آخرين. وقال الناطق باسم عمليات بغداد العميد سعد معن في بيان له، إن «العاصمة بغداد شهدت اعتداءات إرهابية جبانة في مناطق مختلفة منها».
وشرح البيان طبيعة الاعتداءات والخريطة الجغرافية للعاصمة التي شملتها، مشيرا إلى أن «اعتداء إرهابيا حصل في مدينة الصدر بمنطقة الكيارة بواسطة عبوة داخل عجلة، مما أسفر عن إصابة تسعة مدنيين بجروح، كما انفجرت عبوة دون خسائر بالقرب من ساحة 55 في حين انفجرت عبوة داخل عجلة في منطقة الشعب وأدى انفجارها إلى إصابة مدنيين اثنين». وأضاف معن: «كما استشهد مدني وأصيب اثنان آخران في منطقة الزعفرانية بانفجار عبوة داخل عجلة أيضا كما أصيب مدني بانفجار ناسفة في حي العامل واستشهد مدني بانفجار سيارة مفخخة بالقرب من الجامعة التكنولوجية وأصيب ثلاثة مدنيين بانفجار عبوة بالقرب من محطة الوقود في مدينة الشعلة». لكن المصادر الطبية والأمنية أكدت مقتل وإصابة أكثر من 90 شخصا بانفجار خمس عبوات وخمس سيارات مفخخة.
وفي هذا السياق، أكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن تكرار هذه الخروقات أصبح من الظواهر التي تدل على أن التعامل معها يجري بصورة شبة طبيعية. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن العراقية مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحصل إنما هو انعكاس واضح للأزمة السياسية التي يمر بها البلد منذ سنوات والتي استفحلت في غضون السنتين الأخيرتين وهو ما تؤشر إليه الإحصاءات الخاصة بمعدلات العنف الشهرية والتي تعادل خسائر حروب، بل إن هناك حروبا كبيرة بين دول لم تشهد مثل هذه الخسائر كل شهر». وأضاف الجنابي: «لقد سبق أن تحدثنا نحن سواء في لجنة الأمن والدفاع أو في البرلمان من خلاله لجانه وجلساته، ولكن لا أحد من المسؤولين التنفيذيين في الدولة بدءا من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وباقي القادة الأمنيين مستعد لأنه يسمع لمجرد السماع للملاحظات التي يمكن أن تقال بشأن الأداء من أي طرف من الأطراف المشاركة بالعملية السياسية»، مشيرا إلى أن «العملية أصبحت معكوسة، فالقادة الأمنيين ورغم تكرار فشلهم الذريع في حفظ أرواح الناس وممتلكاتهم فإنهم لن يحضروا إلى جلسات البرلمان بأوامر صادرة من قبل القائد العام وهو قد أعلنها بنفسه خشية أن يتعرضوا للانتقاد لأن ذلك من وجهة نظره يمكن أن يؤثر على هيبة المؤسسة العسكرية». وتساءل الجنابي: «أين هيبة المؤسسة العسكرية وهي تخترق بهذه الطريقة وتسيل الدماء في الشوارع وبشكل يومي وفي الأحياء الفقيرة من بغداد». وأكد الجنابي أن «المسؤولية تتحملها المؤسسة الأمنية ومن يدافع عنها لأن الدفاع عنها بهذه الطريقة مخالفة للمنطق والحق والقانون لأن أهم عمل لهذه المؤسسة هي حماية أرواح الناس وممتلكاتهم وهو ما لم يحصل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.