فيما أحيا الفلسطينيون، أمس، يوم التضامن العالمي مع قضيتهم بالدعوة إلى تحرك دولي فاعل لإنهاء الاحتلال، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتصريحات يؤكد فيها تمسكه بالاحتلال. ورفض حتى الاقتراحات الأميركية التي تتحدث عن انسحاب رمزي من مناطق تبلغ مساحتها 40 ألف دونم في الضفة الغربية.
وقال نتنياهو، أمس، في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية، إن «إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين أي أراض، لا 40 ألف دونم ولا 40 ألف متر ولا 10 آلاف، ولا حتى منحهم مترا واحدا». وجاءت أقوال نتنياهو تعقيبا على الأنباء التي تحدثت، في الأيام الأخيرة، عن اقتراح أميركي، تنسحب إسرائيل بموجبه، من ثلاث مناطق فلسطينية قرب طولكرم وقلقيلية وأريحا، ويجري تحويلها من منطقة ج (التي تسيطر فيها إسرائيل إداريا وأمنيا) إلى منطقة ب (التي تسيطر فيها السلطة الفلسطينية إداريا وإسرائيل أمنيا). وقد أثار مجرد طرح الاقتراح، هجوما على نتنياهو من رفاقه وحلفائه المستوطنين في الضفة الغربية، ووزراء ونواب حزب «البيت اليهودي» وحزب الليكود.
ومن جهة ثانية، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، الذي صادف يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، بتحرك دولي فاعل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وقالت الوزارة، في بيان صحافي لها، إن «المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى، بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية بشكل فردي وجماعي، لاحترام مبادئ وإحكام القانون الدولي، لإنهاء الاحتلال وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني». ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى «الانتقال من المناداة بعدالة القضية الفلسطينية والتعبير عن التضامن، إلى الالتزام بمسؤولياته في وضع حد للاحتلال وممارساته». وحثت بهذا الصدد، على «اتخاذ قرار دولي ملزم ينهي الاحتلال الإسرائيلي، ويوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني». كما دعت إلى الاعتراف بدولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، والمبادرة بالاعتراف الثنائي بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ومساندة مبادرات فلسطين في استكمال الانضمام للوكالات والهيئات الدولية المختصة. وأعربت الخارجية الفلسطينية عن تطلعاتها أن يكون الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في العام المقبل، احتفالا بقيام وتجسيد دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
ويصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1977، يوم صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1947.
ويشار إلى أن موقف نتنياهو الرفضي يثير قلقا وانتقادات واسعة في إسرائيل. وقد عدته صحيفة «هآرتس»: «خطرا على أمن الدولة». وكتبت في مقالها الافتتاحي، أمس، أنه «سينتهي غدا الشهر الثاني من (الهبة الفلسطينية). لكنه لن يكون الشهر الأخير. منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، يحرص الفلسطينيون على تنفيذ عمليات طعن ودهس وإطلاق نيران. لقد قتل وجرح مدنيون وجنود، وتم قتل أو (إحباط) المهاجمين، لكننا لا نرى نهاية لهذه الظاهرة. لا يوجد أي مبرر يجعلنا نتعامل مع هجمات السكاكين وتبعاتها القاتلة كما لو كانت ضربة قدر. كل شيء في أيدي الإنسان ويمكن تغييره. يبدو أن حكومة إسرائيل تؤمن بهذا، أيضا، ولكن اتجاه تفكيرها أعوج. القيادة السياسية التي توجه قوات الأمن، لا تبحث عن جذور الظاهرة، وإنما تكتفي بالبحث عن حلول لأعراضها».
وحذرت الصحيفة من خطورة أن تؤدي سياسة الحكومة إلى انهيار السلطة الفلسطينية بمؤسساتها المدنية والأمنية. وقالت: «إذا انهارت السلطة فعلا، ستقف إسرائيل أمام حالة من الفوضى، تعزز قوة حماس والجهاد الفلسطيني والجهات الحربية في حركة فتح، بل وتعمق تغلغل (داعش). التنسيق الأمني سيلغى من تلقاء ذاته، وسيتزايد حجم العمليات في المدن الإسرائيلية وقوتها، وستضطر إسرائيل مرة أخرى إلى احتلال مدن الضفة وتحمل الأعباء الاقتصادية الثقيلة للمسؤولية عن ملايين الفلسطينيين. ربما يكون هذا هو حلم المعارضين لعملية أوسلو، لكنه سيكون كابوس كل حكومة مسؤولة في القدس، خاصة أن من يقف على رأسها، عاد وأعلن مؤخرا في واشنطن، بأنه يتمنى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. من بين صفوف الجيش وأذرع الاستخبارات تعلو أصوات تحذر من نتائج الخطوات المبتذلة، التي تطرح، ربما للتلهي، على شفاه السياسيين؛ لكن الجيش ينفذ ولا يقرر. بدل الشماتة بوزير الخارجية جون كيري، الذي أنهى جولة أخرى محبطة وعقيمة من المحادثات مع الجانبين في المنطقة، على إسرائيل اتخاذ مبادرة خلاقة – سياسية، أمنية، مدنية – لتغيير الوضع. الحكومة التي لا تفعل ذلك تقول، عمليا، إنها تتخوف من التغيير أكثر من العمليات. هذه حكومة سيئة، انهزامية وخطيرة على إسرائيل».
نتنياهو يعلن أن لا انسحاب مترا واحدا من الضفة الغربية
الفلسطينيون يطالبون العالم بالانتقال من المناداة بعدالة قضيتهم إلى وضع حد للاحتلال
نتنياهو يعلن أن لا انسحاب مترا واحدا من الضفة الغربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة