نتنياهو يعلن أن لا انسحاب مترا واحدا من الضفة الغربية

الفلسطينيون يطالبون العالم بالانتقال من المناداة بعدالة قضيتهم إلى وضع حد للاحتلال

رجل أمن إسرائيلي يعتقل شابا فلسطينيا قرب بناء قيد الإنشاء للاشتباه بطعنه إسرائيلية داخل حافلة في القدس (إ.ب.أ)
رجل أمن إسرائيلي يعتقل شابا فلسطينيا قرب بناء قيد الإنشاء للاشتباه بطعنه إسرائيلية داخل حافلة في القدس (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يعلن أن لا انسحاب مترا واحدا من الضفة الغربية

رجل أمن إسرائيلي يعتقل شابا فلسطينيا قرب بناء قيد الإنشاء للاشتباه بطعنه إسرائيلية داخل حافلة في القدس (إ.ب.أ)
رجل أمن إسرائيلي يعتقل شابا فلسطينيا قرب بناء قيد الإنشاء للاشتباه بطعنه إسرائيلية داخل حافلة في القدس (إ.ب.أ)

فيما أحيا الفلسطينيون، أمس، يوم التضامن العالمي مع قضيتهم بالدعوة إلى تحرك دولي فاعل لإنهاء الاحتلال، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتصريحات يؤكد فيها تمسكه بالاحتلال. ورفض حتى الاقتراحات الأميركية التي تتحدث عن انسحاب رمزي من مناطق تبلغ مساحتها 40 ألف دونم في الضفة الغربية.
وقال نتنياهو، أمس، في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية، إن «إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين أي أراض، لا 40 ألف دونم ولا 40 ألف متر ولا 10 آلاف، ولا حتى منحهم مترا واحدا». وجاءت أقوال نتنياهو تعقيبا على الأنباء التي تحدثت، في الأيام الأخيرة، عن اقتراح أميركي، تنسحب إسرائيل بموجبه، من ثلاث مناطق فلسطينية قرب طولكرم وقلقيلية وأريحا، ويجري تحويلها من منطقة ج (التي تسيطر فيها إسرائيل إداريا وأمنيا) إلى منطقة ب (التي تسيطر فيها السلطة الفلسطينية إداريا وإسرائيل أمنيا). وقد أثار مجرد طرح الاقتراح، هجوما على نتنياهو من رفاقه وحلفائه المستوطنين في الضفة الغربية، ووزراء ونواب حزب «البيت اليهودي» وحزب الليكود.
ومن جهة ثانية، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، الذي صادف يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، بتحرك دولي فاعل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وقالت الوزارة، في بيان صحافي لها، إن «المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى، بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية بشكل فردي وجماعي، لاحترام مبادئ وإحكام القانون الدولي، لإنهاء الاحتلال وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني». ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى «الانتقال من المناداة بعدالة القضية الفلسطينية والتعبير عن التضامن، إلى الالتزام بمسؤولياته في وضع حد للاحتلال وممارساته». وحثت بهذا الصدد، على «اتخاذ قرار دولي ملزم ينهي الاحتلال الإسرائيلي، ويوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني». كما دعت إلى الاعتراف بدولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، والمبادرة بالاعتراف الثنائي بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ومساندة مبادرات فلسطين في استكمال الانضمام للوكالات والهيئات الدولية المختصة. وأعربت الخارجية الفلسطينية عن تطلعاتها أن يكون الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في العام المقبل، احتفالا بقيام وتجسيد دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
ويصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1977، يوم صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1947.
ويشار إلى أن موقف نتنياهو الرفضي يثير قلقا وانتقادات واسعة في إسرائيل. وقد عدته صحيفة «هآرتس»: «خطرا على أمن الدولة». وكتبت في مقالها الافتتاحي، أمس، أنه «سينتهي غدا الشهر الثاني من (الهبة الفلسطينية). لكنه لن يكون الشهر الأخير. منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، يحرص الفلسطينيون على تنفيذ عمليات طعن ودهس وإطلاق نيران. لقد قتل وجرح مدنيون وجنود، وتم قتل أو (إحباط) المهاجمين، لكننا لا نرى نهاية لهذه الظاهرة. لا يوجد أي مبرر يجعلنا نتعامل مع هجمات السكاكين وتبعاتها القاتلة كما لو كانت ضربة قدر. كل شيء في أيدي الإنسان ويمكن تغييره. يبدو أن حكومة إسرائيل تؤمن بهذا، أيضا، ولكن اتجاه تفكيرها أعوج. القيادة السياسية التي توجه قوات الأمن، لا تبحث عن جذور الظاهرة، وإنما تكتفي بالبحث عن حلول لأعراضها».
وحذرت الصحيفة من خطورة أن تؤدي سياسة الحكومة إلى انهيار السلطة الفلسطينية بمؤسساتها المدنية والأمنية. وقالت: «إذا انهارت السلطة فعلا، ستقف إسرائيل أمام حالة من الفوضى، تعزز قوة حماس والجهاد الفلسطيني والجهات الحربية في حركة فتح، بل وتعمق تغلغل (داعش). التنسيق الأمني سيلغى من تلقاء ذاته، وسيتزايد حجم العمليات في المدن الإسرائيلية وقوتها، وستضطر إسرائيل مرة أخرى إلى احتلال مدن الضفة وتحمل الأعباء الاقتصادية الثقيلة للمسؤولية عن ملايين الفلسطينيين. ربما يكون هذا هو حلم المعارضين لعملية أوسلو، لكنه سيكون كابوس كل حكومة مسؤولة في القدس، خاصة أن من يقف على رأسها، عاد وأعلن مؤخرا في واشنطن، بأنه يتمنى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. من بين صفوف الجيش وأذرع الاستخبارات تعلو أصوات تحذر من نتائج الخطوات المبتذلة، التي تطرح، ربما للتلهي، على شفاه السياسيين؛ لكن الجيش ينفذ ولا يقرر. بدل الشماتة بوزير الخارجية جون كيري، الذي أنهى جولة أخرى محبطة وعقيمة من المحادثات مع الجانبين في المنطقة، على إسرائيل اتخاذ مبادرة خلاقة – سياسية، أمنية، مدنية – لتغيير الوضع. الحكومة التي لا تفعل ذلك تقول، عمليا، إنها تتخوف من التغيير أكثر من العمليات. هذه حكومة سيئة، انهزامية وخطيرة على إسرائيل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».