مجلس إنقاذ الأنبار يتهم قوات الشرطة العراقية بتسهيل دخول «داعش» وتشريد السكان

العشائر تتجه للتسليح الذاتي لدحر الإرهابيين بعد تخاذل الحكومة

مجلس إنقاذ الأنبار يتهم قوات الشرطة العراقية بتسهيل دخول «داعش» وتشريد السكان
TT

مجلس إنقاذ الأنبار يتهم قوات الشرطة العراقية بتسهيل دخول «داعش» وتشريد السكان

مجلس إنقاذ الأنبار يتهم قوات الشرطة العراقية بتسهيل دخول «داعش» وتشريد السكان

فجر رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، حميد الهايس، معلومات خطيرة، وذلك بعد اتهامه لقوات الشرطة العراقية بأنها تلقت أوامر بعدم قتال تنظيم داعش خلال اجتياحه لمدينة الموصل ومحافظة الأنبار العام الماضي.
وقال الهايس، إن «الحزب الإسلامي العراقي والمجالس العسكرية التي تم تأسيسها في الأنبار والموصل وصلاح الدين هي سبب دمار المحافظات السنية»، مشيرًا إلى أن «الحزب الإسلامي هو من أعطى الأوامر إلى قوات الشرطة بعدم قتال (داعش) في الموصل والأنبار».
ودعا الهايس السياسيين «السنة» الذين قاموا بتشكيل «لجنة التنسيق العليا» إلى «إحالة أنفسهم على التقاعد»، متهمًا إياهم بـ«تدمير وتشريد السنة في العراق وخلق أزمات طيلة السنوات الماضية».
وتشكل العشائر الغالبية العظمى من سكان الأنبار وتضم العشرات من القبائل والعشائر وجميعها سنية، ولكن الصراعات التي تشهدها المدينة اليوم قسمتها إلى فريقين، الأول مع الحكومة وأبرزها عشائر البوريشة والفهد والذياب والعلوان والعبيد والعيسى والبوعلي والبوبالي والنمر، وهي العشائر ذاتها التي شكلت مجلس عشائر الأنبار المتصدية للإرهاب، والفريق الثاني من العشائر قرر التزام الحياد بين الحكومة و(داعش) خوفًا من التنظيم المتشدد الذي سيطر على مناطقها منذ وقت طويل ويحتجز البعض من أبنائها ومن بيت تلك العشائر عشائر مدن الرطبة والقائم وبعض المناطق الأخرى، وهناك عدد قليل من العشائر أعلنت تأييدها لتنظيم داعش بشكل سري، فيما أدت المعارك الطاحنة التي تشهدها الأنبار منذ 23 شهرًا إلى مقتل المئات من أبناء العشائر على يد مسلحي التنظيم كانت أبرزها مجزرة عشائر البونمر.
وكشف شيخ عشيرة البونمر، نعيم الكعود، عن أن عشائر محافظة الأنبار وبعد يأسها من دعم الحكومة لها، قررت الاعتماد على نفسها بالتمويل والتسليح.
وقال الكعود، إن «عشائر المحافظة بإمكاناتها البسيطة المتوفرة لجأت إلى الاعتماد على القيام بواجبات قتالية خطيرة، وهجمات سريعة تنفذها على (داعش) في المناطق الغربية للمحافظة من أجل الحصول على أسلحة وأعتدة تغتنمها من التنظيم الإرهابي»، مبينا أن الأمر ليس بالسهولة المتوقعة، إذ إن العشائر بهذه الخطة بدأت تقايض الرجال بالسلاح.
وأضاف الكعود: «إن كل هجوم تشنه قوات العشائر على التنظيم بهدف الحصول على بعض قطع الأسلحة والمعدات منه، يكلفها تقديم عدد من أبنائها بين قتيل وجريح، في مقايضة باهظة الثمن، وقد شهدت مناطق الثرثار وبروانة أغلب هذه الهجمات، وحصلت على كميات من السلاح والعتاد والمعدات، استطاعت من خلالها أن تستمر بمعاركها والتصدي للتنظيم والدفاع عن مناطقها، ولكننا فقدنا الكثير من رجالنا الأبطال بسبب إهمال حكومة بغداد التي تغدق بالسلاح على جانب دون آخر».
إلى ذلك، اتجهت بوصلة المعارك التي تخوضها القوات الأمنية العراقية لتحرير مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش، من جنوب وغرب المدينة إلى شرقها، حيث تدور معارك شرسة هناك، تقدمت فيها القوات العراقية وتمكنت من تحرير بعض المناطق التي كانت خاضعة من قبل ذلك لسيطرة التنظيم المتطرف، في هدف الوصول إلى وسط المدينة حسب الخطة الموضوعة لقيادة العمليات المشتركة العراقية، وأعلن مسؤول حكومي، بأن اشتباكات عنيفة تدور بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش في مدينة الرمادي.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار راجع العيساوي، إن «القوات الأمنية وأفواج من مقاتلي العشائر، تمكنوا من تطهير مساحات واسعة من المحور الشرقي للمدينة الرمادي، بعد انهيار خطوط صد تنظيم داعش أمام تقدم القوات الأمنية من المحور الشرقي للمدينة باتجاه المركز بعد قطع خطوط إمداد العدو بالكامل».
وأضاف العيساوي: «إن إحكام السيطرة على الأحياء السكنية وعلى مساحات أخرى عند الجانب الشرقي للمدينة والتي كانت تخضع لسيطرة (داعش)، أربكت صفوف التنظيم وعزلت مناطق وجوده عن مركز المدينة، وشلت قدرته في إيصال الإمدادات إلى مسلحيه في مناطق شرقي المدينة، بالتزامن مع قصف عنيف لمدفعية الجيش وطيران القوة الجوية، إضافة للطلعات الجوية التي يقوم بها طيران التحالف الدولي».
وأشار العيساوي إلى «وصول قوات عسكرية أخرى من الجيش والشرطة الاتحادية متمثلة بآليات ومعدات عسكرية وأسلحة وأعتدة إلى المحور الشرقي لمدينة الرمادي، وذلك بهدف تعزيز القوات الموجودة والمتقدمة بعمليات التحرير ضمن نفس القاطع». وأكد أن «عمليات تقدم القوات الأمنية ومقاتلي العشائر رغم أنها تسير ببطء لوجود العبوات الناسفة والألغام التي زرعها عناصر (داعش) في الطرقات والمنازل في حصيبة وجويبة شرق الرمادي، فإن التقدم إلى مركز المدينة مستمر».
إلى ذلك، قال مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار: «إن «جهاز الاستخبارات التابع إلى القيادة وبالتعاون مع طيران التحالف الدولي، تمكن وبضربة جوية من قتل ما يسمى والي الأنبار المدعو أنور حماد، والملقب بأبو حارث القاضي، وسط مدينة الرمادي».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه، أن «القاضي هو أبرز قياديي (داعش) والذي شغل منصب ما يسمى (قاضي هيت الشرعي) في بداية دخول (داعش) إلى مدينة هيت، وبعدها تم نقله إلى مركز مدينة الرمادي وعين بمنصب والي الأنبار».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.