بدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أمس، زيارة «صداقة وعمل» لجمهورية الغابون بعد أن أنهى زيارة رسمية إلى غينيا دامت ثلاثة أيام.
وتعد الغابون المحطة الأخيرة من جولة أفريقية بدأها العاهل المغربي يوم 18 فبراير (شباط) الماضي، وقادته إلى مالي وساحل العاج وغينيا كوناكري.
يذكر أن المغرب والغابون يرتبطان بعلاقات قوية منذ عدة عقود. وزار الملك محمد السادس الغابون أكثر من أي بلد في غرب أفريقيا، فكانت أول زيارة في عام 2002 ثم في عام 2004 حين أشرف رفقة رئيس الغابون الراحل عمر بانغو، على توقيع اتفاقية لإنعاش وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. وخلال زيارته للغابون في عام 2005 وقع البلدان على أربع اتفاقيات تهدف إلى تمتين وتقوية الإطار القانوني للتعاون القائم بينهما؛ وتواصلت زيارات الملك محمد السادس للغابون في عامي 2006 و2013.
من جهة أخرى، أعربت جمهورية غينيا عن دعمها الثابت للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء واصفة إياها بـ«مجهود جدي وذي مصداقية» للتوصل إلى تسوية نهائية لهذا النزاع.
وجاء في بيان مشترك صدر أمس بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى جمهورية غينيا، أن الرئيس الغيني ألفا كوندي «عبر عن دعم بلاده للمبادرة المغربية الرامية إلى منح حكم ذاتي موسع لجهة الصحراء والتي تعد مجهودا جديا وذا مصداقية للمغرب بهدف التوصل إلى تسوية نهائية لهذا النزاع».
وأشار البيان إلى أن الرئيس الغيني عبر أيضا عن دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الشخصي من أجل التوصل إلى تسوية سياسية متفاوض بشأنها لهذا النزاع، تماشيا مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما أبرز الرئيس كوندي، يضيف البيان، الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية من أجل وحدة القارة الأفريقية، وأعرب عن التزامه بالعمل على عودة المملكة إلى حظيرة الاتحاد الأفريقي، في احترام للوحدة الترابية للمغرب.
وأشاد الرئيس الغيني بسياسة الهجرة الجديدة التي اعتمدها المغرب، وعبر عن دعمه لإطلاق التحالف الأفريقي حول الهجرة والتنمية وانخراطه الفعال في هذه المبادرة الخلاقة.
ووجه العاهل المغربي والرئيس الغيني، نداء من أجل «إطلاق سريع» لعملية حفظ السلام للأمم المتحدة بجمهورية أفريقيا الوسطى، بهدف مواكبة عملية الانتقال لإرساء السلم والأمن في هذا البلد. وأعرب قائدا البلدين «عن قلقهما لتدهور الوضع الأمني والإنساني» في هذا البلد.
من جهة أخرى، اتفق الرئيس الغيني والعاهل المغربي، على توحيد جهودهما من أجل إرساء مناخ ملائم لتحقيق تنمية منسجمة ومستدامة بالقارة.
وفي سياق ذلك، جددا «التأكيد على التزامهما بدعم كافة المبادرات الإقليمية والجهوية والدولية، الهادفة إلى الحد من المخاطر التي تهدد السلم والاستقرار والأمن بغرب أفريقيا ومنطقة الساحل».
على صعيد آخر، جدد المغرب وغينيا عزمهما على توطيد العلاقات الثنائية وإرساء شراكة بينهما. وعبر الجانبان عن ارتياحهما لعلاقات الصداقة والتعاون التي جمعت على الدوام بين البلدين، وجددا التأكيد على إرادتهما في تعزيزها وتعميقها وتوسيعها في مختلف المجالات.
وكان العاهل المغربي والرئيس الغيني قد ترأسا أمس في قصر محمد الخامس بكوناكري، حفل التوقيع على اتفاقية تعاون بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب وهيئة أصحاب العمل في غينيا.
ووقع على هذه الاتفاقية، التي تهدف إلى تبادل الخبرات والمعلومات بين اتحادي رجال الأعمال بهدف تشجيع الاستثمارات في البلدين، مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ورئيس هيئة أصحاب العمل في غينيا إسماعيل كيتا.
وأشرف الملك محمد السادس مرفوقا بالرئيس الغيني، بعد ظهر أمس أيضا، على تدشين «مطاحن أفريقيا» ببلدة ما توتو التي تبعد بنحو 20 كلم عن كوناكري.
وجرى إنجاز هذه المنشأة، وهي ثمرة شراكة بين مطاحن لهلال (المغرب) وشركة صونوكو سا (غينيا) باستثمار فاق 30 مليون يورو.
وحظيت هذه الوحدة الصناعية من الجيل الجديد، التي شيدت على مساحة 5.3 هكتار بالمنطقة الصناعية صونفونيا (بلدة ماتوتو) والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية 900 طن في اليوم، بثقة شركاء ماليين مؤسساتيين ومجموعة من البنوك المحلية.
وسيتخصص هذا المعمل في طحن القمح لإنتاج الدقيق المقوى الموجه لإعداد الخبز ومختلف العجائن الغذائية ومنتوجات مشتقة أخرى. كما يتوفر المعمل على وحدة لإنتاج «النخالة» الموجهة لتغذية الماشية والدواجن.
وتقدر الطاقة الإنتاجية للمعمل بنحو 190 ألف طن من الدقيق و6250 طنا من «النخالة» شهريا وبالتالي الاستجابة لحاجيات السوق الغينية.
وتندرج هذه الوحدة الصناعية، في إطار مقاربة التعاون جنوب - جنوب التي يضعها الملك محمد السادس، ضمن أولويات السياسة الخارجية للمملكة، كما تندرج في إطار الشراكات المربحة للطرفين. وستحدث نحو 500 منصب شغل بشكل مباشر.
ويستفيد هذا المصنع من تأطير جد متطور يشرف عليه 45 مهندسا وتقنيا (مغاربة وغينيون وسويسريون وبولوني واحد وفرنسي) مما يجعل منه محركا مهما لنقل التكنولوجيا.
ويتماشى إنشاء هذه الوحدة الصناعية، بشكل تام، مع البرنامج الخماسي للحكومة الغينية، الذي يضع الاكتفاء الغذائي الذاتي في صلب أولوياته.
كما ترأس العاهل المغربي والرئيس الغيني أمس بقصر محمد الخامس في كوناكري، حفل التوقيع على بروتوكول اتفاق هام بين المملكة المغربية وجمهورية غينيا في مجال إنتاج الطاقة الكهرومائية.
وبموجب بروتوكول الاتفاق هذا، ستواكب المملكة المغربية جمهورية غينيا في مجال تصميم وإنجاز وبناء الكثير من السدود الموجهة لإنتاج الكهرباء والماء الصالح للشرب وكذا في تثمين القطاع الفلاحي.
ويتضمن المشروع إنجاز برنامج للمساعدة التقنية والتكوين، وتقوية القدرات، ومواكبة التمويل بهدف إنجاز وبناء سدود مخصصة لإنتاج الطاقة الكهرومائية بغينيا.
وستمكن هذه السدود من تطوير طاقة تجميع المياه والري على نطاق واسع. كما ستسمح هذه المنشآت بتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب لساكنة غينيا.
وستشكل التجربة المغربية، التي جرت مراكمتها منذ عقود في مجال تصميم وبناء وتدبير السدود الموجهة لإنتاج الطاقة الكهرومائية، قاعدة لتحسين قدرات البنى التحتية، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات غينيا.
وسيجري إنجاز التصميم والدراسات المتعلقة بهذا المشروع الهام للتنمية المستدامة قبل نهاية 2014.
وقع هذا الاتفاق، عن الجانب المغربي، عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري وعبد القادر عمارة وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وعن الجانب الغيني إدريسا ثيام وزير الطاقة والماء وجاكلين مارث سلطان وزيرة الفلاحة.
العاهل المغربي والرئيس الغيني لدى تبادلهما وسامين رفيعين في كوناكري الليلة قبل الماضية (ماب)