تونس تواجه نقصًا يقدر بـ 83 ألف وحدة في مجال السكن الاجتماعي

الصندوق السعودي للتنمية سيوفر تمويلات بنحو 75 مليون دولار

جانب من أحد المشروعات السكنية في تونس («الشرق الأوسط»)
جانب من أحد المشروعات السكنية في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

تونس تواجه نقصًا يقدر بـ 83 ألف وحدة في مجال السكن الاجتماعي

جانب من أحد المشروعات السكنية في تونس («الشرق الأوسط»)
جانب من أحد المشروعات السكنية في تونس («الشرق الأوسط»)

توقعت السلطات التونسية أن يكون حجم العجز الحكومي في توفير المساكن ذات الطابع الاجتماعي مقدرا بنحو 83 ألف مسكن، وقال أنيس غديرة، وزير الدولة المكلف بالإسكان في هذا الشأن، إن مصالح الدولة تلقت 123 ألف طلب للحصول على مساكن اجتماعية بصفة رسمية، في حين لا يتجاوز حجم المشاريع المقرر إنجازها من قبل الدولة حدود 30 ألف مسكن فحسب، وهو ما سيؤدي إلى تغيير استراتيجية الدولة في هذا المجال الحيوي بالنسبة للتونسيين.
ولتفادي هذا النقص الفادح على مستوى المساكن الاجتماعية الموجهة بالخصوص نحو الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود، من المنتظر توسيع البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي حتى يمكن سنويا بناء 10 آلاف مسكن، بهدف مقاومة انتشار البناء الفوضوي حول المدن الكبرى وتخفيض الضغط على العقارات القريبة من المدن التونسية الكبرى.
وأضاف غديرة في تصريح إعلامي، أن السلطات التونسية أعلنت منذ فترة وجيزة عن طلب عروض لبناء 4600 مسكن اجتماعي في مناطق مختلفة من الولايات (المحافظات) التونسية، من بينها أريانة وزغوان وسليانة وسوسة والقيروان والكاف وجندوبة، وهي من المناطق التي تفتقر لعناصر التنمية والانتعاشة الاقتصادية.
وسيوفر الصندوق السعودي للتنمية في هذا المجال، تمويلات بقيمة 150 مليون دينار تونسي (نحو 75 مليون دولار أميركي) لتنفيذ البرامج المتصلة بالسكن الاجتماعي في تونس، وذلك تنفيذا لبنود اتفاقية تمويل تربط بين تونس والمملكة العربية السعودية.
وسطرت وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية التونسية برنامجا جديدا هدفه إنجاز تقسيمات اجتماعية تُوكل مهمة تهيئتها إلى وكالة التهذيب والتجديد العمراني (هيكل حكومي). وتتمثل أعمال التهيئة في تهيئة وإنجاز طرقات داخل الأحياء ومحطات تطهير وتزويد السكان بالماء الصالح للشرب، وتمكينهم من التنوير العمومي والهاتف والتجهيزات الاجتماعية بالإضافة إلى تهيئة مناطق خضراء.
وتقترح الوزارة بالنسبة للمخطط الخماسي القادم (2016 - 2020) نحو 10.500 تقسيم اجتماعي في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
وتشارك عدة أطراف حكومية وخاصة في تنفيذ مشاريع السكن الممولة من قبل الحكومة، من بينهم الباعثون (المطورون) العقاريون الخواص، ومجمعات الباعثين العقاريين الخواص المتخصصة في مجال البناء، كما يمكن للباعثين العقاريين الذين ليس لهم مراجع في السكن المساهمة في بناء نسبة معينة من أقساط هذا الجزء، على ألاّ يتجاوز العدد الإجمالي للمساكن في القسط 100 مسكن.
ويندرج طلب العروض الذي أعلنت عنه وزارة التجهيز والإسكان التونسية منذ أيام، في إطار البرنامج الذي ضبطته الحكومة، وضمن تنفيذ توصيات قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي ينص على إنجاز مساكن اجتماعية موزعة على كامل محافظات تونس لفائدة العائلات التي لا تملك مسكنا ولا يفوق دخلها العائلي الشهري الخام ثلاث مرات الأجر الأدنى المهني المضمون، وهو 350 دينارا تونسيا في الشهر (نحو 175 دولارا).
وتسعى الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية، المعروفة اختصارا باسم «سنيت»، وهي مؤسسة حكومية، إلى الانتفاع بنحو 200 هكتار من الأراضي المحيطة بمنطقة تونس العاصمة لحل مشكل ندرة الأراضي الصالحة للبناء وارتفاع الأسعار بالسوق العقارية.
وباعتبارها تعمل على تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال السكن، فإنها تشكو من عدم توفر آليات الردع والمراقبة لمقاومة البناء الفوضوي، وتدعم مقترح تكثيف المساكن الاجتماعية والاقتصادية، وتؤكد أنها طريقة أفضل لتقليص ظاهرة المساكن العشوائية حول كبرى المدن التونسية.
وتتراوح أسعار المساكن التي تقدمها شركة «سنيت» ما بين 53.440 ألف دينار تونسي (نحو 26 ألف دولار) و90.820 ألف دينار، وأغلبها من الصنفين الاقتصادي والاجتماعي. وتقدر مساحة المساكن التي تسعى الشركة المذكورة لتسويقها بما بين 68 مترا مربعا و111 مترا مربعا.
وعلى وجه العموم، تتماشى أسعار المساكن الاجتماعية (أقل مساحة ممكنة) أو الاقتصادية ذات المساحة الأفضل، التي تسوقها الهياكل الحكومية وفق المساحة والموقع، وهي في كل الحالات لا تقل عن 53 ألف دينار تونسي، وتقع في مناطق سكنية على مقربة من كبرى المدن، على غرار أريانة وبن عروس ونابل، وهي مدن قريبة من العاصمة التونسية، إلا أن أسعارها ترتفع إلى حدود 90 ألف دينار في مناطق سكن جماعي على مقربة من البحر مثل منطقة رواد في الضاحية الشمالية للعاصمة. وقد تتجاوز في بعض الحالات حدود 216 ألف دينار تونسي بالنسبة لأشغال تقسيم البحري بمنطقة الزهراء في الضاحية الجنوبية للعاصمة على سبيل المثال، وهي مساكن نصف جماعية تتكون من ثلاث غرف وقاعة استقبال وبقية مستلزمات الحياة الجماعية.
ولا يمكن البتة مقارنة الأسعار التنافسية التي تطرحها الحكومة التونسية مع الأسعار التي تطرحها سوق العقارات في تونس، فالسعر قد يصل في بعض المناطق ذات الجاذبية الكبرى إلى حدود 3 آلاف دينار تونسي (نحو 1500 دولار) للمتر المربع الواحد، وهو ما يعني أن سعر العقار لوحده دون بناء يكفي لتشييد ثلاثة محلات سكنية ذات طابع اجتماعي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».