بابا الكنيسة المصرية عقب زيارته للقدس: «ذهبت لأ داء واجب إنساني»

مسؤولون بالأزهر رفضوا التعليق.. ومصادر مسيحية: لا تعني «كسر المقاطعة».. و«الإخوان» تحرض على التظاهر

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
TT

بابا الكنيسة المصرية عقب زيارته للقدس: «ذهبت لأ داء واجب إنساني»

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

تواصلت أمس حالة الجدل الكبيرة التي أحدثتها زيارة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على رأس وفد كنسي، للقدس الشرقية، لتقديم واجب العزاء في الأنبا أبراهام مطران القدس.
وعلى الرغم من دفاع البابا تواضروس عن زيارته، أمس، قائلا: «سافرت لواجب إنساني وليس بغرض الزيارة»، فإن مفكرين أقباطا انتقدوا الزيارة واعتبروها «تمثل إعلانًا غير مباشر لفتح الطريق أمام الأقباط لزيارة القدس في المستقبل بتأشيرة إسرائيلية»، فيما حرضت جماعة الإخوان أنصارها على التظاهر ضد الكنيسة في مصر.
في غضون ذلك، رفض مسؤولون في الأزهر، أمس، التعليق على الزيارة، مؤكدين أنهم ليست لديهم أسباب ملابسات الزيارة ولن يستطيعوا الحديث عنها.
وكانت الزيارة أثارت جدلا واسعا في الأوساط القبطية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بين رافضين يرون فيها تطبيعا يفتقد الحكمة ومخالفة لقرار المجمع المقدس الصادر عام 1980، ويمنع الزيارة للقدس طالما كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبين مؤيدين يرونها زيارة دينية ولها ظروف محددة ولا يجب تحميلها بعدا سياسيا.
وبرر القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الزيارة بقوله: «مجرد عزاء ليرأس صلاة الجنازة على روح الأنبا أبراهام.. ولا تعنى تغيرا في موقف الكنيسة الرافض لزيارة القدس»، فيما قالت مصادر مسيحية إن الزيارة لا تعني «كسر المقاطعة.. وموقفنا ثابت ولن يتغير من دخول القدس».
وسبق أن أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، رفض مشيخة الأزهر تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو زيارة القدس والمسجد الأقصى وهما تحت الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة للقدس في أبريل (نيسان) عام 2012 عن طريق الأردن، بتأشيرة دخول إسرائيلية، وانتقد وقتها من قبل القوى السياسية المصرية والعربية، التي اعتبرت زيارته تطبيعا مع العدو الإسرائيلي.
وكان البابا تواضروس الثاني قد جدد تأكيده رفض الكنيسة لزيارة الأقباط إلى القدس، نافيًا ما تردد عن سماحها لرعاياها بالزيارة، وقال خلال مقابلته الجالية القبطية في سان فرانسيسكو الأميركية قبل شهر: «نفسنا كلنا نذهب للقدس، لكن عندما تكون ليست محتلة من إسرائيل».
وعلق القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية المرقسية، قائلا إن «الزيارة لا تعنى بأي حال من الأحوال كسر قرار المجمع المقدس بمقاطعة السفر للقدس»، مشيرا في تصريحات صحافية له أمس، إلى أن البابا تواضروس منذ اعتلائه الكرسي البابوي عام 2012، أكد أكثر من مرة التزامه بقرار المجمع المقدس بمقاطعة سفر الأقباط إلى القدس رغم معاهدة «كامب ديفيد» للسلام، كما أكد الأمر نفسه للرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائهما في أكثر من مناسبة، مشددا على أنه لن يزور القدس إلا بصحبة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
ودعا سرجيوس وسائل الإعلام إلى عدم تحميل الزيارة أكثر من معناها وعدم إثارة اللغط حولها، مضيفا: «الأمر كله لفتة شخصية من البابا تواضروس».
وقرر البابا الراحل كيرلس السادس في عام 1967 حظر سفر الأقباط للقدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهو القرار الذي سار عليه من بعده البابا الراحل شنودة الثالث، حتى إن الأخير رفض الذهاب مع الرئيس الأسبق أنور السادات إلى إسرائيل عام 1977 بسبب هذا القرار، حتى أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية قرارًا عام 1980 بمقاطعة السفر إلى القدس.
وأكد البابا تواضروس الثاني في كلمته التي ألقاها من القدس، أمس، أنه سافر إلى هناك للعزاء في الراحل الأنبا إبراهام مطران القدس وليس بغرض الزيارة.
وقال البابا في كلمته التي نقلتها قناة مارمرقس الناطقة باسم الكنيسة: «لا أعتبر وجودي في فلسطين زيارة، بل واجب إنساني.. هذا المطران الجليل في محبته وفي حكمته كان من واجب الكنيسة أن تشارك في مراسم الصلاة عليه، ولهذا السبب كان من المناسب جدا أن يحضر وفد قبطي يمثل الكنيسة القبطية من مطارنة وأساقفة وكهنة وشمامسة.. وأكون معهم لنودعه الوداع الأخير هنا في القدس حيث كان مقر خدمته التي خدم من خلالها الأقباط في نحو عشر دول عربية».
وتابع بقول: «لا تعتبر هذه زيارة بأي صورة من الصور فهي تأدية واجب، وأعتقد أن التقصير وعدم الحضور بالنسبة لي سواء على المستوى الذي أمثله أو على المستوى الشخصي كان سيعتبر نوعا من التقصير يجب ألا يتم».
لكن مفكرين أقباطا أعلنوا رفضهم الشديد للزيارة المفاجئة التي قام بها بابا الإسكندرية، رافضين دفاع تواضروس والقيادات الكنسية عن الزيارة، باعتبارها زيارة روحية ولتأدية واجب العزاء، وقال المفكر القبطي سليمان شفيق: «توقيت الزيارة صعب، ولا يليق بالبابا أن يأخذ هذا القرار في هذا التوقيت وبهذه السرعة»، مضيفا أن «ترؤس البابا لوفد العزاء مخالف للتقاليد والقرارات الكنسية المصرية السابقة»، واصفا الزيارة بأنها غير حكيمة.
وقال جمال أسعد إن زيارة البابا للقدس تمثل إعلانا غير مباشر لفتح الطريق أمام الأقباط لزيارة القدس في المستقبل، مؤكدا أنه ضد زيارة القدس تحت أي مسمى، لأنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا أنه كان يمكن للبابا إرسال وفد كنسي بالنيابة عنه لحضور الجنازة، كاشفا عن أن قرار الكنيسة بمنع الأقباط من الذهاب للقدس لا ينفذ على أرض الواقع، وأن مئات الأقباط يزورون القدس سنويا.
من جانبه، استنكرت الجبهة السلفية في مصر زيارة البابا. وقال قيادي بالجبهة، إن الزيارة للقدس تمت تحت قيادة جهاز الموساد الإسرائيلي، وإنها خالفت الأهداف الوطنية المصرية التي جعلت من قضية فلسطين قضية مركزية وبذل فيها الآلاف دماءهم وما زال الأقصى أسيرا.
في السياق نفسه، استغلت جماعة الإخوان وتحالفها زيارة البابا للتحريض ضد الكنيسة وأقباط مصر، ودعا تحالف دعم الإخوان أنصاره لتنظيم مظاهرات للاحتجاج على زيارة البابا تواضروس، فيما شنت مواقع الإخوان هجوما عنيفا على الزيارة، زاعمة أن «الإخوان» تدعم القضية الفلسطينية، كما حرضت المواقع التابعة للتنظيم ضد قيادات الأقباط.
وشن حزب مصر القوية برئاسة عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي الأسبق، هجوما على البابا تواضروس. وقال الحزب في بيان له: «تلك الزيارة تمثل خرقا لحالة الإجماع الشعبي الموحد حول تلك القضية، وتفتح الباب للتعامل السلبي مع طريقة فرض الأمر الواقع التي اتبعها الكيان الصهيوني منذ أن اغتصب أرض فلسطين». ودعا الحزب المصريين (كل المصريين) لرفض تلك الزيارات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.