عشرات القتلى في معارك طاحنة في «الكسارة».. والراهدة تشهد مواجهات «كر وفر»

200 ألف يعيشون تحت الحصار في تعز

عشرات القتلى في معارك طاحنة في «الكسارة».. والراهدة تشهد مواجهات «كر وفر»
TT

عشرات القتلى في معارك طاحنة في «الكسارة».. والراهدة تشهد مواجهات «كر وفر»

عشرات القتلى في معارك طاحنة في «الكسارة».. والراهدة تشهد مواجهات «كر وفر»

سقط العشرات من عناصر المتمردين الحوثيين، أمس، بين قتيل وجريح خلال مواجهات عنيفة وطاحنه شهدتها جبهات القتال بمحافظة تعز، بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، وسط تقدم القوات في مواقع جديدة ومشارف منطقة الراهدة.
واحتدمت المواجهات، بعد أن تمكنت المقاومة وقوات الجيش الوطني من استعادة موقع الكسارة التي احتلتها الميليشيات المتمردة، ليلة أول من أمس، واستيلائها على أسلحة وذخائر بعد فرار ميليشيات الحوثي وصالح، وبعد أن فشلت الميليشيات في استعادة الموقع، تلقت تعزيزات عسكرية كبيرة وقامت بقصف الأحياء السكنية من مواقع تمركزها بقرب موقع الكسارة، وقد أكدت ميدانية لـ«الشرق الأوسط» سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وأوضح مصدر في المجلس العسكري بجبهة الضباب لـ«الشرق الأوسط» أن «ميليشيات الحوثي وصالح شنت هجومًا على موقع الكسارة والبرج بجميع أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بينها صواريخ «كاتيوشا»، كما قام عناصر الميليشيات بثلاث محاولات تسلل كما قاموا بالتسلل من ثلاثة اتجاهات نحو الموقع، واستخدموا كل قوتهم بما فيها الدبابة المتمركزة في منطقة المسراخ والمدفعية واثنان من الفوردات التي كانت تحمل مضاد طائرات 23، بالإضافة إلى رشاشات 12/ 7، ومعدلات التشيكي، على منطقة الكسارة، حيث واشتدت المواجهات أيضًا في نجد قسيم والجوريف وخط المسراخ.
وأضاف المصدر العسكري أن «عناصر الجيش والمقاومة استطاعت تدمير طاقمين عسكريين وإحراقه أسفل عقبة نجد قسيم، وتمت استعادة الكسارة بالإضافة إلى النقطة أسفل نقيل النجد والقرية المجاورة للنقطة كذلك تم استعادة حصن الرامة ومدرسة الرامة، وتم اغتنام أسلحة معدلات شيكي وبي 10 وصواريخ (لو) وقذائف (آر بي جي) وذخائر، تركتها الميليشيات خلفها وتناثرت جثث الميليشيات بالعشرات في محيط الكسارة وفي نقيل نجد قسيم».
ومع تزايد تعزيزات المتمردين، شاركت جميع جبهات القتال في المواجهات، من جميع مواقعها بما فيها بصبر وقلعة القاهرة والأخوة وجبل جرة من خلال قصفها للمراكز وتحصينات ومواقع الميليشيات، مما كبد الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، حيث شهد محيط مدينة الراهدة مواجهات مع الميليشيات المتمردة وكذلك المناطق المحاذية لمدينة البرح، غرب مدينة تعز، وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن ما لا يقل عن 20 من ميليشيات الحوثي وصالح قتلوا في جبهتي الراهدة والشريجة، جنوب شرقي تعز، في اشتباكات مع الجيش والمقاومة المدعومة من قوات التحالف التي تعمل على الغطاء الجوي من خلال شن غاراتها على مواقع وتجمعات الميليشيا، وذكروا أن الميليشيات تواصل مواجهتها القوات الموالية للشرعية في محاولة منها الدفاع عن مدينة الراهدة التي تعد المدخل الرئيسي لتعز، وأن قوات التحالف تشارك إلى جانب المقاومة والجيش من أجل تحرير المحافظة وفك الحصار عنها».
في المقابل، أكدت المقاومة الشعبية في جبهة الراهدة أنها بقيادة حربي سرور صالح الصبيحي «لا تزال في مواقعها، ولم تتراجع قيد أنملة، ولن يكون ذلك أبدًا حتى تطهير الراهدة وما بعدها والوصول إلى العاصمة صنعاء، وأن ما يحدث في جبهة الراهدة هو عملية كر وفر».
في السياق ذاته، ثمّن مجلس تنسيق المقاومة الشعبية بتعز، أدوار الأحزاب والتنظيمات والتيارات التي «تبلى جميعها بلا استثناء بلاء حسنًا في كل جبهات ومواقع القتال».
وقال المجلس في بيان له: «هذا الصمود الأسطوري للمقاومة الشعبية والجيش الوطني في تعز رغم أن المدينة في الأساس محاصرة بألوية ووحدات عسكرية وأمنية، فضلاً عن حصار الميليشيات إلى اليوم الذي يمنع به دخل أي مواد غذائية أو دوائية، رغم ذلك كله، فإن المقاومة الشعبية حققت هذا الصمود والثبات».
وفي الوضع الإنساني، اتهم وكيل الأمين العام للشؤون الإنساني والإغاثة، ستيفن أوبراين، جماعة الحوثي بمنع وعرقلة وصول شحنات المساعدات الإنسانية للسكان والإمدادات الضرورية والطارئة إلى داخل مدينة تعز، وسط اليمن، ولفت المسؤول الدولي إلى أنه يعيش أكثر من 200 ألف يمني مدني في حالة حصار فعلي منذ تصاعد القتال في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهم بحاجة ماسّة إلى مياه الشرب والغذاء والعلاج.
وقال في بيان له، وزعه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للشرق الأوسط (أوتشا) بالقاهرة، إنه «على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل وكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني للتفاوض لضمان وصول المساعدات٬ فإن شاحناتنا ظلت عالقة عند نقاط التفتيش وسمح الحوثيون بدخول مساعدات محدودة جدًا٬ بينما يحظرون دخول الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى مدينة تعز».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».