في أول مدينة أميركية ذات أغلبية إسلامية.. السكان يشعرون بالتوتر

كانت موطنًا للمهاجرين البولنديين.. واليوم أغلب سكانها من اليمن وبنغلاديش والبوسنة

سيدة متنقبة أمام مطعم ماكدونالدز في مدينة هامتراميك (ميتشيغان) - (واشنطن بوست)
سيدة متنقبة أمام مطعم ماكدونالدز في مدينة هامتراميك (ميتشيغان) - (واشنطن بوست)
TT

في أول مدينة أميركية ذات أغلبية إسلامية.. السكان يشعرون بالتوتر

سيدة متنقبة أمام مطعم ماكدونالدز في مدينة هامتراميك (ميتشيغان) - (واشنطن بوست)
سيدة متنقبة أمام مطعم ماكدونالدز في مدينة هامتراميك (ميتشيغان) - (واشنطن بوست)

كان الطلب متزايدا على لقاء العمدة «كارين مايوفسكي» في متجر الملابس الراقية الخاص بها «تكلا فينتاج» بعد ظهر يوم السبت، لدرجة أن إحدى الموظفات بالمتجر شعرت باليأس عندما جاء زائر آخر يريد التحدث مع مايوفسكي. أراد الجميع التحدث مع العمدة بشأن الأخبار السياسية الهامة المتعلقة بالمدينة.
في وقت سابق من هذا الشهر، أصبحت هامتراميك - التي تحتوي على سكان من الطبقة الكادحة، والتي كانت موطنا للمهاجرين الكاثوليك البولنديين وأحفادهم لأكثر من قرن من الزمان – أول مدينة أميركية يتكون مجلسها المحلي من أغلبية مسلمة كما يصنفها الديموغرافيون.
وهذا هو ثاني تحوُّل لهامتراميك، التي تميزت في عام 2013 بأنها أول مدينة ذات أغلبية إسلامية في الولايات المتحدة، عقب وصول آلاف المهاجرين من اليمن وبنغلاديش والبوسنة على مدى عقد من الزمان.
وفي نواح كثيرة، تعتبر هامتراميك صورة مصغرة من المخاوف التي تجتاح أجزاء أخرى من البلاد، منذ الهجمات التي شنها تنظيم داعش في باريس: حيث يثير تدفق المسلمين هنا قلق بعض سكان المدينة المعروفة منذ زمن بعيد بحبها للرقص والبيرة والحلويات البولندية والبابا.
وقالت مايوفسكي: «كان هذا الأمر صدمة بالنسبة لهم».
وأقرت مايوفسكي، التي هاجرت عائلتها من بولندا في أوائل القرن العشرين، بوجود بعض القلق في مدينتها. واشتكت من أن أصحاب الأعمال التي تقع ضمن نطاق 500 قدم من أربعة مساجد في هامتراميك لا يمكنهم الحصول على تراخيص بيع الخمر - وهذا تطور ملحوظ في مكان انتهك قوانين حظر الكحوليات في الولايات المتحدة من خلال فتح الحانات علنا. ويمكن لهذه القيود أن تحبط الجهود الرامية إلى إنشاء مركز للترفيه في وسط المدينة، وفقا للعمدة الموالية للتجارة.
وبينما تناصر مايوفسكي السماح للمساجد بالأذان للصلاة، فإنها تتفهم سبب كفاح بعض السكان منذ فترة طويلة للتأقلم مع الصوت الذي يتردد صداه في شوارع المدينة خمس مرات في اليوم. وذكرت مايوفسكي: «هناك بالتأكيد شعور قوي بأن المسلمين مختلفون». وتابعت: «الأمر يتعلق بالثقافة، وبكيف ستصبح هامتراميك مع المسلمين. هناك بالتأكيد حالة من الخوف، وأنا أتشارك هذا الشعور إلى حد ما».
ومع ذلك، لا يتفهم «سعد المسمري» - شاب يمني عمره 28 عاما، أصبح رابع مسلم يجري انتخابه هذا الشهر، من أصل ستة أعضاء، لعضوية المجلس المحلي لمدينة هامتراميك – هذا الخوف.
وذكر المسمري - وهو صاحب شركة آيس كريم، تركزت حملته الانتخابية على بناء اقتصاد هامتراميك المتعثر، وتحسين المدارس العامة – أنه يشعر بالإحباط إزاء توقُّع الكثيرين في المدينة أن يكون الأعضاء المسلمون بالمجلس متحيزين. وقضى المسمري أشهرا في الترويج لحملته في كل مكان في المدينة، وكان يطرق أبواب المساجد والكنائس على حد سواء، على حد قوله.
وأضاف المسمري، الذي تلقى أعلى نسبة أصوات (22 في المائة) بين المرشحين: «لا أعرف لماذا يستمر الناس في إقحام الدين في السياسة». وتابع: «عندما طلبنا الأصوات، لم نسأل الناس عن ديانتهم».
تقع هامتراميك في مقاطعة وين بولاية ميتشيغان، ويبلغ تعداد سكانها 22 ألف نسمة. وكان المهاجرون البولنديون تدفقوا على المدينة بعد أن اُفتتح فيها فرع لمصنع دودج عام 1914. وكان البولنديون يشكلون نسبة كبيرة من سكان المدينة، لكن خلال السنوات الماضية، سكن المدينة عدد كبير من المهاجرين من اليمن وبنغلاديش والبوسنة، ما يجعل ميتشيغان المدينة الأكثر تنوعا في السكان في العالم.

خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.