34 مدينة إسبانية ترسم معالم الأندلس في كتاب

«مسالكها» جسدت قيم التسامح إزاء الثقافات والديانات الأخرى

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

34 مدينة إسبانية ترسم معالم الأندلس في كتاب

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

مدن إسبانية عدة، رسمت ملامحها الفنية والمعمارية، ريشة الحضور الإسلامي الأول في هذه البلاد، ولكن البروفسور إميلو سولر، أستاذ التاريخ في جامعة «الكنتي»، حاول من خلال كتابه «مسالك الأندلس»، التركيز على 34 مدينة إسبانية فقط كانت تحت الحكم العربي الإسلامي منذ فتح الأندلس عام 92 هجرية، مع أن هناك المزيد من المدن الأخرى التي تستحق حيزًا في هذا الكتاب لما تتمتع به من ماض إسلامي عتيد.
ويعد «كتاب الأندلس»، من الكتب البارزة التي ترسم بوضوح معالم الأندلس التاريخية والمعمارية في مدة الحكم الإسلامي، حيث اعتمد على الكثير من المصادر العربية والإسبانية الموثوقة في إعداد أجزاء هذا الكتاب وصياغة فصوله، في محاولة ليعرف المتلقي الرؤية التي تنبثق عن الآخر حول الإرث العربي والإسلامي في إسبانيا.
تطرق الكتاب إلى الحقبات الأولى من وصول العرب المسلمين إلى هذه الأمكنة، والوقوف عند تطورها الاقتصادي والسياسي والعسكري والأحداث التي من خلالها تبلور المصير التاريخي لهذه المدن التي كانت من جهة تعيش على نحو مستمر صراعات مع مسلمي المناطق الأخرى وفي الجهة الأخرى كانت تقف في حالة التأهب الدائم للتصدي لأي محاولة يقوم بها النصارى المرابطون على حدودها بغية احتلال أراضيهم، كما تطرق الكتاب إلى المعالم المعمارية التي تعود إلى ذلك العصر التي لا تزال قائمة مزهوة رغم حملات التخريب التي لحقت بها على يد الغزاة النصارى.
الملحقية الثقافية السعودية في إسبانيا، ترجمت كتاب «مسالك الأندلس» إلى العربية، وصولاً إلى تقديم الثراء المعرفي للمتلقي السعودي خاصة والعربي عامة بشكل عام، ولذلك فإنه ضمن مشروع «قنطرة»، للترجمة بين اللغتين العربية والإسبانية الذي تتبناه الملحقية وتعمل على تنفيذه، بادرت الملحقية في أولى مراحل هذا المشروع بترجمة الكتاب مع دار النشر الإسبانية «اليمار».
المدن السابق ذكرها هي محور مؤلف الكتاب عن الحديث حول حلول الغزاة العرب الذين تعاقبوا عليها، وكيف أخذت هذه المدن في التشكّل حول الأسوار الدفاعية الشامخة وكيف امتد نفوذ هؤلاء الغزاة إلى مناطق أخرى من شبه الجزيرة الأيبيرية، وشيدوا تلك المعالم المتميزة التي لا تزال تمثل حتى اليوم مفخرة العالم المتحضر، وكيف شكلوا إمبراطورية عملية وعسكرية عبرت حدود أوروبا، وأخيرا كيف كانت نهاية العيش الذي أتى به العرب إلى شبه الجزيرة الأيبيرية وهو نظام اتسم بالتعاطف والتسامح إزاء الثقافات والديانات الأخرى، هذه النهاية التي أتت على أيدي ملوك شمال شبه الجزيرة النصارى من شرقها وغربها.
لقد لعب عدد كبير من الرحالة خاصة المسلمين منهم، دورا مهما في كتابة تاريخ إسبانيا الأندلسية وهم ممن حطوا رحالهم طوال العصور الوسطى بهذه البقاع، وكتبوا ما رأوه وما أحسّوا به، تاركين من خلال رواياتهم مراجع أساسية من تطلعنا على تلك المدن المزدهرة التي فقدت بشكل مفاجئ جزءا مهما من تاريخها بعد الغزو المسيحي.
وتخبرنا روايات الرحالة بوصف دقيق عن المشهد الذي تطرحه تلك المدن الأندلسية وتدهش القارئ بالأحداث الخارجة عن المألوف التي تتجلى من خلاله القدرات الفكرية والثقافية الهائلة التي كان يتمتع بها أهالي تلك المدن الإسلامية.
ووقف الكتاب على آثار الكثير من الرحالة المسلمين الأدبية، ابتداء من القرن العاشر إلى القرن الخامس عشر، ورحالة أولئك العصر الحديث، وحتى الرحالة المعاصرون ممن مروا بهذه المراكز الحضرية ودونوا ما شاهدوه في تلك المدن، فهذه المراكز عاشت تطورات وتقلبات مختلفة منذ أوائل القرن الثامن الميلادي، أي مع بداية فتح المسلمين لما أطلقوا عليها اسم بلاد الأندلس.
وكان ذلك بفضل الفتح الإسلامي في القرن الثامن. وبعد قرنين ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيين على الأراضي الإسبانية، ساد الفساد فيها حتى بلغ ذروته، حيث فقد المزارعون الصغار الحماية جراء تجني الإقطاعيين الذين امتلكوا وقتها ثلثي البلاد مع إعفائهم من الضرائب، حيث كانوا يعيشون في بذخ مفرط، في ظل المعاناة التي كان الرعايا يقاسونها.
وفي المقابل كان اليهود يعيشون في المدن وينشطون في المهن الحرفية والتجارة. وكانوا في حالة خوف وقلق من المرسوم الذي أمر بطردهم من إسبانيا في حال عدم اعتناقهم الديانة المسيحية، وهي ديانة القوط الغربيين. وبعد موت ملكهم غيطشة عام 710م انقسموا على أنفسهم، ووقع هجوم صغير شنه الوالي موسى بن نصير آنذاك، لحقه بحملة عسكرية أكبر من الجند البربر سكان شمال أفريقيا بقيادة طارق بن زياد، واستمر الفتح لاحقا على يد موسى بن نصير في عام 714.
ويشار إلى أن معظم الجيوش الإسلامية ذات الأصل المغاربي، وهو ما يؤكده المؤرخ غابريل جاكسون، وكانت متسامحة مع أهل الكتاب أي اليهود والنصارى، إذ كانت هاتان الديانتان تحظيان باحترام المسلمين.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.