بحاح يتفقد جبهة مأرب لأول مرة.. وملف العمليات العسكرية يتصدر قائمة مهامه

صالح يتبرأ من «مجازر» تعز ويغازل أبناء «الحالمة»

نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد بحاح يتفقد إحدى الجبهات في مأرب مع محافظها سلطان العرادة (رويترز)
نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد بحاح يتفقد إحدى الجبهات في مأرب مع محافظها سلطان العرادة (رويترز)
TT

بحاح يتفقد جبهة مأرب لأول مرة.. وملف العمليات العسكرية يتصدر قائمة مهامه

نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد بحاح يتفقد إحدى الجبهات في مأرب مع محافظها سلطان العرادة (رويترز)
نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد بحاح يتفقد إحدى الجبهات في مأرب مع محافظها سلطان العرادة (رويترز)

قام خالد محفوظ بحاح نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء، أمس، بزيارة مفاجئة لمحافظة مأرب، بشرق اليمن، وذلك بالتزامن مع اجتماعات موسعة لقيادات عسكرية بارزة في قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف في المحافظة.
وصرح بحاح، فور وصوله مأرب، بأن الحكومة «حرصت على السلام، وبعثت الوفود لتلافي شبح الحرب، لكن الانقلابيين أصروا على إدخال البلاد في الصراع والاقتتال». وأشار بحاح «ضمنيا» إلى قرب تحرير العاصمة صنعاء، وذلك بتأكيده على زيارته عدن وسقطرى، مؤخرا، وقوله: «نحن اليوم في مأرب وغدا سنكون في صنعاء».
وقالت مصادر في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تزامنت مع لقاءات جمعت قيادات عسكرية بارزة في قوات الجيش الوطني والمقاومة وقوات التحالف، برئاسة اللواء الركن عبد الرب الشدادي، قائد المنطقة العسكرية الثالثة في الجيش الوطني (مقرها مأرب).
وشارك في هذه الاجتماعات العميد هاشم عبد الله بن حسين الأحمر، قائد «اللواء 21»، وذلك بعد أقل من يوم من وصول الدفعة الثانية من قواته لوائه العسكري، الذي ظل يرابط لأشهر في منطقة قرب الحدود اليمنية - السعودية، ويجري استعدادات عسكرية موسعة لمشاركته في المعارك، في شمال البلاد، وشملت الزيارة قيام بحاح بزيارة إلى بعض المواقع العسكرية لقوات الجيش الوطني وقوات التحالف في منطقة صافر، القريبة من مناطق النفط.
وذكرت المصادر الخاصة أن هناك ترتيبات عسكرية على درجة كبيرة من السرية تجري في مأرب، ولا تهدف إلى تحرير ما تبقى من مناطق، في المحافظة، تحت سيطرة المتمردين الحوثيين، فقط، بل تتجاوزها إلى جبهات القتال المجاورة، دون أن تورد المصادر المزيد من التفاصيل بشأن مهام تلك القوات.
وتعد زيارة بحاح، هي أول زيارة لمسؤول يمني رفيع إلى مأرب، منذ اندلاع الحرب في البلاد، مطلع العام الماضي، عقب انقلاب الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، على القيادة الشرعية في البلاد.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» إن الزيارة «تهدف إلى الاطلاع على أوضاع المحافظة وتلمس احتياجات المواطنين من الخدمات العامة والإشراف على سير التحضيرات والاستعداد العسكرية لتطهير بقية المحافظات من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية».
على صعيد آخر، ومع مرور أسبوع على العملية العسكرية «نصر الحالمة»، التي بدأتها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف لتحرير تعز، والتي باتت تحقق أهدافها الميدانية، وجه المخلوع علي عبد الله صالح دعوة إلى أبناء محافظة تعز لـ«توحيد جهودهم وموقفهم والعمل بكل ما لديهم من قدرات وإرادات لإيقاف الاقتتال العبثي الذي تشهده تعز من دون أي هدف». وأكد في رسالة وزعها مقربون منه، أنه طالب منذ البداية بإبعاد تعز عن الصراعات والاحتراب.
ونأى المخلوع بنفسه عن الصراع الدائر في اليمن، بشكل عام، وتعز بشكل خاص، وذلك بقوله في رسالته، مخاطبا أبناء تعز: «لا تتركوا تعز الثقافة والعلم والأدب والاقتصاد والتنمية تُدمر ويُقتل أبناؤها من النساء والأطفال والشيوخ والعجزة وخيرة شبابها، ليس لشيء ودون ذنبٍ يذكر سوى إشباع لرغبات ونزوات المتصارعين وتجار الحروب والمأجورين بالمال والسلاح الذين لا يحلو لهم العيش إلاّ على جماجم وأشلاء ودماء الأبرياء من الناس الآمنين الذين ينشدون الأمن والاستقرار والسلام والحياة الكريمة».
وقال المخلوع صالح، الذي يتهم من قبل كل الأوساط في تعز بأنه يقف وراء «المجازر» التي ترتكب بحق أبناء محافظة تعز وبحق اليمنيين في كل المحافظة، في رسالته إنه يدعو «كل الخيرين من أبناء محافظة تعز إلى أن يدركوا أن عليهم مسؤولية دينية ووطنية وأخلاقية تُحتم عليهم بذل كل جهودهم وتسخير كل إمكانياتهم لوقف نزيف الدم».
وطالبهم بالجلوس على طاولة حوار لبحث كل قضايا الخلاف فيما بينهم والاتفاق على إزالة كل أسباب الاقتتال والتناحر ليعود لتعز رونقها وجمالها ومدنيتها ولِتظل حالمة كما عهدنا وعهد كل اليمنيين بها».
وفي حين أفرط المخلوع كعادته في مغازلة أبناء تعز، أكدت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أن هذه هي «إحدى المناورات الجديدة للمخلوع عفاش (صالح)، بعد أن شعر أن الكفة الميدانية بدأت ترجح لصالح المقاومة الشعبية وقوات الجيش من أبناء محافظة تعز».
وبعد أن «باتت ملفات المجازر التي ارتكبتها القوات الموالية له والميليشيات الحوثية، في تعز، مثخنة بالقضايا والجرائم التي تدينه، بشكل مباشر، بالوقوف وراء تلك الجرائم أمام المحاكم الدولية، خاصة في ظل ما وثقته بعض الأطراف من تصريحات وأوامر صوتية للمخلوع لمؤيديه وعناصره بارتكاب المجازر بحق المدنيين».
وبحسب نشطاء من أبناء تعز، فإن الكثير ممن يصفهم التعزيون بـ«العملاء والخونة الموالين للمخلوع في تعز، الذين يسهلون كافة عمليات وتحركات الميليشيات الحوثية وقوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع في تعز، بدأوا يتساقطون».
وتجري عمليات ملاحقة واسعة النطاق في تعز، لكل المتهمين بالتواطؤ والقتال إلى جانب الميليشيات من أبناء المحافظة، وقد نشرت، أمس، قائمة أسماء وصور عدد آخر من هؤلاء «الخونة»، على حد تعبير الجهات التي تبنت إصدار تلك القائمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.