تقارير حقوقية تثبت وقوع عمليات قتل وتعذيب لمناهضي الميليشيات في صنعاء

رصدت وفاة 10 أشخاص وإصابة آخرين بالجنون وفقدان للذاكرة

تقارير حقوقية تثبت وقوع عمليات قتل وتعذيب لمناهضي الميليشيات في صنعاء
TT

تقارير حقوقية تثبت وقوع عمليات قتل وتعذيب لمناهضي الميليشيات في صنعاء

تقارير حقوقية تثبت وقوع عمليات قتل وتعذيب لمناهضي الميليشيات في صنعاء

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة وأقارب ناشطين معتقلين في سجون ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، بتعرض أقاربهم المختطفين لعمليات تعذيب عنيفة في معتقلات ومراكز شرطة بالعاصمة صنعاء وفي محافظة حجة. وذكرت المصادر أن بعض المعتقلين أصيبوا بالجنون، وأمراض نفسية وفقدان للذاكرة جراء التعذيب الذي تعرضوا له. وأوضحت المصادر أن المعتقلين في أقسام شرطة جرى اختطافهم منذ شهور، ولم يعد بمقدورهم التعرف على أقاربهم بسبب فقدانهم الذاكرة وتعرضهم لصدمات نفسية جراء التعذيب، وهو ما أفقدهم القدرة على الإحساس بمن حولهم.
وكشفت مصادر مطلعة عن وجود عشرات المعتقلات السرية للميليشيات التي تحولت إلى معتقلات تعذيب تستخدم فيها أساليب وحشية بعيدة عن مراقبة مكاتب حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي أكدت المصادر أن دورها اقتصر على تسجيل أسماء المعتقلين فقط، وانتقد أقارب المختطفين موقف منظمات حقوق الإنسانية الدولية التي لها مكاتب بصنعاء، وتجاهلهم لقضاياهم، متهمين العاملين عليها بالتغطية على جرائم الميليشيات بسبب وجود موظفين من الموالين للحوثيين وصالح، يعملون فيها، ويقدمون معلومات مضللة لإداراتهم.
ومن بين الأقسام التي جرى رصدها، قسم شرطة «الجديري» القريب من جامعة صنعاء القديمة، الذي تحول إلى مركز تعذيب للمناهضين للميليشيات، وأكدت المصادر أنه تم تقسيم المركز إلى عنابر وغرف تعذيب، توزع الميليشيات المعتقلين داخلها للتحقيق معهم، ومن ثم إرسالهم إلى معتقلات سرية.
وبحسب مراكز حقوقية، استخدمت الميليشيات المواقع العسكرية التي تسيطر عليها كسجون ومراكز احتجاز لمعارضيها، من أبرزها مقر الفرقة أولى مدرع، ومخازن أسلحة في جبل نقم، ومنطقة عطان في العاصمة صنعاء، كما أفادت بلاغات وشكاوى أن عدة مبان ومنشآت حكومية ومنازل رجال أعمال وقيادات عليا في الدولة، بينها منزل الرئيس عبدربه منصور هادي واللواء علي محسن الأحمر، والشيخ حميد الأحمر بصنعاء، تستخدم سجونا خاصة من قبل ميليشيات الحوثي وصالح في العاصمة صنعاء وباقي المحافظات.
وتشير تقارير حقوقية إلى مقتل كثير من المعتقلين جراء التعذيب على أيدي الميليشيات، كان آخرها وفاة شاب يدعى علي عوضة، الذي يحمل ماجستير في المحاسبة، وقال أحد أقاربه إنه عاد من السعودية بعد أداء فريضة الحج، واستدعي من قبل الميليشيات، حيث أمضى أكثر من 20 يوما داخل السجن، ليخبروا أسرته بأنه توفي في ظروف غامضة.
ونقل تقرير صادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، عن بعض المخطوفين الذين أفرج عنهم أخيرا، شهاداتهم بتعرضهم وزملائهم للضرب لفترات طويلة، وتعليق آخرين في أوضاع معاكسة، فضلا عن تعذيبهم بالصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر وصب الماء الساخن على أجسادهم، وتهديدهم بالقتل وانتهاك أعراضهم، وإخضاعهم لعمليات إعدام صورية.
وبحسب التقرير، بلغ عدد من تعرضوا للإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، أكثر من 5917 شخصا، منهم 982 حالة إخفاء قسري في 17 محافظة، اعتقلوا خلال الفترة الممتدة بين سبتمبر (أيلول) 2014 ويوليو (تموز) 2015.
وقال الناشط فؤاد أحمد الهمداني 34 عاما إنه «اختطف من مظاهرة سلمية في 31 يناير (كانون الثاني) بصنعاء، واحتجز لمدة 13 يومًا في أربعة مواقع مختلفة»، مؤكدا أنه تعرض للتعذيب، حيث كانت لديه كدمات غائرة لا تزال مرئية أسفل ظهره».
وأوضح الهمداني في شهادته الموثقة لدى التحالف اليمني لرصد حقوق الإنسان: «بعد أربع ساعات من الضرب المستمر، وافقت على كتابة الاعترافات التي يريدونها، بعدها فكوا قيودي وحذروني بعدم تنظيم مظاهرات أو الاتصال مع معارضي الحوثيين، وأوصلوني إلى شارع الزبيري، ثم ألقوا بي على قارعة الطريق، ولم أستطع التحرك، وظللت ملقى هناك حتى ساعدني أحد المارة».
وقال أحمد عرمان، منسق وحدة الرصد في التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وصالح مارست عمليات تعذيب ممنهجة تجاه المعتقلين لديها منذ سنوات»، موضحا أن الميليشيات منذ 21 سبتمبر 2014، ضاعفت أساليب التعذيب والمعاملة المهينة واللا إنسانية تجاه مناوئيها، حيث تلقينا في هذه الفترة أكثر من 500 بلاغ عن حالات تعذيب، ونعتقد أن العدد الحقيقي أكثر بكثير، نظرا لأن الميليشيات أخفت ما يصل إلى نحو 1274 حالة.
وكشف عرمان عن وفاة أكثر من عشرة أشخاص متأثرين بالتعذيب، مشددا على أن عمليات التعذيب والإخفاء القسري تقع تحت قائمة «جرائم ضد الإنسانية» بموجب القانون الجنائي الدولي ونظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».