أسعار المنازل في لندن تزداد 5 جنيهات إسترلينية.. كل ساعة

خبيرة عقارية لـ«الشرق الأوسط»: العوائد المغرية وزيادة النمو السكاني والإقبال محركات رئيسية للارتفاع

منطقة توتنهام كورت روود وسط لندن (رويترز)
منطقة توتنهام كورت روود وسط لندن (رويترز)
TT

أسعار المنازل في لندن تزداد 5 جنيهات إسترلينية.. كل ساعة

منطقة توتنهام كورت روود وسط لندن (رويترز)
منطقة توتنهام كورت روود وسط لندن (رويترز)

في يوم 29 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظن كثير من سكان الضواحي الفقيرة في العاصمة البريطانية لندن أنهم صاروا أثرياء بين ليلة وضحاها، وذلك بعد أن أذاعت شبكة «بي بي سي» خبرا مفاده أن هناك ارتفاعا كبيرا في أسعار العقارات بالعاصمة.
وكثير من سكان الأحياء الرخيصة في لندن حصلوا على منازلهم المكونة غالبا من غرفتين عن طريق الرهن العقاري. ومنهم من اعتقد بعد إذاعة الخبر أنه يمكنه الاحتفاظ بمنزله الجديد، أو التكسب من ورائه بعد ارتفاع الأسعار بقيمة بلغت 10 في المائة وفقا لتقرير «سيرندون للاستثمار العقاري» الصادر في أكتوبر.. لكن الحقيقة أن هذه الزيادة لم تمثل استفادة حقيقية لهؤلاء، إذ إن المستفيدين الفعليين هم كبار الملاك والمستثمرين، وليس سكان ضواحي لندن الفقيرة.
وتصدرت العاصمة البريطانية قائمة المدن الأكثر تأثيرا في العالم وفقا لاستطلاع «فوربس» 2014، واحتلت صدارة مؤشر المراكز المالية العالمية في 2015.
ووفقا لتقرير شركة «سي بي للأبحاث السكنية» فإن أسعار المنازل في لندن ترتفع بمعدل 5 جنيهات إسترلينية كل ساعة، أي نحو 7.5 دولارات أميركية، وتوقع التقرير ارتفاع أسعار المنازل في لندن بنسبة 31 في المائة بين هذا العام وحتى 2019.
وعلى الرغم من محاولات «تايلور ويمبلي» واحدة من أكبر شركات بناء المساكن المتمركزة في بريطانيا لخفض توقعات الأسعار، خاصة بعد مرور فصلي الربيع والصيف؛ إلا أن تكاليف البناء ارتفعت بنسبة 5 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي.
وارتفعت مبيعات «تايلور ويمبلي» بنسبة 22 في المائة في الربع الثاني هذا العام مقارنة بنفس الفترة العام الماضي. فإنجلترا تحتاج إلى بناء 312 ألف منزل سنويًا على مدار الخمس سنوات المقبلة لحل أزمة السكن المزمنة، وفقا لدراسة حديثة أجرتها هيئة التخطيط القومية الصادرة في أكتوبر الماضي.
ويرى العضو المنتدب لشركة «سيرندون للاستثمار العقاري» جوناثان ستيفنز، أنه على الرغم من أن سوق لندن العقارية «عالي الطلب» إلا أنه يعمل بشكل مستقل تمامًا عن أي مكان آخر في المملكة المتحدة، وقال في تصريحات صحافية سابقة إن «هناك نقصا في المساحة الفعلية لبناء ممتلكات جديدة، فلا يمكن مواكبة معدل الطلب بالعاصمة البريطانية».
وعلاوة على ذلك، ذكر مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني أنه من المتوقع زيادة النمو السكاني في المملكة المتحدة بما يقرب من 4.4 مليون نسمة خلال العشر سنوات المقبلة، وسوف تشهد العاصمة زيادة في التعداد السكاني نتيجة لهجرة المواطنين للبحث عن فرص عمل، وفقا لتقرير المكتب الصادر منذ أيام قليلة.
وتقول الخبيرة العقارية جانيت سبرتز لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطورين العقاريين قادرون حاليا على تقديم خطط سعريه لمنازل في متناول القدرة الشرائية؛ بدءًا من سكن (الإيجار في متناول الجميع)»، مضيفة أن عوائد الاستثمار المغرية وزيادة النمو السكاني وزيادة الإقبال المحلي والخارجي كانت الأسباب الرئيسية في ارتفاع الأسعار.
وأوضحت سبرتز في اتصال هاتفي من العاصمة البريطانية لندن، أن هذه الإصلاحات ستشكل خطوة إيجابية لمعالجة قلة المعروض في المملكة المتحدة، وعلى الرغم من ذلك فإن السوق العقارية تحتاج إلى مزيد من الإجراءات التي يتعين اتخاذها لزيادة أنواع أخرى من الحيازة وضمان توفير منازل بأسعار مقبولة للبيع أو الإيجار على المدى الطويل.
ووفقا لتقرير «يو بي إس»، فإن أسعار المنازل في لندن قد فاقت ذروتها بنسبة 6 في المائة بعد الأزمة المالية العالمية في 2008.
ويرى محللون أن لندن هي المدينة الأكثر عرضة للخطر في العالم لـ«فقاعة الرهن العقاري»، وأن الملكية العقارية في المدن الأوروبية تتجاوز التقييم العادل بسبب ارتفاع الأسعار.
وعلى الصعيد التجاري والإداري، فإن وسط لندن الذي يشتهر بوجود منطقة «ويست إند»، وهي منطقة المكاتب الإدارية العالمية ومراكز المال وشركات الطيران، فإنك ستجد أيضًا شارع «ريجينت ستريت»، الذي يحتوي على المتاجر الراقية على غرار «آبل» و«هوغو بوس» و«مايكل كورس» و«بروكس برازرز»، وغيرها.
وتضيف مناطق مثل «ويست إند» و«ريجينت ستريت» قيمة عقارية كبرى إلى مدينة عالمية مثل لندن. ومن المعلوم أن شارع «ريجينت» ومساحات واسعة من وسط لندن ملك الأسرة المالكة التي تمتلك أصولا عقارية بما يقرب من 11 مليار جنيه إسترليني (نحو 17 مليار دولار)، والتي تديرها «كراون ستيت»، وهي هيئة عامة شبه مستقلة تدير المحفظة العقارية للعائلة المالكة. وقد ساعد إدارة الأصول العقارية في إبقاء لندن في مقدمة المدن العالمية الكبرى، وقد حققت الهيئة أرباحا قياسية بما يقرب من 285 مليون جنيه إسترليني بنهاية السنة المالية المنتهية في مارس (آذار) الماضي، بزيادة قدرها 7 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وتدير الشركة ما يقرب من كيلومترين من العقارات على شارع ريجينت، و340 ألف فدان خارج لندن، إضافة إلى ممتلكات أخرى، مما يجعل الأسرة البريطانية المالكة من أكبر ملاك الأراضي في المملكة.
ويتم تعين 15 في المائة من أرباح الهيئة لتمويل النفقات المعيشية للعائلة المالكة، وسيصل الدخل السنوي إلى 42.7 مليون جنيه إسترليني في العام المالي 2015 2016 الذي سينتهي مارس المقبل، ارتفاعًا من 31 مليون جنيه إسترليني في السنة المالية 2012 - 2013.
وترى أليسون نيمو، الرئيس التنفيذي لـ«كراون ستيت»، في تصريحات صحافية سابقة لها، أن الأسرة المالكة تتعامل مع أصولها العقارية بما يشبه الاستثمار العقاري وليس كصندوق سيادي، بما يقابل محفظة أكثر تنوعًا صممت لتزيد ثروة الدولة. وتقول نيمو إنها تلتقي الملكة إليزابيت الثانية مرة واحدة فقط في السنة لتطلعها على آخر المجريات في إدارة الأصول العقارية.
وقالت سبرتز لـ«الشرق الأوسط»، إن «ارتفاع أسعار العقارات يعتبر خبرا جيدا وسيئًا في نفس الوقت، فهو يخدم مالكي المنازل الحاليين الذين يتطلعون لبيع منازلهم والترقي إلى شيء أكبر أو أفضل.. وقرار البيع في أفضل أوقاته الآن. ولكن من ناحية أخرى، فإن ارتفاع الأسعار يضع تحديات أمام الشباب والمشترين لأول مرة في الدخول إلى سوق العقارات لامتلاك منازلهم الخاصة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».