لافروف يلتقي المرزوقي وجمعة.. ويبدي حرص بلاده على مساعدة تونس

الأوضاع الاقتصادية التي صارح بها رئيس الحكومة شعبه في أول خطاب تصدم الشارع

مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
TT

لافروف يلتقي المرزوقي وجمعة.. ويبدي حرص بلاده على مساعدة تونس

مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)

التقى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية كلا من الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة مهدي جمعة، في أول يوم من زيارة تدوم يومين يؤديها إلى تونس. وعقب لقائه المرزوقي، أشاد بالتطورات الإيجابية الحاصلة في تونس وبنجاحها في إنجاز دستور توافقي، وعبر عن نية روسيا دعم التعاون في مجال تعليم اللغة الروسية في تونس عبر تقديم منح للطلبة التونسيين للدراسة في روسيا، كما عبر عن إعجابه باهتمام التونسيين بالثقافة الروسية.
ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة التونسية، أبدى لافروف حرص بلاده على مساعدة تونس وتعزيز علاقات التعاون وتطويرها في مختلف المجالات الاقتصادية والأمنية. وأضاف نفس البلاغ أن الجانبين بصدد الإعداد لاجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الروسية المزمع عقدها في شهر مايو (أيار) المقبل، ومن المنتظر أن تتمخض هذه الزيارة عن دعم الأنشطة السياحية بين البلدين ودعم الاستثمارات الروسية في تونس.
في غضون ذلك، استحوذ الجانب الاقتصادي على حيز هام من الحديث الذي أدلى به مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية لقناتين تلفزيونيتين محليتين وبث مساء أول من أمس الاثنين بمناسبة مرور شهر على تسلم حكومته مقاليد السلطة في تونس، وبدا جليا أن هذا الجانب الاقتصادي هو أكثر ما يؤرق رئيس الحكومة الجديد. وقال جمعة متحدثا عن الأوضاع الاقتصادية لتونس إنها «أصعب بكثير مما تصوره». وأكد أن هذه الوضعية «قد تصبح حرجة ما لم تقُم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة»، موضحا أن «ميزانية البلاد لسنة 2014 ستشهد زيادة بـ10 في المائة وتوفير نحو 12.5 مليار دينار تونسي (7.5 مليار دولار أميركي)، منها 4.5 مليار دينار تونسي (2.7 مليار دولار أميركي)، لا يعرف إلى حد الآن كيف ستجري تعبئتها». وأكد جمعة أن إجمالي ما اقترضته تونس في السنوات الأربع الأخيرة بما فيها سنة 2014 يبلغ 25 مليار دينار تونسي (أكثر من 15 مليار دولار أميركي)، وأن نسبة المديونية ارتفعت في هذه الفترة بـ10 نقاط وتخطت 50 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وبيّن جمعة أن «الجزء الأكبر من هذه الأموال لم يذهب للاستثمار والمشاريع التنموية، بل إلى الاستهلاك سواء للدعم أو للرواتب»، وقال جمعة إنه «يجري التفكير في القيام باكتتاب وطني داخلي لتعبئة جزء من الأموال التي لا تزال تحتاج إليها تونس، على أن يجري اقتراض البقية من الخارج». وأعلن جمعة في هذا الصدد أنه سيقوم قريبا «بزيارة إلى دول الخليج العربي والولايات المتحدة وفرنسا».
من جهة أخرى أكد مهدي جمعة أن حكومته «ستتخذ إجراءات عاجلة سواء لتنشيط الاقتصاد والشروع في إعادة هيكلته» أو «تسريع نسق المشاريع المعطلة في الجهات التي بلغت 250 مشروعا»، مشيرا إلى أنه «ستوكل للولاة الجدد مهمّة تنموية بالأساس من خلال متابعة التنمية في الجهات»، مضيفا أنه يجري التفكير في تنظيم حوار وطني حول الاقتصاد».
وانتقد جمعة «الانتدابات في الوظيفة العمومية وفي مؤسسات القطاع العام» التي جرت إبان الثورة والتي لم تكن حسب قوله «ذات جدوى اقتصادية وزادت في المصاعب التي تعاني منها ميزانية الدولة وفي اختلال التوازنات المالية العامة للبلاد». وأكد أن حكومته «لن تقوم بانتدابات إضافية هذه السنة».
ورغم أن رئيس الحكومة لم يقدم الكثير من الأرقام والتفاصيل حول الوضع الاقتصادي لتونس، وهو ما رأى فيه بعض المراقبين حرصا من جانبه على «عدم تخويف التونسيين من هذه المصاعب والحط من معنوياتهم»، فقد شدد جمعة في نهاية هذا اللقاء على أن «تجاوز هذه المصاعب الاقتصادية يمر عبر عودة التونسيين إلى العمل وتقاسم التضحيات»، وقال بهذا الخصوص إن الحكومة «لن تلتجئ إلى التخفيض في الأجور»، ولكنها تفكر في «اتخاذ عدد من الإجراءات، وخصوصا تقليص الدعم لبعض المواد الاستهلاكية»، مؤكدا أن ذلك «لن يمس الفئات الهشة والضعيفة التي تبقى في حاجة إلى العناية أكثر».
وفي هذا الشأن، صرح المحلل السياسي المنذر ثابت لـ«الشرق الأوسط» بأن حل الاقتراض من الخارج لن يكون مجديا لأنه سيغرق البلاد في المزيد من الديون. واقترح في المقابل الاعتماد على الإمكانيات الذاتية عبر حل ملف رجال الأعمال التونسيين الممنوعين من السفر، وتشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي وضمان المصالحة السياسية بعيدا عن منطق الإقصاء والحسابات السياسية الضيقة.
وتركت مكاشفة جمعة للتونسيين بخطورة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد تساؤلات حول مآل الوعود بتنمية المناطق الفقيرة وتشغيل مئات الآلاف من العاطلين، خصوصا بعد إعلان رئيس الحكومة عن غياب الانتدابات في مؤسسات القطاع العام خلال السنة الحالية.
وتعليقا على الوضع الاقتصادي الصعب الذي أعلن عنه جمعة، أكد الأزهر العكرمي القيادي في حركة نداء تونس هول الحقائق المروعة التي كشف عنها رئيس الحكومة وأخفت الحكومة السابقة عن التونسيين. وقال إن جمعة كشف عن حقيقة اقتصادية مروعة وعن ثقب مالي كبير سيهدد البلاد على قوله بالإفلاس في حال عدم عودة التونسيين إلى العمل والإنتاج.
وينتظر أن يلتقي يوم 14 مارس (آذار) الحالي أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات العمالية) برئيس الحكومة والوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي لتدارس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها فتح مفاوضات للزيادة في الأجور بعد رفض المنظمة العمالية الموافقة على إقرار «هدنة اجتماعية».
من ناحية أخرى، أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بسجن المرناقية (الضاحية الغربية للعاصمة التونسية) ضد عماد دغيج رئيس رابطة حماية الثورة بالكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة). وسيعرض من جديد على المحكمة يوم 13 مارس الحالي، كما أحالته السلطات القضائية بحالة سراح في ثلاث قضايا أخرى تتعلق بالحق العام.
وألقت وحدة أمنية القبض على عماد دغيج منذ سبعة أيام على خلفية تهديده وتهجمه على قوات الأمن التونسي. وكان الشريف الجبالي محامي المتهم أشار إلى أن منطقة الكرم والأحياء الشعبية المتاخمة لها قد تشهد «احتجاجات عارمة» في حال إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد دغيج الذي يحظى بشعبية، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.