المكونات الدينية في كردستان: القضاء على «داعش» يمر عبر التعايش ومحاربة الطائفية

في مؤتمر شهدته أربيل.. ودعا إلى تخفيف حدة التطرف

المكونات الدينية في كردستان: القضاء على «داعش» يمر عبر التعايش ومحاربة الطائفية
TT

المكونات الدينية في كردستان: القضاء على «داعش» يمر عبر التعايش ومحاربة الطائفية

المكونات الدينية في كردستان: القضاء على «داعش» يمر عبر التعايش ومحاربة الطائفية

دعا مؤتمر التسامح والتعايش الديني الذي شهدته مدينة أربيل، أمس، إلى العمل المشترك بين كل الأديان لمحاربة تنظيم داعش فكريًا والقضاء عليه. وشدد المؤتمر، الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي للتعايش الديني وتحت رعاية مباشرة من بعثة الأمم المتحدة في العراق، وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الإقليم، على أن التعايش الديني هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة الحالية التي تشهدها المنطقة في ظل انتشار الجماعات الإرهابية.
وقال مدير العلاقات والتعايش الديني في الوزارة مريوان نقشبندي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإقليم يحاول وبكل جهوده أن يبتعد عن الصراعات الطائفية والدينية. فخطة الوزارة في محاربة الفكر المتشدد تتمثل في إجراء إصلاحات كلية في الخطابين الديني والثقافي في الإقليم بالتعاون مع الأمم المتحدة والوزارات المعنية الأخرى».
وأشار إلى أن «الإقليم اتخذ الكثير من الخطوات لمحاربة التنظيم الإرهابي فكريًا، منها ما ينفذ عن طريق الخطب الدينية أو عن طريق رجال الدين أو المسؤولين في حكومة الإقليم، خاصة مسؤولي وزارات الأوقاف والثقافة والتربية وبرلمان الإقليم. ونحن الآن بصدد تعديل بعض القوانين في مسألة التعايش الديني، ونحاول بطرق مختلفة تخفيف حدة التطرف الموجود في خطاب بعض رجال الدين والمثقفين على حد سواء».
وأكد أن «الوزارة تمكنت وبشكل سريع من إيقاف انضمام الشباب الأكراد إلى تنظيم داعش، حيث كان هناك خلل فكري وإداري، عالجناه خلال عام واحد، فعدد الذين انضموا إلى صفوف (داعش) كان بقرابة 500 شاب كردي، أما الآن فانخفض إلى نحو مائة».
في هذا السياق، قال نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جورج بوستين لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر برهن مرة أخرى على أن هناك رغبة شديدة لإيجاد أرضية مشتركة للتسامح، فهو ضمان خروج العراق من الأزمة العميقة التي وقع فيها خلال السنوات الماضية، وهو السلاح الذي يقضي على الطائفية والتطرف»، داعيًا أصحاب الشأن في المجتمع العراقي إلى ممارسة دورهم في دحر الإرهاب.
من جهتها، قالت رئيسة كتلة الكلدان والسريان والآشوريين المسيحية في برلمان الإقليم وحيدة ياقو هرمز لـ«الشرق الأوسط»: «شددنا خلال المؤتمر على التعايش الديني وتعميق روح احترام المقابل واحترام جميع الأديان بين مواطني الإقليم. فكردستان اليوم أصبحت نموذجًا للتعايش الديني. وأكدنا أيضًا على تعليم التلاميذ منذ الصغر احترام كل الأديان».
أما أتباع الديانة الكاكائية، وهي إحدى أقدم الديانات الكردية، فقد قاطعوا أعمال المؤتمر رغم مشاركتهم في انطلاقته، بسبب ما سمّوه مماطلة وزارة الأوقاف في فتح ممثلية لهم. وقال الحقوقي جاسم رحيم كاكائي لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار رقم 5 لسنة 2015 الصادر من برلمان إقليم كردستان، والموقع من قبل رئيس الإقليم ينص على حماية حقوق الأقليات القومية والدينية والمذهبية في كردستان، وأُضيفت الكاكائية إلى ذلك القانون، لكن لم تطبق الاستحقاقات الكاكائية قانونيًا حتى الآن. نحن لا نريد أن نكون مدعوين إلى المؤتمرات فقط، بل نريد تثبيت حقوق الكاكائية في دستور الإقليم، وتمثيلهم في المجالس المحلية والأقضية والنواحي وضمن الوزارات. ونطالب حكومة الإقليم تلبية طلباتنا من خلال الحكومة والبرلمان، فنحن نفتخر بقوميتنا الكردية وبديننا الكاكائي. والإقليم هو إقليمنا، وقدمنا المئات من التضحيات دفاعًا عن قوميتنا منذ بداية القرن الماضي وحتى الآن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.