الجيل الثالث من عائلة دبليو سلامون يجذبهم بريق العالميةhttps://aawsat.com/home/article/500426/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%8A%D9%88-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%AC%D8%B0%D8%A8%D9%87%D9%85-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9
عندما يتعلق الأمر بصناعة الجمال والأناقة في العالم العربي، فإن بيروت أول ما يتبادر إلى الذهن. فهي تحتضن أسماء مهمة في مجال الأزياء نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر إيلي صعب، وزهير مراد، وربيع كيروز، وغيرهم، إضافة إلى عدد كبير من الأسماء التي دخلت عالم الجواهر وتألقت فيه. فما لا يختلف عليه اثنان، أن بيروت تشهد في العقد الأخير طفرة من الإبداع يقودها شباب درس بعضهم فن المعمار ثم اختاروا التوجه إلى صياغة أشكال بأحجام صغيرة بالذهب والأحجار الكريمة، أو ورثوا هذه الصنعة أبًا عن جد. لكن من الظلم القول إن بيروت عرفت هذه الطفرة في السنوات الأخيرة فقط، لأنها كانت دائمًا رحمًا للإبداع، وما كان ينقصها هو الدعاية فقط. فكثير من الصاغة ومصممي الجواهر بقوا في الظل، قانعين بمكانة رسخوها عبر السنين مع زبائن يحترمونهم ويقدرونهم ويحققون من ورائهم ما يكفي من المجد والنجاح. من هؤلاء نذكر «دبليو سلامون وأبناؤه»، اسم يعرفه اللبنانيون جيدًا وكل من زار بيروت بحثًا عن أطقم زواج أو هدايا لحديثي الولادة من الذهب والأحجار. فالدار لها جذور تاريخية تعود إلى عام 1907 لكنها على الرغم من أنها كانت تطرح قطعًا تعشقها الزبونة العارفة وتبدعها الأجيال التي توالت على إدارة الدار وقيادتها، فإنها بقيت مجهولة خارج لبنان. كل هذا تغير مؤخرًا على يد الجيل الثالث من العائلة، الذين لم يعودوا قانعين بالمحلية وقرروا حمل اسمهم واسم أجدادهم إلى العالمية. المحطة الأولى هي لندن، فهي مركز تجاري لا بد منه لكل مصمم يعرف سوقه جيدًا. وهكذا افتتحوا محلاً في منطقة «بلغارفيا» الراقية على بعد خطوات من محلات «هارودز» و«هارفي نيكولز» و«سلوان ستريت»، وهي الأماكن التي يؤمها زبونهم الوفي أساسًا، وأقاموا حفلاً ضخمًا دعوا إليه شخصيات كبيرة من كل المجالات الفنية والإبداعية، وكان نقطة البداية بالنسبة لهم خارج الوطن. غابرييل سالمون أحد مدرائها، يقول عن النقلة إنها كانت طبيعية بالنظر «إلى تاريخ الدار الغني وتمتعها بزبائن أوفياء في لبنان وبقية البلدان العربية. الحقيقة إن فكرة التوسع في لندن خامرتنا دائمًا، لأنها عاصمة الجواهر والإبداع بلا منازع». ما إن تدخل المحل حتى تشعر كما لو أنك دخلت عالم شهرزاد بكنوزه وقصصه التي تختزل كل معاني الحب والعشق والإثارة. والمقصود هنا عشق عائلة سلامون للأحجار الكريمة ذات الجودة العالية والتصميم الأنيق الذي يميل إلى الكلاسيكية. بيد أنها كلاسيكية محسوبة ومقصودة لأن أغلبها موجه لحد الآن إلى المرأة العربية التي لا تزال أهم زبونة بالنسبة للدار. لكن هذا لا يعني أن كلاسيكيتها تأتي على حساب الابتكار، بل العكس فهناك مزج رائع بين الاثنين يجعلها عصرية تخرج عن إطار التقليدي «الكليشيه». تقول كارول سلامون، وهي شابة تتمتع بطاقة عالية ولا يضاهي شغفها بالجواهر سوى قناعتها بأن اسم الدار له وزن ويستحق أن يأخذ حقه كواحد من بيوت الجواهر المهمة في السوق عوض أن يبقى حكرًا على شريحة معينة أو خريطة محددة، إن «الدار أبدعت قطعًا عبر العقود لو كان لها لسان لحكت، مثل شهرزاد، الكثير من قصص الحب التي جمعت قلوبًا بخواتم من الماس وأطقمًا من الزمرد أو الياقوت لا تزال الجدات تورثها للحفيدات. فضلاً عن قطع تسجل لولادة جديدة، فالأسعار هنا متباينة تعكس تنوع التصاميم وما تتضمنه من أحجار». ورغم التنوع الشديد الذي يطمح لإرضاء كل الأذواق، يبقى القاسم المشترك بينها دائمًا قدرتها على سرقة القلوب. فهي لا ترتبط بحقبة أو زمن، كما أن أحجارها المنتقاة بعناية ودقة، تضفي عليها قيمة وجمالية لا تقدر بثمن.
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».
بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.
صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.
كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.
الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.
المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.
المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.
سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»
من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.
موسم الأعياد والحفلات
بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».
دمج بين الفينتاج والبوهو
تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.
مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.
إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.
أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.
رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.