الحكومة الفرنسية تعتزم إغلاق المساجد المتشددة.. ومشاهد دماء على جدرانها

مسلمو فرنسا والعالم ثاني ضحايا جرائم باريس الإرهابية

الالاف من الفرنسيين وقفوا دقيقة صمت أمام مسرح باتاكلان حداداً على ارواح ضحايا الهجمات على باريس (إ ب أ)
الالاف من الفرنسيين وقفوا دقيقة صمت أمام مسرح باتاكلان حداداً على ارواح ضحايا الهجمات على باريس (إ ب أ)
TT

الحكومة الفرنسية تعتزم إغلاق المساجد المتشددة.. ومشاهد دماء على جدرانها

الالاف من الفرنسيين وقفوا دقيقة صمت أمام مسرح باتاكلان حداداً على ارواح ضحايا الهجمات على باريس (إ ب أ)
الالاف من الفرنسيين وقفوا دقيقة صمت أمام مسرح باتاكلان حداداً على ارواح ضحايا الهجمات على باريس (إ ب أ)

أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أمس أن الحكومة ستبحث في جلستها المقبلة قرارا بحل المساجد المتشددة، وذلك بعد يومين من إعلان حالة الطوارئ في البلاد إثر الاعتداءات الانتحارية التي استهدفت باريس.
وقال كازنوف عبر قناة «فرانس 2» التلفزيونية إن «حالة الطوارئ هي أن نتمكن بطريقة حازمة وصارمة من أن نطرد من البلد أولئك الذين يدعون للكراهية في فرنسا، سواء أكانوا منخرطين فعلا أو نشتبه في أنهم منخرطون في أعمال ذات طابع إرهابي». وأضاف أن «هذا يعني أيضًا أنني بدأت آخذ إجراءات بهذا الصدد وسيجري نقاش في مجلس الوزراء بشأن حل المساجد التي يبث فيها الدعاة الكراهية أو يحضون عليها، كل هذا يجب أن يطبق بأكبر حزم».
كما ذكر الوزير بأن الحكومة أقرت «زيادة كبيرة جدا لإمكانيات» أجهزة الاستخبارات حتى قبل اعتداءات الجمعة ولا سيما مع «خلق 1500 وظيفة» و«تخصيص نحو 233 مليون يورو» وتوسيع صلاحيات هذه الأجهزة من خلال «إجراءات تشريعية جديدة». وأضاف: «هل في إطار الحرب التي نعيشها يجب أن نمضي أبعد من هذا؟ الجواب أعطاه الرئيس ورئيس الوزراء.. نعم، يجب ذلك. حالة الطوارئ ستتيح الوسائل لفعل ذلك.. فرض الإقامة الجبرية، مداهمات.. هذه الوسائل سيتم اللجوء إليها كلها وبالكامل».
وذكر كازنوف بأنه «أيا تكن الإجراءات التي نتخذها في مواجهة همجيين أعلنوا الحرب فإن الخطر صفر غير موجود»، مؤكدًا أن «هذه الحرب ستنتصر فيها الجمهورية الفرنسية والديمقراطية بسبب القيم التي نحملها والحزم في تنفيذ أفعالنا». ودعا الوزير الفرنسيين إلى «مواصلة الحياة.. لأن الإرهابيين يريدون إخضاعنا بالرعب، إنه رفض العيش كما فعلنا حتى اليوم بنموذج حضارتنا وحبنا للحرية والثقافة والعيش معا».
وفي هذا الإطار يعيش مسلمو فرنسا وأوروبا والغرب عمومًا حالة من الخوف، بعد الهجمة التي تستهدفهم إثر اعتداءات باريس. كان حزن مسلمي فرنسا عقب أحداث باريس الإرهابية مضاعفًا، فهم تألموا للضحايا وتألموا ثانية من الهجمة ضدهم. وفيما يترقّب مسلمو فرنسا، الذي يبلغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة، والعالم انتقادات لاذعة وردود فعل عنيفة أحيانًا من طرف اليمين المتطرّف عقب الهجمات الإرهابية، إلا أن أحداث باريس الأخيرة أدّت إلى انتشار موجة خوف حقيقية بين الجاليات المسلمة الأوروبية من التداعيات المحتملة، كما سارع سياسيون وجهات إعلامية إلى الدعوة لعدم ربط الإرهابيين وآيديولوجيتهم الهدامة بالإسلام والمسلمين.
ورغم التنديدات الفورية والصارمة التي أصدرتها الجهات المسلمة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها بالهجمات الشنيعة التي طالت مدنيين أبرياء، لم ينجُ أفراد الجالية من الاتهامات الظالمة والعنف غير المبرر. ففي فرنسا، انتشرت علامات صليب أحمر يبدو كأنه يقطر دما على أبواب وجدران مساجد في مختلف المدن الفرنسية، كما على المطاعم التابعة لهذه المساجد والأماكن المخصصة لوقوف السيارات وعلامات المرور.
يقول رئيس اتحاد الجمعيات المسلمة في مدينة كريتيل، كريم بنعيسى، لجريدة «لو باريزيان» الفرنسية إن «الجالية المسلمة الفرنسية لا تزال تحت وقع صدمة أحداث باريس الدامية التي أسقطت أول الضحايا. إلا أنها اليوم الضحية الثانية لهذه الهجمات».
وتهجم عدد من المشاركين في مظاهرة معادية للمسلمين في مدينة بونتيفي، أول من أمس، بالضرب المبرح على رجل بسبب ملامحه المغاربية حسب ما أفادت تقارير إعلامية ورسمية محلية. ولم تقتصر هذه الاعتداءات على فرنسا، إذ أضرم مهاجمون النار بمسجد في بلدة دون بينيتو الإسبانية السبت الماضي، فيما يشتبه في أن يكون انتقاما لسلسلة الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس، وفق تصريحات عمدة البلدة. وقال العمدة، خوسيه لويس كوينتانا، إنه لا يستبعد إمكانية أن يكون الحريق ناجمًا عن هجوم انتقامي بحت.
وتمكن رجال الإطفاء سريعا من إخماد النيران. وأسفر الحريق عن إلحاق أضرار بمدخل المسجد لكن لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات. من جانبه، أفاد محمد القتبى، وهو شخصية إسلامية بارزة في الجالية المسلمة: «إن من فعل ذلك اختار الهدف الخطأ»، مضيفًا أن الجالية المسلمة في البلدة وعددها 500 شخص مندمجة بشكل جيد مع السكان المحليين البالغ عددهم 40 ألفا».
وحذر مسلمو ألمانيا من «التداعيات السلبية» لهجمات باريس عليهم وقيام التيارات اليمينية المتطرفة بتوظيف تلك الأحداث التي أجمعوا على التنديد بها واعتبروها «إرهابا بربريا جبانا وغادرا». وقال المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إنها «هجمة حربية مدبرة ضد الإنسانية وضد الإسلام بشكل مباشر، وتستهدف نشر الهلع والفتنة والتحريض بين الأديان وفئات المجتمعات المختلف.
وفي الولايات المتحدة، وبينما أصدرت منظمات أميركية رئيسية بيانات تدين الهجوم الإرهابي في باريس ليلة الجمعة الماضية، شهدت الولايات المتحدة، منذ الهجمات، أعمال عنف ضد مسلمين وضد مؤسسات إسلامية.
وأصدر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أكبر منظمات اللوبي الإسلامي في الولايات المتحدة، بيانًا أدان الهجمات الإرهابية في باريس. وقدم نهاد عوض، مدير المنظمة، التعازي في الضحايا. وقال إن الهجمات «حرب ضد المسلمين» أيضًا. وإن «داعش» لا تمثل الإسلام، أو المسلمين، أو الثقافة الإسلامية.
كما أصدرت ثمانية منظمات إسلامية رئيسية بيانا مشتركا، في مؤتمر صحافي في واشنطن، أدانت فيه الهجمات في باريس. وجاء في بيان: «مجلس المنظمات الإسلامية الأميركية (يو إس سي إم أو): «ندين في قوة الأعمال الإرهابية الفظيعة التي وقعت في باريس يوم الجمعة. ونحن، كما كنا، نكرر وقوفنا ضد أي نوع من أنواع العنف ضد الأبرياء، في تركيا، وفي بيروت، وفي سوريا، وفي باريس، وفي أرضنا هنا (الولايات المتحدة) مهما اختلفت المنفذون، والأهداف، والأسباب».
لكن أول من أمس الأحد، تلقى المركز الإسلامي في بطرسبرغ (ولاية فلوريدا) تهديدات، منها اتصال تليفوني فيه تهديد بشن «هجمات قاتلة عليه وعلى مساجد أخرى في الولاية». وأمس نقل تلفزيون «سي إن إن» من كندا عن شرطة مدينة بيترببرغ (مقاطعة أونتاريو) أكدت فيه أن الحريق الذي اندلع، يوم السبت، في مسجد السلام هناك «جريمة متعمدة». وقالت ديبي جيلليز، مسؤولة في شرطة المدينة: «تحقق الشرطة في الحريق باعتباره جريمة كراهية».
وانتشرت في مواقع الإنترنت المعادية للمسلمين صورة بندقية أوتوماتيكية مكتوبا عليها عبارة «كي لا يتجرأ مسلم على حمل هذا السلاح». ودافع عن المسلمين مسؤول في فرع «كير» في ولاية فلوريدا، وقال: «من جملة 205 جرائم قتل جماعية، خلال العشر سنوات الأخيرة في الولايات المتحدة واحدة فقط ارتكبها مسلم (مذبحة القاعدة العسكرية في تكساس)». وقال إن التهويل بأن المسلمين مجرمون جزء من «إرهاب المسلمين» الذي ارتفع بعد الهجمات على باريس.
صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور» قالت أمس إن مسلمين أميركيين يشبهون الحملة الجديدة ضدهم بما حدث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001. وأشار هؤلاء إلى التصريحات المعادية لهم في حملات الانتخابات الرئاسية. وأشارت الصحيفة إلى «الزخم السياسي في موسم الانتخابات الرئاسية». وإلى أنه تسبب «فيما وصف بأنه جو غير مسبوق من التعصب العلني، والمتزايد، في الحوادث العنصرية في أنحاء متفرقة من البلاد». وعقب غلين كاتون، المسؤول القانوني لمنظمة الدفاع عن المسلمين، ومقرها في أوكلاند (ولاية كاليفورنيا) بقوله: «أعتقد أن هذا الأمر صحيح وواضح هذه الأيام». لكنه أضاف أنه، رغم صعوبة الموقف، «يوجد لدى كثير من الشباب المسلمين أمل كبير في المستقبل. وذلك لأن المجتمع الأميركي يقبل، بشكل عام، اندماج المسلمين فيه».
يوم أمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إنه، خلال الأيام القليلة الماضية، حاول معارضون للإسلام وللمسلمين تنظيم مظاهرات معادية لهم، لكن كثيرا من الناشطين والمؤيدين للحريات الدينية نظموا مظاهرات مضادة. خاصة في مدن كبيرة مثل نيويورك، وبوسطن، وشيكاغو، ولوس أنجليس.



شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
TT

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس، مساء اليوم الجمعة، أن اللاجئين السوريين «المندمجين» في ألمانيا «مرحَّب بهم»، في حين يطالب المحافظون واليمين المتطرف بإعادتهم إلى بلدهم، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المستشار الديمقراطي الاشتراكي، في رسالة على منصة «إكس»، إنّ «كلّ من يعمل هنا، ومندمج بشكل جيّد، هو موضع ترحيب في ألمانيا، وسيظل كذلك. هذا مؤكَّد»، مشيراً إلى أنّ «بعض التصريحات، في الأيام الأخيرة، أدّت إلى زعزعة استقرار مواطنينا سوريي الأصل».