مسؤول أميركي رفيع: حماية الأجيال المقبلة من التطرف تتطلب استراتيجية شاملة

إجراءات لتحسين التنسيق المخابراتي وتبادل المعلومات بين واشنطن والأوروبيين

مسؤول أميركي رفيع: حماية الأجيال المقبلة من التطرف تتطلب استراتيجية شاملة
TT

مسؤول أميركي رفيع: حماية الأجيال المقبلة من التطرف تتطلب استراتيجية شاملة

مسؤول أميركي رفيع: حماية الأجيال المقبلة من التطرف تتطلب استراتيجية شاملة

قالت سارة سيول، وكيل وزارة الدولة لشؤون الأمن الدولية والديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارجية الأميركية، إن سبيل احتواء الإرهاب يمر عبر اعتماد استراتيجية متكاملة، تشمل إلى جانب التدخل العسكري ومحاربة الفكر المتطرف ووقف امتداد تنظيم داعش، استخدام القوانين والتشريعات الدولية ومعالجة الأسباب الجذرية والعوامل التي تحفز الشباب على الانضمام للجماعات المتطرفة العنيفة.
وشدّدت سيول، أمس خلال جلسة صحافية في العاصمة البريطانية، على ضرورة تعزيز التحالفات والشراكات بين الدول، بما فيها بريطانيا، والالتزام المشترك لهزيمة «داعش» على الأرض. كما لفتت إلى الحاجة إلى تطوير وإقرار «نهج إيجابي» جديد في مكافحة الإرهاب يعتمد على جهات وأدوات جديدة لحماية الأجيال المقبلة من تهديد التطرف العنيف. وقالت: «علينا بذل مزيد لإشراك مختلف الجاليات وقادتها، والنساء والأطفال والجهات المجتمعية الفاعلة في جهود مكافحة التطرف. كما يجب صياغة هذه السياسات على مستويين. الأول على المستوى الفردي، والثاني من خلال حشد هذه الجاليات في مكافحة التطرف العنيف».
إلى ذلك، أشارت سيول إلى أن الطريق للقضاء على الفكر الإرهابي الهدّام طويلة ومعقدة، «وليس لدينا الأجوبة لجميع الأسئلة المطروحة بعد.. لا نزال في أول الطريق. فالعوامل الناتجة عن الإرهاب ومحفّزاته قد تكون خاصة بالفرد وبتجاربه الخاصة أو بتركيبة مجتمع معين، وتنبع المشكلة من داخل المجتمعات، وعلينا فهم طبيعة ذلك وتحديد أهم دوافع الاقتناع بالفكر الراديكالي من جهة، وفكر الجماعات الإرهابية ونمط حياتهم من جهة أخرى». وهنا تكمن أهمية إشراك جل الجهات المجتمعية، إذ هي مطّلعة أكثر من غيرها على المجتمع. وأضافت سيول: «نحتاج إلى نهج تصاعدي من الأسفل للأعلى».
وفي إجابة عن تساؤل «الشرق الأوسط» حول الإجراءات العملية المتخذة في إطار التعاون الأمني الدولي، خاصة بعد هجمات باريس الإرهابية، أفادت سيول أن «الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها، ولا سيما الأوروبيين، لرفع قدرتها على التنبؤ بالمواقع الأكثر استهدافا من قبل الجماعات الإرهابية من خلال نظام (التعرف على أسماء وهويات الرّكاب)، وتعزيز التنسيق القانوني والمخابراتي، وتحسين آليات تبادل المعلومات».
وفيما رفضت سيول التعليق على مدى فعالية سياسات وآليات مكافحة الإرهاب في فرنسا وبلجيكا، إلا أنها أكدت استعداد الولايات المتحدة لتقديم المساعدة التقنية للدول التي هي في حاجة إليها، خاصة تلك التي لا تملك آليات متطورة وفعالة، والتي قد تكون تجربتها في محاربة الإرهاب محدودة، في إشارة إلى الدول النامية التي تعاني من تهديد التطرف على أراضيها.
أما في ما يتعلّق بسبل محاربة آلة «داعش» الدعائية على المواقع الاجتماعية، أشارت سيول إلى مركز «صواب» للاتصالات الرقمية الذي دشّن في الإمارات شهر يوليو (تموز) الماضي، والذي يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للرد على النشاطات الدعائية المتطرفة على الإنترنت. ويسعى هذا المركز، الذي يعدّ الأول من نوعه، إلى تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح، وإتاحة مجال أوسع للأصوات المعتدلة التي غالبا ما تضيع وسط ضجيج الأفكار المغلوطة التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف. وذكرت سيول أن بلدها يستعد لإطلاق مبادرة شبيهة في جيبوتي قريبا.
في سياق متصل، تحدّثت سيول عن أزمة اللاجئين وإمكانية استغلال عناصر الجماعات الإرهابية لوضع هؤلاء المزري في المخيمات وافتقارهم إلى نظرة مستقبلية واضحة لتجنيدهم. وقالت إن حل الأزمة السورية هو ما سيمكن من حل أزمتي «داعش» و«اللجوء»، كل واحدة على حدة. كما لفتت إلى أن بلدها، على غرار البلدان الأوروبية، يسعى جاهدا لإيجاد توازن بين المحافظة على الأمن واحترام الالتزامات الإنسانية وحقوق اللاجئين.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.