بعد تحرير المديريات الجنوبية بالضالع مديريات شمالية تعيش وطأة الحرب والحصار

عشرات من المنشآت الحكومية في المحافظة الجنوبية تعرضت للتخريب والنهب والقصف

بعد تحرير المديريات الجنوبية بالضالع مديريات شمالية تعيش وطأة الحرب والحصار
TT

بعد تحرير المديريات الجنوبية بالضالع مديريات شمالية تعيش وطأة الحرب والحصار

بعد تحرير المديريات الجنوبية بالضالع مديريات شمالية تعيش وطأة الحرب والحصار

قال محافظ الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن محافظة الضالع، جنوب اليمن، عانت وما زالت تعاني من العدوان الذي شنته ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع، مشيرًا إلى أن فاتورة الحرب لا تقتصر على قتلى وجرحى، وإنما أضرار الحرب طالت بنية المحافظة الأساسية.
علاوة على تدمير وتخريب وهدم كلي وجزئي لمئات المنازل في مدينة الضالع والقرى الواقعة على طول مساحة المواجهات المسلحة خلال الفترة الممتدة من نهاية مارس (آذار) وحتى 25 مايو (أيار)، هناك العشرات من المنشآت الحكومية التي تعرضت للتخريب والنهب والقصف.
وأضاف أن الضالع ما زالت، وحتى اللحظة، دون تيار كهربائي عمومي، منذ انقطاعه مع اليوم الأول للعدوان نهاية مارس، كما أن هناك مدارس وقاعات دراسية كاملة لكلية التربية ومراكز صحية ومستوصفات ومستشفيات طالها القصف ومنها ما لحق به الهدم الكلي.
وأشار إلى أن الضالع من المحافظات النائية التي يعيش أغلب سكانها تحت خط الفقر وتعاني من شحة في الموارد والإمكانات وانعدام للفرص، تحتاج لجهود وإمكانيات كبيرة لاستعادة الخدمات الضرورية مثل الكهرباء والتعليم والصحة والنظافة والأمن والمشتقات النفطية، مؤكدًا بذل قيادة المحافظة لجل وقتها وجهدها كي تستعيد المحافظة المتطلبات الأساسية لحياة السكان.
وحذر من مغبة التلاعب بأسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي في المحافظة، مؤكدًا أن قيادة المحافظة والمقاومة الجنوبية لن تتهاون أو تتساهل في ردع من تسول له نفسه استغلال الظروف الاستثنائية والمعقدة التي تمر بها المحافظة والتي من شأنها مضاعفة تلك الظروف ومفاقمتها.
وقال إن رفع أسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي وإخفاءها أحيانا من قبل بعض ملاك المحطات للمتاجرة بها في السوق السوداء مخالفات لن تنطلي علينا، وسوف توقف قيادة المحافظة تموينات هذا المحطات وإحالة كمياتها المقررة للمحطات المنضبطة بأدائها.
وأشار إلى أن تهريب المشتقات النفطية والغاز المنزلي الخاص بالضالع تسبب بأزمة خانقة انعكست على الأهالي اللذين عانوا كثيرًا جراء الحرب، وهو أمر مرفوض ولا يمكن السكوت عنه.
وقال مدير عام مكتب الأشغال العامة، رئيس اللجنة الفنية والهندسية المكلفة بمسح وحصر تلك الأضرار، المهندس عبد الرحمن علي حمود لـ«الشرق الأوسط» بتعرض 550 مبنى ومنزلا لأضرار مختلفة جراء الحرب في الضالع كحصيلة أولية، مبينًا أن الميليشيات دمرت ما يقارب 6 مدارس حكومية تدميرا كليا و10 أخرى تدميرا جزئيا، بالإضافة إلى تدمير أندية النصر والوصل وشباب قعطبة، كما تعرض القطاع الخاص الصحي هو الأخر لتدمير جزئي في مستشفيات السلامة والتضامن والأبجر ومستشفى الضالع للعيون.
ولفت بتعرض أكثر من 18 منشأة حكومية و 12مرفقً صحيًا في المحافظة للأضرار بين تخريب ونهب وتهدم واسع ومتوسط.. واحتلالها لأكثر من 6 مباني حكومية أخرى. وقال رئيس مركز الإغاثة الإنسانية في محافظة الضالع، أنيس محمد صالح لـ«الشرق الأوسط» إن نحو 62788 أسرة في الضالع، منهم 11275 أسرة نزحت من مدينة الضالع إلى مديريات المحافظة، وهذا العدد تركز نزوحهم إلى المناطق الريفية النائية مثل جحاف والأزارق والحصين.
وأضاف أن الميليشيات منعت مرور وإيصال المواد الإغاثية والمعونات الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت الحصار والحرب في الضالع، رغم الهدن الأربع المعلن عن سريانها.
وأشار بتوقف كل الخدمات والمعاملات والمهام الحكومية التي تقدمها السلطات المحلية والمكاتب التنفيذية والهيئات والمؤسسات العامة للمواطن في المحافظة في مختلف المجالات بما فيها التمويلية والصحية والتعليمية والاتصالات والكهرباء والمياه.. إلخ.
وكشف الناشط الحقوقي أحمد الضحياني لـ«الشرق الأوسط» عن حجم الأضرار الناجمة عن الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع على مدينة الضالع والمناطق الواقعة على طول الخط الرئيسي الواصل مدينة قعطبة شمالا بمركز المحافظة جنوبا.
وأضاف أنه وبحسب الأرقام والإحصائيات والمؤشرات التقييمية المتوفرة لديه حول الوضع الإنساني والمعيشي في المحافظة، وكذا القضايا والانتهاكات التي تتم متابعتها ورصدها بصورة يومية، فقد تمكنت مؤسسة «وثاق» للتوجه المدني، التي يرأسها من رصد الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات المسلحة، مشيرًا إلى سقوط 312 قتيلا و600 جريحا، بينهم 5 إناث، توفت منهن اثنتان بسبب تعذر إسعافهما وكذا لانقطاع الطرق.
وتطرق إلى قيام سلطات الحوثي وصالح بقطع خدمة الاتصالات والإنترنت والهاتف الجوال الكثير من المرات، وبتعرض أكثر من 550 منزلا لأضرار مختلفة تراوحت بين جزئي وكلي، بسبب القصف وتفجيرات المنازل المجاورة التي قامت بها ميليشيات الحوثي.
وتابع الضحياني أن الميليشيات قامت بقصف وانتهاك حرمة أكثر من 12 مسجدًا في مديرية الضالع ومدينتها.
ولفت إلى أن معظم المنشآت الصحية العامة والخاصة توقفت عن العمل نظرا لشحة وانعدام الإمكانيات مثل الأدوية والمحاليل وكذا المشتقات النفطية.
ومؤخرًا، برزت معاناة جديدة تمثلت في معاناة السكان في مديريات قعطبة ودمت وجبن والحشاء بمحافظة الضالع، والتي تعيش حاليا حصارا خانقا ونفادًا للمواد الغذائية وارتفاعًا باهظًا لسعر المشتقات النفطية نتيجة الحصار المفروض من جهة الجنوب ومن جهة الشمال والغرب والشرق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.