انطلاق عملية «نصر الحالمة» لتحرير تعز وفك حصارها.. وفرار جماعي للميليشيات

الرئيس هادي يشرف على العملية العسكرية من عدن * الجيش الوطني يجتاح شمال المحافظة بغطاء جوي من التحالف

مقاتلون بالمقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية الشرعية يستقلون شاحنة على الطريق المؤدي إلى واجهة القتال ضد ميليشيات الحوثي في جنوب غربي مدينة تعز أمس (رويترز)
مقاتلون بالمقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية الشرعية يستقلون شاحنة على الطريق المؤدي إلى واجهة القتال ضد ميليشيات الحوثي في جنوب غربي مدينة تعز أمس (رويترز)
TT

انطلاق عملية «نصر الحالمة» لتحرير تعز وفك حصارها.. وفرار جماعي للميليشيات

مقاتلون بالمقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية الشرعية يستقلون شاحنة على الطريق المؤدي إلى واجهة القتال ضد ميليشيات الحوثي في جنوب غربي مدينة تعز أمس (رويترز)
مقاتلون بالمقاومة الشعبية الموالية للحكومة اليمنية الشرعية يستقلون شاحنة على الطريق المؤدي إلى واجهة القتال ضد ميليشيات الحوثي في جنوب غربي مدينة تعز أمس (رويترز)

دخلت العمليات العسكرية في محافظة تعز اليمنية مرحلة مهمة، فقد شرعت قوات مشتركة من قوات الجيش الوطني الموالي للشرعية والمقاومة الشعبية وقوات التحالف في تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق، أطلق عليها اسم «نصر الحالمة»، وتهدف إلى تحرير محافظة تعز وفك الحصار الذي تفرضه عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وتشمل العملية تحركا بريا وقصفا مدفعيا وجويا، حيث تعرف تعز في اليمن بـ«الحالمة»، وقد بدأت بعض المناطق المهمة في السقوط بيد قوات الجيش الوطني، كالشريجة والوازعية.
وعلمت {الشرق الأوسط} أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، صادق على العملية العسكرية قبل مغادرته الرياض متوجها إلى عدن.
وقالت مصادر يمنية مطلعة، إن الرئيس اليمني، يزور العاصمة اليمنية المؤقتة، للمرة الثانية بعد تحريرها من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية منذ أربعة أشهر، مشيرة إلى أن زيارة هادي، ومعه وفد يتكون من بعض الوزراء في الحكومة الشرعية، تهدف إلى متابعة العمليات العسكرية من عدن، إضافة إلى جملة من الملفات والأعمال الحكومية، وضمنها افتتاح فرع لديوان وزارة الخارجية في عدن. ويرافق الرئيس اليمني الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية، والدكتور محمد عبد الواحد الميتمي، وزير التخطيط والتعاون الدولي، وأحمد الميسري، وزير الزراعة، والدكتور العزي هبة الله شريم، وزير المياه والبيئة، ومنصد القعيطي، وزير المالية، ومحمد علي سالم الشدادي، نائب رئيس مجلس النواب، واللواء حسين عرب، رئيس اللجنة الأمنية في عدن.
إلى ذلك قال اللواء أحمد سيف اليافعي، قائد المنطقة العسكرية الرابعة في الجيش الوطني اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن العملية العسكرية في تعز «تجري وفقا لخطط مدروسة، بعد مصادقة الرئيس هادي عليها»، وإن «الأعمال العسكرية بدأت، انطلاقا من منطقة باب المندب وحتى كرش، على امتداد الحدود الجغرافية لمحافظة تعز».
وأكد اللواء اليافعي أنه تم الاستيلاء على كميات كبيرة من السلاح المساند قرب منطقة الصبيحة في لحج والمتاخمة لمحافظة تعز، إضافة إلى أسر مجموعة من المقاتلين الحوثيين والسيطرة على عدد من المرتفعات باتجاه منطقة البرح، في محافظة تعز، وأشار اليافعي إلى أن قوات الجيش الوطني دخلت إلى مديرية الوازعية، وفي الاتجاه الآخر تجاوزت منطقة الشريجة (النقطة الحدودية السابقة بين الشمال والجنوب من جهة تعز – لحج)، وإلى أن المواجهات المسلحة تدور على طول مناطق الخطوط الأمامية بالاتجاه إلى تعز. وقد تلقى اليافعي أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس هادي، بعد بدء العملية فورا، حيث يشرف هادي بشكل مباشر على العملية العسكرية.
وذكر القائد العسكري اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن العملية تهدف إلى تحرير محافظة تعز من الميليشيات الانقلابية، وإلى «فك الحصار عن المواطنين المحاصرين ليحصلوا على الدواء والغذاء، خصوصا أن الطرق التي تربط تعز بصنعاء والحديدة وعدن مقطوعة من قبل الحوثيين»، مؤكدا أن قوات التحالف تشارك في هذه العملية العسكرية، عبر الدعم بالنيران، والقصف الجوي والمدفعي، في حين علمت «الشرق الأوسط» من مصادر عسكرية مطلعة أن بارجات قوات التحالف بدأت في الاقتراب من السواحل الجنوبية للبحر الأحمر، وذلك للمشاركة في عملية «نصر الحالمة».
وتزامنا مع العمليات العسكرية البرية في عملية «نصر الحالمة»، شن طيران التحالف غارات عنيفة على مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
ووفقا لشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» فقد استهدفت الطائرات البوابة الغربية لمطار تعز، وجرى تدمير عدد من الآليات العسكرية، إضافة إلى استهداف مناطق في غرب المدينة، ومواقع للميليشيات في مديرية الراهدة، إلى جانب الغارات المكثفة التي استهدفت الوازعية وكرش والشريجة وغيرها من المناطق. ووفقا للشهود والمصادر فقد تركزت غارات التحالف على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح في مطار تعز الدولي، ومنطقة المكلل ومعسكر القوات الخاصة، شرق المدينة، وعقاقة وتبة الحبيل وحوش جامعة تعز. وتم تدمير دبابة وطقم عسكري بمنطقة الربيعي، غرب المدينة، وكذا في منطقة الجرجور في الراهدة، حيث تم استهداف مبنى تتجمع فيه الميليشيات، وجسر الريدة على خط الراهدة – الشريجة، وجبل حمالة بالراهدة، وشارع الثلاثين القريب من السجن المركزي بالضباب وجبل الهان والتبة السوداء، ومنطقة المطالي بالمسراخ وتجمعات أخرى للميليشيات في موزع وبئر باشا والحوبان وصالة وتبة البركاني وسائلة الحبيل، مع التحليق المستمر لطيران التحالف على سماء تعز.
من جانبه، أكد أيمن المخلافي، القيادي في المقاومة الشعبية في تعز، لـ«الشرق الأوسط» أن بداية العملية، في مدينة تعز، كانت من جهة المنطقة الغربية، حيث دشن طيران التحالف غاراته على مراكز ومواقع مختلفة تتجمع فيها ميليشيات الحوثي وصالح، وكبدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد. وأضاف أن «أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني تمكنوا من تحرير جميع التباب المطلة على جامعة تعز وباتوا قرب بوابة الجامعة القريبة من المطار القديم، وخلال الساعات القليلة المقبلة سيتم تطهيرها بالكامل وصولا إلى منطقة الضباب، وسيتم التحام المقاومة الشعبية في جبهة الضباب مع الجبهة الغربية في المدينة».
وأشار المخلافي إلى أنه «كمرحلة سيتم فتح منفذ بين تعز وعدن وتأمينه، وذلك عن طريق منفذ الضباب، وستكون الجهة الغربية جاهزة لدخول قوات التحالف العربي لاستكمال مرحلة فك الحصار عن المدينة وتطهير المحافظة من الميليشيات الانقلابية، وكما هو الاتفاق بين غرفة العمليات المشتركة فإن طائرات الأباتشي سيكون لها دور كبير في تحرير المحافظة».
وذكر القيادي في المقاومة أن ملامح هزيمة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح ظهرت، حيث بدأت الميليشيات في التقهقر في كثير من المواقع والمديريات، مشيرا إلى أن كثيرا من مسلحي الحوثي «بدأوا في البحث عن طريق للهروب، وآخرين يطلبون من رجال القبائل وأبطال المقاومة والجيش السماح لهم بالانسحاب، خصوصا بعدما تكبدوا الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات».
وتشير المعلومات الواردة من تعز إلى مقتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، وإلى أسر واستسلام عدد كبير منهم.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».