أعلن مدعي باريس، أمس، أنه تم تحديد هوية انتحاريين فرنسيين اثنين آخرين، شاركا في اعتداءات باريس، الجمعة، وذلك بعد تحديد هوية انتحاري ثالث هاجم قاعة باتاكلان. وقال فرنسوا مولان مدعي باريس، إن هذين الشخصين كانا يقيمان في بلجيكا، لافتا إلى أن أحدهما (20 عاما) هو منفذ إحدى الهجمات الانتحارية التي ارتكبت قرب استاد فرنسا، والثاني (31 عاما) هو من فجر نفسه في بولفار فولتير بشرق باريس. والانتحاري الفرنسي الأول الذي حددت هويته هو عمر إسماعيل مصطفاي (29 عاما)، الوحيد حتى الآن الذي كشفت هويته ضمن مجموعة قاعة باتاكلان.
وكشفت النيابة البلجيكية عن أن اثنتين من السيارات التي استخدمها منفذو هجمات باريس استؤجرتا في بلجيكا، وأضافت، أن فرنسيين أقاما في بروكسل بين منفذي الاعتداءات في باريس، أحدهما في حي مولنبيك تحديدا، وقتلا في موقع الهجمات، مضيفة أنه تم توقيف 7 أشخاص في بلجيكا منذ السبت في إطار الشق البلجيكي من التحقيق في الاعتداءات. ومن بين المنفذين السبعة للاعتداءات تمكن المحققون حتى الآن من تحديد هويات ثلاثة منفذين.
وخطا التحقيق الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الفرنسية بمعاونة الأجهزة الأوروبية كلها، وتحديدا البلجيكية، خطوات مهمة، إذ عثر على السيارتين اللتين استخدمهما الإرهابيون في تنقلاتهم: الأولى قريبا من مسرح باتاكلان، وهي من ماركة «فولكسفاغن بولو»، والثانية، في ضاحية مونتروي، وهي من طراز «سيات» سوداء اللون، وفي داخلها ثلاثة رشاشات، شبيهة بالتي استخدمها الإرهابيون في الهجوم على مسرح باتاكلان.
في غضون ذلك، سادت حالة من الذعر، أمس، وسط باريس قرب موقع إحدى هجمات الجمعة، بينما انتشرت الشرطة في المكان، بسبب أنباء غير صحيحة عن هجوم على ما يبدو، وفرّ عدد من الموجودين في ساحة الجمهورية، حيث تجمع الآلاف حدادا وتضامنا مع ضحايا أسوأ هجمات تشهدها باريس، بعد ورود أنباء عن إطلاق نار.
وتشير المعلومات إلى ضلوع مجموعة بلجيكية موقعها في بلدة متوسطة اسمها مولنبيك، قريبة من العاصمة بروكسل، وهي معروفة بتشدد الكثير من أبنائها، حيث قبضت السلطات هناك على خمسة أشخاص بينهم الرجل الذي استأجر إحدى السيارتين. وتريد الأجهزة الأمنية معرفة ما إذا كان هؤلاء على علاقة بما سماه مدعي عام باريس فرنسوا مولان «الفرقة الثالثة». وأفاد الأخير أن سبعة قتلوا: ثلاثة في مسرح باتاكلان وثلاثة فجروا أنفسهم قريبا من استاد فرنسا والآخر في شارع قريب من المسرح. وقد وقع ثلاثة من الموقوفين صدفة بأيدي الشرطة البلجيكية قريبا من الحدود مع فرنسا.
ويبقى لغز جواز السفر الفرنسي الذي وجد قرب جثة أحد انتحاريي الاستاد في محلة سان دوني محيرا. ولا يعرف المحققون ما إذا كان الجواز ينتمي حقيقة لأحد الإرهابيين الثلاثة أم لا، علما أن صاحب الجواز قد مر باليونان بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وفي صربيا في التاسع منه، حيث تقدم بطلب اللجوء. وتعتمد باريس على التعاون الدولي لجلاء كافة جوانب العمليات الإرهابية الست التي تبناها تنظيم داعش رسميا والتي تطرح تحديات كبيرة على الأجهزة الفرنسية والأوروبية بشكل عام.
من جهة أخرى، لم نكن نتوقع لدى وصولنا بعد ظهر أمس قريبا من ساحة لاريبوبليك على بعد عدة مئات من الأمتار من موقع مسرح باتاكلان، حيث أجهز الإرهابيون الثلاثة على 89 شابا ومن موقع المطعمين الفرنسي والكمبودي، حيث قتل نحو عشرين شخصا كانوا يتناولون طعامهم ليلة الجمعة/ السبت أن نرى هذا العدد الضخم من الباريسيين الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات ضاربين بعرض الحائط نصائح مديرة الشرطة وعمدة العاصمة. الفرنسيون نزلوا بعشرات الآلاف مع عائلاتهم، نزلوا إلى شوارع عاصمة النور، حاملين الصغار على الأكتاف والأكبر سنا على الدراجات الهوائية، كأن الرسالة التي أرادوا إيصالها واضحة وقوية لخصها لنا جان بيار ريشار وهو أستاذ رياضيات في إحدى الثانويات العامة بقوله: «نريد أن نقول لهؤلاء إن الإرهاب لن يجعلنا نخاف ونرتعب ونلزم بيوتنا. نحن هنا في بلدنا ولنا نمط من العيش ومجموعة من القيم ونريد أن نبين أننا ما زلنا نتمسك بها رغم المجزرة الوحشية التي ارتكبها هؤلاء القتلة مهما تكن هوياتهم من الداخل أو الخارج». أما على المستوى الرسمي، فقد وسع الرئيس فرنسوا هولاند دائرة مشاوراته، إذ استقبل قصر الإليزيه طيلة يوم أمس رؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان مبتدئا برئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي الذي يدير حاليا حزب الجمهوريين اليميني المعارض رغبة منه على الأرجح في ترجمة ما دعا إليه منذ ليل الجمعة/ السبت وما كرره ظهر الأحد، أي إبراز وحدة فرنسا وتضامنها بوجه الموجة الإرهابية. كذلك استقبل مارين لوبان، رئيسة الجبهة الوطنية والمرشحة المؤكدة عن اليمين المتطرف إلى الانتخابات الرئاسية ربيع عام 2017. ولم ينس بالطبع الحزب الاشتراكي ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، علما أنه سيلقي خطابا اليوم أمام المجلسين مجتمعين في قصر فرساي ليكشف عن الخطط التي ستطبقها الحكومة لمحاربة الإرهاب وأهمها سد الثغرات في المنظومة الأمنية التي أتاحت للإرهابيين السبعة - «داعش» تقول إنهم ثمانية - أن يقوموا بست هجمات متزامنة في قلب العاصمة وفي استاد فرنسا الوطني.
بيد أن الوحدة الوطنية في مواجهة الإرهاب التي يسعى إليها هولاند وحكومته لا يبدو أنها ستصمد بوجه الانقسامات السياسية العمودية العميقة بين اليمين واليسار. فمن جانب، يأخذ اليمين الكلاسيكي على هولاند «عدم فعالية» سياسة محاربة الإرهاب التي يتبعها رغم القوانين التشريعية التي استصدرتها الحكومة بعد مقتلتي «شارلي إيبدو» والمتجر اليهودي، و«عجزه» عن حماية فرنسا والفرنسيين، الأمر الذي أتاح للإرهابيين أن ينفذوا من الثغرات الموجودة، وأن يرتكبوا أكبر مجزرة تعرفها فرنسا في زمن السلم. مقابل ذلك، أخذت ترتفع أصوات يمينية تدعو إلى «إعادة توجيه» سياسة فرنسا الخارجية وتحديدا إزاء سوريا ونظام الرئيس الأسد. والأوضح في ذلك كان رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون الذي دعا إلى «تناسي» الإصرار على رحيل الأسد عن السلطة والتركيز على أولوية محاربة «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى. أما ساركوزي فهو يؤكد على الحاجة للتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
تحديد هوية 3 انتحاريين في هجمات باريس.. والعثور على سيارتين استخدمهما المهاجمون
عشرات الآلاف من الفرنسيين يتحدون الإرهاب في عاصمة النور * حالة من الذعر بساحة الجمهورية في باريس إثر إنذار كاذب
تحديد هوية 3 انتحاريين في هجمات باريس.. والعثور على سيارتين استخدمهما المهاجمون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة