الأجهزة الأمنية اللبنانية: اعتقلنا شبكة ضالعة في تفجيري الضاحية واكتشفنا هوية أحد الانتحاريين

القاضي حمود لـ {الشرق الأوسط} يعلن عن التوصل إلى خيوط مهمة بسرعة قياسية

الأجهزة الأمنية اللبنانية: اعتقلنا شبكة ضالعة في تفجيري الضاحية واكتشفنا هوية أحد الانتحاريين
TT

الأجهزة الأمنية اللبنانية: اعتقلنا شبكة ضالعة في تفجيري الضاحية واكتشفنا هوية أحد الانتحاريين

الأجهزة الأمنية اللبنانية: اعتقلنا شبكة ضالعة في تفجيري الضاحية واكتشفنا هوية أحد الانتحاريين

لم تمض 36 ساعة على التفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، حتى أعلنت الأجهزة الأمنية اللبنانية تمكنها من تحديد هوية أحد الانتحاريين وكشفها الشبكة الإرهابية التي ينتمي إليها، وتوقيف عدد من أعضائها، في حين تتواصل التحقيقات والتحريات لمعرفة هوية الانتحاري الثاني وتوقيف باقي أفراد المجموعة.
مصدر بارز في وزارة الداخلية اللبنانية أبلغ «رويترز» عن «اعتقال شبكة من خمسة سوريين وفلسطيني ضالعين في التفجيرين الانتحاريين في برج البراجنة»، بينما أعلن النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، الذي يشرف شخصيًا على سير التحقيقات الأولية ويعطي توجيهاته اللازمة بشأنها، حصول تطور إيجابي ومهم في مسألة تعقب الجناة والمتورطين في هذه العملية. وأشار في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أن التحقيق «توصل إلى خيوط متقدمة جدًا، تعكس أهمية الجهود التي بذلتها الأجهزة الأمنية والنتائج التي تمّ التوصل إليها بسرعة قياسية».
القاضي حمود أوضح أن «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تمكنت من خلال خبراتها العلمية والتقنية من التوصل إلى معرفة هوية الانتحاري الثاني الذي فجّر نفسه بحزام ناسف، بعد خمس دقائق على تفجير الانتحاري الأول دراجة نارية مفخخة كان يقودها»، لافتًا إلى أن «ضباط وعناصر المعلومات يكثفون جهودهم للتوصل إلى تحديد هوية الانتحاري الأول».
وأردف النائب العام التمييزي: «إن الانتحاري الذي عرفنا هويته سوري الجنسية، ولكن ليس من المفيد كشف كامل هويته الآن، حتى لا يعيق ذلك تعقب الأجهزة لباقي أفراد المجموعة والعمل على توقيفهم وسوقهم إلى العدالة». وتوقع أن يشهد التحقيق تطورًا أكبر خلال الساعات المقبلة.
ومن ناحية ثانية، لم يخف القاضي حمود وجود «ارتباط بين الشخص الذي أوقف في طرابلس (عاصمة شمال لبنان) قبل أربعة أيام ضبط بحوزته حزام ناسف، وبين المجموعة التي نفذت تفجيري الضاحية الجنوبية»، وقال إن «هذه المعطيات كانت نتيجة عمل علمي دقيق جدًا تولته شعبة المعلومات، التي تنسق أو تتبادل الأدلة مع باقي الأجهزة الأمنية».
في المقابل تتواصل عمليات تجميع أشرطة كاميرات المراقبة الموجود على مداخل الضاحية الجنوبية، لتحديد المكان الذي عبر منه الانتحاريان إلى الداخل، وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «مراجعة مضمون هذه الكاميرات يحتاج وقتًا طويلاً، إلا أنه مفيد جدًا لمعرفة أمور كثيرة قد تساعد الأجهزة الأمنية في عمليات المراقبة من الآن وصاعدًا». وأكد المصدر الأمني أن «الثغرات الأمنية التي مكّنت الإرهابيين من الدخول إلى الضاحية سيرًا على الأقدام يمكن سدّها رغم تعقيداتها، وهذا يتطلب إجراءات محددة يمكن اعتمادها بشكل يساعد في رصد الأشخاص المشبوهين من دون تضييق على سكان المنطقة، وكل المواطنين الذين يدخلون ويخرجون إلى أعمالهم بشكل يومي ومتكرر».
إلى ذلك توالت المواقف السياسية والدينية المنددة بتفجيري الضاحية، فاعتبر وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) أن «استهداف الإرهابيين بوقاحة في فترة وجيزة كلا من لبنان وفرنسا، لم يكن محض صدفة، خصوصًا وأن هاتين الجريمتين تأتيان بعد بضعة أيام على حادثة الطائرة الروسية». وتابع «إن ما حصل في ضاحية بيروت الجنوبية وقبله في مصر وبعده في فرنسا، هو رسالة أن الإرهاب قادر على خوض الحروب وتنظيم هجمات في الوقت نفسه وحيثما يحلو له، بغض النظر عن هوية المستهدف».
أما مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، فعبّر عن ألمه لـ«العمل الإجرامي الذي حصل عبر تفجيرين متتاليين في برج البراجنة، وأوقعا عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء». وإذ رفع الصلاة إلى الله تعالى من أجل راحة أنفس الضحايا وتعزية أهلهم، وتلمس الشفاء العاجل للجرحى، قال: «نعبر عن إدانتنا الكبيرة لهذا العمل الإجرامي، وندعو الجميع إلى تضافر الجهود والقوى للمحافظة على الوحدة الداخلية، ولمحاربة الإرهاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».