أجمع أفراد في المجتمع المدني ومجلس مسلمي بريطانيا على أن سياسات مكافحة الإرهاب المعتمدة، خاصة منها برنامج «برفنت»، فشلت في صدّ انتشار التطرف بشكل فعّال ودون استهداف جهة معينة دون غيرها.
وأكّد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، شجاع شافعي، خلال مؤتمر انعقد أول من أمس في لندن لمناقشة الحلول المقترحة لمواجهة تحديات التطرف والإرهاب، أن نجاح هذه السياسات رهين باعتبار المسلمين «جزءا من الحل، لا من المشكلة»، مشدّدا على أن جل سياسات مكافحة الإرهاب التي أقرّت إلى اليوم لم تشمل المسلمين. كما أشار إلى أنه في حين يلتحق قلّة من الشباب البريطاني إلى صفوف الجماعات المسلحة الإرهابية في سوريا والعراق، يخشى آباء مسلمون على سلامة أبنائهم في المدارس وخارجها وتعرضهم لمضايقات بشتى أنواعها بسبب ارتفاع الجرائم المتعلّقة بمعاداة الإسلام والمسلمين (إسلاموفوبيا).
من جانبها، كشفت لجنة حقوق الإنسان الإسلامية البريطانية مطلع الأسبوع الجاري عن أن ثلثي مسلمي بريطانيا يشكون من تزايد التمييز ضدهم، ويعتقدون أن الساسة والإعلام «يذكون أجواء الكراهية». وترسم الدراسة المسحية، التي شملت 1780 شخصا، صورة من العزلة والتهميش لدى هذه الفئة من المواطنين الذين تستعين بها جهات أمنية في تجميع المعلومات الاستخباراتية لمحاربة الإرهاب. وأكّدت نتائج الدراسة أن المسلمين يشهدون ارتفاعا في الإساءات الشفهية والجسدية في الأماكن العامة وفي العمل. ويوضّح المستشار لدى الحكومة حول قوانين مكافحة الإرهاب، ديفيد أندرسون، أنه خلال الدراسات التي قادها لتقييم سياسيات مكافحة التطرف تعكس أن الجاليات الدينية الأخرى، أو لا - دينية، لا تثق في الجالية المسلمة، كما تظهر ارتفاع نسب الاعتداءات الإسلاموفوبية بنفس وتيرة ارتفاع الاعتداءات المعادية للسامية وللمثليين.
في سياق متصل، انتقد المشاركون في المؤتمر دور الإعلام البريطاني في تشويه صورة الجاليات المسلمة البريطانية «رغم إدانة المسلمين والمؤسسات المسلمة الشديدة للإرهاب»، على حد تعبير شافعي. وفيما أجمع الحضور على أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون» كان محقا في وصف الآيديولوجية المتطرفة بالخطرة، إلا أنهم اعتبروا تعاطي الإعلام البريطاني مع الأمر يشجع على لوم المسلمين كافة ويحملهم مسؤولية الإرهاب. وكان شافعي قد أفاد في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» أن «البعض يفترض أن المسلمين لا يفعلون ما بوسعهم لمحاربة التطرف، بل ويعززونه بطريقة أو بأخرى. أعتقد أنه ينبغي تقديم الأدلة والبراهين لتبرير هذه الاتهامات والطعن فيها إن ثبتت، عوض الاستمرار في التلميحات». وشدّد على أن الأسباب وراء التحاق البعض بالتنظيمات الإرهابية مثل «داعش» معقدة ومتعدّدة، وتبسيطها لمستوى الصفحات الصفراء لا يفيد أحدا غير الجماعات المتطرفة. وتحميل المسلمين وحدهم مسؤولية الإرهاب لا يختلف عن اتهام الحكومة ومؤسساتها بالتقصير في محاربته.
من جانبه، دعا رئيس لجنة الشؤون الداخلية في الحكومة البريطانية، كيث فاز، الجالية المسلمة إلى الاستمرار في تزويد الجهات الحكومية باقتراحات لمكافحة الإرهاب، مشدّدا: «إن لم تقوموا أنتم بذلك، فإنكم تتيحون الفرصة لغيركم للإجابة بدلكم». وأضاف: «لا أستطيع أن أفهم كيف يتخلى شباب بريطاني عن حياته في هذا البلد بكل ما يوفره من منافع ورخاء لينضم إلى جماعات إرهابية ويشارك في صراعات مسلحة لا تمده بصلة».
أما مقداد فارسي، مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، فانتقد «فشل الحكومة في تحديد تعريف واضح لـ(التطرّف) واكتفاءها باعتبار كل ما يتناقض مع القيم البريطانية لحقوق الإنسان والديمقراطية تطرّفا». واعتبر فارسي أن هذا التعريف «المبهم» يعطي لقوات الأمن الحرية الكاملة في تعريف التطرف، وبالتالي توقيف واستجواب كل من يبدو أو يعبر عن آراء مخالفة لهذه القيم. وأضاف أنه من الجوهري التفريق بين التشدد الديني من جهة والعنف والإرهاب من جهة أخرى. فالتشدد لا يعني العنف دائما، بل قد يكون نابعا من إحساس بالإهمال والتهميش وعدم الانخراط في الحياة البريطانية بشكل كامل. لذا يجب علينا تطوير استراتيجيات مختلفة لمواجهة هاتين الظاهرتين. فلا يجوز معاملة المتشدد أو الأفراد الأكثر عرضة للتأثر بالخطاب المتطرف على أنهم إرهابيون. بل ينبغي العمل مع قادة الجاليات المسلمة في مختلف أنحاء البلاد لتسهيل انخراط الشباب في المجتمع البريطاني، على حد قوله. إلى ذلك، أشار أندرسن إلى أن عمليات البحث المنهجي، التي أتاحت لرجال الشرطة السلطة الكاملة لتوقيف وتفتيش أفراد يعتقدون أنهم خطرون، منذ أحداث 11-9 الإرهابية، أدت إلى توقيف الآلاف خلال مدة 10 سنوات، دون إدانة شخص واحد بتهمة الإرهاب.
مجلس مسلمي بريطانيا يستنكر ارتفاع جرائم {الإسلاموفوبيا} فيها.. وينتقد دور الإعلام
قال إن نجاح سياسات مكافحة الإرهاب في بريطانيا رهن إشراك مسلميها
مجلس مسلمي بريطانيا يستنكر ارتفاع جرائم {الإسلاموفوبيا} فيها.. وينتقد دور الإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة