وزيرا خارجية مصر والسودان يتعهدان بالتعاون لحل الملفات العالقة بين البلدين

القاهرة شددت على ثبات موقفها من سد النهضة وأكدت أن النيل «خط أحمر»

وزيرا خارجية مصر والسودان يتعهدان بالتعاون لحل الملفات العالقة بين البلدين
TT

وزيرا خارجية مصر والسودان يتعهدان بالتعاون لحل الملفات العالقة بين البلدين

وزيرا خارجية مصر والسودان يتعهدان بالتعاون لحل الملفات العالقة بين البلدين

قالت مصادر دبلوماسية مصرية أمس إن وزيري خارجية مصر والسودان تعهدا بالتعاون المشترك لحل الملفات العالقة بين البلدين، في وقت أكدت فيه القاهرة على ثبات موقفها من سد النهضة الإثيوبي وقالت إن «مياه النيل خط أحمر».
وفي خطوة يرى مراقبون أن من شأنها إزالة الكثير من الشوائب التي علقت بطبيعة العلاقات بين البلدين، مع تصاعد مشكلة «سد النهضة» الإثيوبي بين أديس أبابا والقاهرة، قام وزير الخارجية السوداني علي كرتي بزيارة لمصر أمس، التقى خلالها نظيره المصري نبيل فهمي وعددا من المسؤولين، لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك والملفات التي تهم البلدين وأوجه التعاون بينهما خلال الفترات المقبلة، وهو ما يمهد لاستعادة مسار العلاقات المشتركة الاستراتيجي.
ومن المعروف أن كلا من مصر والسودان وإثيوبيا أعضاء في لجنة ثلاثية معنية بسد النهضة عند منابع النيل، المصدر الرئيس للمياه في مصر، كما يوجد تباين بين الخرطوم والقاهرة في التعاطي مع منطقة حلايب وشلاتين الواقعة بالقرب من حدود البلدين جنوب شرقي مصر. وقال الدكتور محمد عبد المطلب، وزير الموارد المائية والري المصري، إن بلاده تنظر لمياه النيل على أنها «خط أحمر».
وتعد هذه الزيارة الثانية التي يقوم بها مسؤول سوداني رفيع المستوى لمصر، منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي، التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وهي الفترة التي راكمت الكثير من الشوائب في العلاقة بين البلدين، كان من بينها استضافة السودان لمؤتمر دولي للحركة الإسلامية، حضره مرشد الجماعة، الدكتور محمد بديع، في عهد مرسي.
وزار وزير الدفاع السوداني الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، مصر في مطلع هذا العام، والتقى وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي، والقيادات العسكرية والأمنية المصرية. وأعلن خلال الزيارة عن اتفاق مصر والسودان على تعزيز العلاقات العسكرية ودعم التعاون الأمني عبر الحدود، وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين الشقيقين في مختلف المجالات.
وعقب مباحثات بينهما في القاهرة أمس، صرح الوزير فهمي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوداني بأن العلاقات المصرية السودانية بالغة الأهمية سواء على المستوى الوطني القومي أو العلاقات الثنائية، وهي «علاقة شراكة وعلاقة بناء مستقبل سويا»، مشيرا إلى أن المباحثات تطرقت للعلاقات الثنائية وضرورة تنميتها والتعامل معها في كل القضايا واستثمارها استثمارا جيدا، وأن تجري معالجة أي قضايا قد يكون فيها تباين في وجهات النظر أو تكون قد تعطلت لسبب ما هنا أو هناك في الفترة الماضية.
ومن جانبه، أكد الوزير كرتي على «عمق وأزلية علاقة السودان بمصر»، مشيرا إلى أن هناك قدرا يربط بين البلدين، وهو «قدر مقبول لنا. ونحن نعمل من أجل أن نجعلها علاقة إيجابية نبتعد فيها عن كل ما يعكر صفو العلاقة بين البلدين، وأن نفتح أبواب الحوار حول ما نختلف حوله من قضايا ونؤكد ونغذي نقاط الاتفاق حول إجراءات لدعم العلاقات السياسية والاقتصادية».
وأضاف كرتي أن الحوار المصري السوداني فيه مزايا كثيرة، مثل التجارة عبر الحدود، والتبادل في كل مناحي الحياة، مشيرا إلى أن البلدين أنفقا الكثير لتسهيل التواصل بينهما. وتابع: «سوف نحتفي بذلك في القريب، خاصة بالنسبة لإقامة المعابر وإيصال الطرق البرية بين البلدين، وهو ما سيحل الكثير من العراقيل التي تمنع حركة التجارة والاقتصاد والسكان بين البلدين ويفتح أبوابا كثيرة للمنافع لمواطني البلدين». مضيفا «إننا جئنا بقلب مفتوح وروح تنظر للمستقبل وتتجاوز عن كل ما يمكن إن يعكر صفو العلاقات مما يكون قد نشأ في الفترة الماضية لطبيعة الأوضاع السياسية في كلا البلدين».
وردا على سؤال حول اللجنة العليا المصرية السودانية وتصعيدها لمستوى الرئيسين وموضوع المعابر بين البلدين، قال كرتي إنه جرى تصعيد رئاسة اللجنة لمستوى الرئيسين، وأن هذا أمر قائم ولا يوجد فيه تغيير وهو ما قرره البلدان، مشيرا إلى أن الأمر كان يحتاج لاستكمال افتتاح معبر واحد على الأقل، وهو الذي سيفتتح، وهناك معبران آخران سيجري افتتاحهما بعد ذلك، مما سيشكل انفتاحا كبيرا للغاية في العلاقات الاقتصادية والتجارية وحركة السكان بين البلدين، وتسهيل اجتماع اللجنة العليا.
في غضون ذلك، أكد الدكتور محمد عبد المطلب، وزير الموارد المائية والري المصري، أن «مصر لا تزال عند موقفها من بناء سد النهضة (الإثيوبي)»، رافضا ما وصفه بـ«التعنت الإثيوبي المستمر». وأوضح عبد المطلب في أولى جولاته بعد تشكيل الحكومة الجديدة أن «مياه النيل خط أحمر، ولن تسمح مصر بالمساس بها»، مشيرا إلى أن مصر «توافق على التنمية في إثيوبيا، دون وقوع أي ضرر على حقوق مصر المائية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.