أدلى أكثر من 30 مليون ناخب في ميانمار بأصواتهم أمس في أول انتخابات تشريعية تعددية تشهدها البلاد منذ عام 1990. وترجح التقديرات الأولية أن حزب زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي هو الأوفر حظا للفوز.
وفيما بلغت نسبة المشاركة 80 في المائة من الناخبين، أقصي من التصويت أكثر من مليون من مسلمي الروهينغيا الذين يعيشون في البلاد بعد إلغاء وثائق هوياتهم. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال ثانت زن أونغ، مندوب اللجنة الانتخابية، إن «نحو 80 في المائة من (أكثر من 30 مليون) ناخب قد شاركوا اليوم» في الانتخابات، كما تفيد التقديرات الأولية. وتعتبر هذه الانتخابات اختبارا لعملية الانتقال الديمقراطي التي بدأت قبل أربع سنوات، بعدما أقدم المجلس العسكري الذي حكم البلاد بيد من حديد منذ 1962 على حل نفسه.
وتنافس أكثر من 90 حزبا بالإجمال في هذه الانتخابات. وأبرز حزبين هما الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة أونغ سان سوتشي، وحزب الاتحاد والتضامن والتطور الذي يتولى الحكم، والمؤلف من قدامى الجنرالات. لكن بعض الأحزاب الصغيرة ستكون أساسية على الأرجح في لعبة التحالفات التي تلي الانتخابات إذا لم تسفر النتائج عن أي أكثرية واضحة.
والبرلمان الجديد الذي ستفرزه هذه الانتخابات، هو الذي سينتخب رئيسا في غضون أشهر. ونبهت الحائزة على جائزة نوبل للسلام أونغ سان سوتشي، التي يمنعها الدستور الموروث من المجلس العسكري من الوصول إلى سدة الرئاسة، إلى أنها ستكون «فوق الرئيس» في حال فوز حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية. ويحظر على سوتشي، بموجب الدستور، الترشح للرئاسة لأن ابنيها يحملان جوازي سفر بريطانيين، ولا يملكان جواز سفر ميانمار.
من جانبها، قالت الناخبة اهنمار وين، البالغة من العمر 38 عاما والمقيمة في رانغون: «لم يغمض لي جفن طوال الليل. أنا أصوت للمرة الأولى والحماس يغمرني»، مشيرة إلى أنها أتت منذ الفجر للتصويت لصالح زعيمة المعارضة التي تعتبر رمزا يلقى الاحترام في بلادها.
وصوتت زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي في مدرسة في وسط رانغون، إحدى أكبر مدن ميانمار، صباح أمس، وسط مئات من الصحافيين وذلك قبل أن يهتف لها أنصارها الذين بدوا واثقين من الفوز في هذه الانتخابات الوطنية الديمقراطية، الأولى في البلاد منذ 25 عاما. ولم تدل زعيمة المعارضة التي ارتدت الأحمر تذكيرا بلون حزبها «الرابطة الوطنية للديمقراطية» بأي تصريح قبل أن تتجه في رحلة لعدة ساعات إلى دائرة كاوهمو، حيث انتخبت لعضوية البرلمان في الانتخابات الجزئية لعام 2012.
بعيدا عن الضجة الإعلامية التي أحاطت سو تشي، صوت الرئيس ثين سين ظهرا في نايبيدياو، العاصمة الإدارية، قبل أن يبرز إصبعه المغطى بالحبر على غرار آلاف الناخبين الآخرين. ويعتبر حزبه «الاتحاد والتضامن والتنمية» المؤلف من جنرالات سابقين العقبة الرئيسية أمام حزب سو تشي.
وتضاعف التوتر في البلاد نتيجة الحماس والقلق وسط ترجيح فوز حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» واحتمال وصوله أخيرا إلى السلطة بعد قمعه طوال عقود. وكرر قائد الجيش مين هونغ هلينغ الذي صوت كذلك في العاصمة الإدارية التأكيد على سيادة الشعب. وقال: «لا سبب على الإطلاق يستدعي رفضنا» نتيجة الاستحقاق.
وفي آخر انتخابات اعتبرت حرة في 1990 تفاجأت السلطة العسكرية بفوز الرابطة الوطنية للديمقراطية. لكن النتائج لم يعترف بها ولم تتمكن حينها زعيمة المعارضة الخاضعة حينذاك للإقامة الجبرية من التصويت. وفي عام 2010 قاطعت الرابطة الانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أن الأغلبية بين 30 مليون ناخب الذين تمت دعوتهم إلى المشاركة في الاستحقاق التاريخي الأحد، لم يصوتوا أبدا طوال حياتها.
في مكاتب الاقتراع، أبرز الناخبون بفخر إصبعهم المغطى بحبر بنفسجي، حيث من المفترض أن يبصموا كي يصبح اقتراعهم شرعيا، فيما التقط الشباب صورا ذاتية توثق مشاركتهم لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. وصرحت كاي خيني سو، بائعة السمك البالغة 37 عاما، الناخبة في الدائرة التي تنتمي إليها سو تشي «خشيت جدا من ارتكاب أي خطأ فكانت يداي ترتجفان».
وردّد الناخبون الذين عبروا عن محبتهم لـ«الوالدة سو»، اسم المعارضة الحائزة على نوبل للسلام، وتزين صورها الكثير من المنازل إلى جانب والدها الجنرال أونغ سان، بطل الاستقلال في المستعمرة البريطانية السابقة الذي اغتيل في 1947. لكن في غياب الاستطلاعات، يصعب تحديد حجم شعبيتها في مختلف أنحاء البلاد.
من جهتها، أكدت الرابطة في بيان حصولها على معلومات حول مخالفات في قرى دلتا أروادي واحتمال شراء أصوات. وسبق أن تحدثت المعارضة والمراقبون عن الفوضى التي شهدها التصويت المبكر في الخارج، ومنع دخول مراقبين أجانب إلى الثكنات العسكرية لمراقبة تصويت مئات آلاف الجنود، وحرمان مئات الآلاف من مسلمي الروهينغيا من حق الانتخاب، وإلغاء التصويت في مناطق تشهد نزاعات إثنية. ويشار إلى أن أكبر حزبين في البلاد لا يضمان مرشحين مسلمين، وأقرت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية أنها أسقطت من قائمتها المرشحين المسلمين بسبب الضغوط من إحدى جماعات الرهبان البوذيين. ووقع الكثير من أعمال العنف الطائفية بين البوذيين والمسلمين خلال الأعوام القليلة الماضية.
فبعد الانتخابات التشريعية ينبغي انتخاب رئيس، ينتخبه البرلمان بعد أشهر. غير أن سو تشي يحظر عليها تولي الرئاسة بموجب الدستور الموروث عن السلطة العسكرية، وأعلنت أنها ستكون «أعلى من الرئيس». وتبدو مهمة حزب الرابطة أكثر صعوبة مع احتفاظ الجيش بربع المقاعد في البرلمان والتي تخصص لعسكريين غير منتخبين من صفوف الحلفاء التقليديين لحزب الرئيس.
حاليا يسود الغموض الكبير رد فعل السلطة المحتمل، فيما قد يستغرق الإعلان عن النتائج عدة أيام ولا سيما فرز الأصوات في المناطق النائية.
وفيما أعلن الجيش والرئيس المنتهية ولايته المنبثق من صفوفه أنهما سيحترمان نتائج الانتخابات، واصل التلفزيون الرسمي بشكل متواصل بث إعلانات قصيرة تحذر من أي محاولة ثورة على غرار ما يسمى بـ«الربيع العربي» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
30 مليون ناخب يشاركون في انتخابات ميانمار التاريخية
حزب سو تشي مرجح للفوز ومسلمو الروهينغيا حرموا من التصويت
30 مليون ناخب يشاركون في انتخابات ميانمار التاريخية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة