الحرب تحوّل حي الفنانين في دمشق إلى مكان باهت

رغم تمسكهم بمراسمهم بعد 10 سنوات من إطلاق المشروع

لوحة تعريفية بالحي عندما تأسس  قبل 10 سنوات، و محترف في بيت شامي تقليدي
لوحة تعريفية بالحي عندما تأسس قبل 10 سنوات، و محترف في بيت شامي تقليدي
TT

الحرب تحوّل حي الفنانين في دمشق إلى مكان باهت

لوحة تعريفية بالحي عندما تأسس  قبل 10 سنوات، و محترف في بيت شامي تقليدي
لوحة تعريفية بالحي عندما تأسس قبل 10 سنوات، و محترف في بيت شامي تقليدي

قبل عشر سنوات انطلق في حارة اليهود بحي الأمين بمدينة دمشق القديمة مشروع فني من خلال توظيف البيوت المهجورة في الحارة كمراسم ومحترفات وصالات عرض للفنانين التشكيليين. وكانت البداية مع النحات السوري مصطفى علي، الذي كان السباق في إطلاق هذا الحي وتشجيع زملائه على افتتاح محترفاتهم فيه، وهذا ما حصل بالفعل، ليأخذ الحي سمعة عالمية، حتى إن مكاتب السفر وضعته في أجندة زيارات السياح لدمشق. ولكن ومع بدء الأزمة السورية اختفى بريق هذا الحي وتقلصت نشاطاته في تنظيم المعارض الفنية خاصة أنه يقع في منطقة شهدت وما زالت تساقطا لقذائف الهاون.
النحات مصطفى علي، صاحب فكرة هذا المشروع الجمالي، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن بداياته ومراحله وما حصل له بعد انطلاق الأحداث والحرب السورية، موضحا أن المشروع تأسس عام 2004 بعد أن «أخذت بيتا عربيا واسعا في حارة مهجورة في حي الأمين، حيث كان ذلك البيت هو النواة لتأسيس حي الفنانين وعودة هذا الحي للحياة. وبعد أن أخذت البيت وحولته لمحترف وغاليري اتصلت بكل زملائي الفنانين مشجعا لهم إذا كان أي منهم يرغب في أخذ منزل هنا، حيث توجد بيوت مغلقة ويمكن أن يأخذوها ويحولوها لمراسم. وبالفعل تقاطر الفنانون للحي ومنهم أسماء معروفة في الوسط التشكيلي السوري، مثل إدوارد شهدا وعبد الله مراد وغسان نعنع وغازي عانا ونذير إسماعيل، حتى وصل العدد لنحو 22 فنانا. كما تقاطر فنانون شباب لحجز مكان لهم في الحي، فاستأجر بعضهم غرفا فيه لتنفيذ أعمالهم الفنية إلى جانب الأسماء الفنية المعروفة».
لقد كانت مبادرة ولكن خلفها كان يوجد تصميم. وتحقق الحلم خلال سنة، حيث اتفق الفنان مع مؤسسات عالمية ومنها جمعية «المكان» الفنية، وأعلن تأسيس المشروع رسميا عام 2005 على المستوى الدولي والمحلي. وتم الافتتاح بحفل كبير حضره سفراء ودبلوماسيون ومؤسسات إعلامية ومؤسسات الاستثمار الخاصة والمؤسسات الثقافية العالمية والمحلية، وكان بالفعل افتتاحا ضخما بالتشارك بين جمعية المكان ومؤسسة «ريتشاركي كوبرتسيوني»، وهي مؤسسة إيطالية تدعم مشاريع ثقافية خارج إيطاليا. وبعد الافتتاح كان هناك برنامج بدعم من الاتحاد الأوروبي، وتم وضع جدول ترويجي للحي بحيث كل يوم تكون هناك زيارات لمرسم أو محترف، وتم تنفيذ خريطة تعريفية وتوجيهية ولوحة لكل فنان تم تثبيتها على مدخل محترفه.
كما تم وضع الحي على الخريطة العالمية وعلى برنامج السفر العالمي، وأصبح معروفا وبدأ يزوره السياح، مع معالم دمشق الأخرى. عدد الزوار للحي وصل في اليوم الواحد بين 500 وألف زائر. كما انتعش الحي بسبب الأعمال الفنية ففتحت المحلات وجاء مستثمرون افتتحوا فنادق تراثية وجاء أشخاص افتتحوا مطاعم ومقاهي، فتحركت المنطقة بشكل ممتاز. وتم تنفيذ حفلات فنية وأنشطة مختلفة من ورش فنية وإدارة المشاريع الثقافية التي شكلت دعما للرسامين والنحاتين والموسيقيين والمصورين والسينمائيين.
ويضيف علي: «حاولنا أن نقدّم شيئا تشجيعيا للجيل الجديد بتأسيس توجه جديد له ليتمكن من ممارسة هوايته بشكل حرفي ومهني. وسارت الأمور بشكلها الانسيابي الجيد حتى السنتين الأوليين من الأحداث (2011 و2012)، حيث ظلت جمعية المكان تعمل حتى على المستوى العالمي».
ولكن عندما بدأت المراكز الثقافية الأجنبية كالبريطاني والفرنسي والألماني تغلق في دمشق، حيث كانوا يسلمون آخر المشاريع ويغادرون، كما يقول مصطفى، فإن «البريطانيين كان لديهم مهرجان للسينما عندنا فسلموه لنا مشغولا 50 في المائة منه، وقالوا لنا (نعتذر سنغلق أكملوه أنتم). لكننا كمحترفات في الحي لم نغلق أبوابنا على الرغم من ذلك، لكن نتيجة الأزمة والحرب توقفت الزيارات والعمل وبهتت الحركة حتى على المستوى الفني، لأنه من المعروف أن الفن هو الأكثر تضررا في مثل هذه الظروف كونه حاجة روحية وحاجة فكرية. ومع ذلك بقي المكان مفتوحا وظل فنانو الحي موجودين ولم يهاجر بعضهم».
كان الفنان ينتج في محترفه بالحي ويذهب ليعرض في بلدان أخرى مثل بيروت ودبي وأوروبا. خلال هذا الشهر سيتم إطلاق فرقة فنية تحت اسم «مخمل». وتنظم حتى الآن ورشة للأطفال كل يوم سبت تتضمن نشاطات مختلفة لهم كالرسم والموسيقى والرقص وعرض أفلام سينمائية وتقديم حكايات وغير ذلك. ويشير مصطفى علي إلى أن «الشيء المفرح أن الأطفال صاروا يأتون للحي ليس فقط من دمشق القديمة حيث يوجد حي الفنانين، بل من مختلف مناطق دمشق. وهناك متطوعون شباب يعملون في مشروع (عائلتي الفنية)، وسيبقى الحي محترفات وصالات عرض مفتوحة حتى تنفرج الأمور وتنتهي الأزمة ويعود الحي إلى سابق عهده كما انطلق».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.