استياء مصري من محاولات استباق نتائج التحقيقات بشأن الطائرة الروسية المنكوبة

مسؤولون لـ {الشرق الأوسط} : لا توجد أي معلومة حقيقية حول فرضية التفجير الإرهابي

ضابطان من الشرطة المصرية في البر الغربي للأقصر حيث يقبل السياح على زيارة معالم مصر القديمة أمس (أ.ف.ب)
ضابطان من الشرطة المصرية في البر الغربي للأقصر حيث يقبل السياح على زيارة معالم مصر القديمة أمس (أ.ف.ب)
TT

استياء مصري من محاولات استباق نتائج التحقيقات بشأن الطائرة الروسية المنكوبة

ضابطان من الشرطة المصرية في البر الغربي للأقصر حيث يقبل السياح على زيارة معالم مصر القديمة أمس (أ.ف.ب)
ضابطان من الشرطة المصرية في البر الغربي للأقصر حيث يقبل السياح على زيارة معالم مصر القديمة أمس (أ.ف.ب)

أبدى مسؤولون مصريون استياءهم من «محاولات البعض استباق نتائج التحقيقات» بشأن حادث الطائرة الروسية المنكوبة قبل نحو أسبوع. وقالت مصادر رسمية في وزارتي الخارجية والطيران المدني بمصر لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «لا توجد أي معلومة أو بيانات حقيقية تؤيد فرضية إسقاط الطائرة نتيجة عمل إرهابي حتى الآن». مضيفة «رغم عدم إصدار اللجنة الدولية المشكلة للتحقيق أي نتائج رسمية، فإن هناك جهات معينة تحاول أن تدفع تلك النتائج في اتجاه معين عبر ترديد الشائعات، بهدف الإضرار بسمعة مصر دون وجود أدلة لديها».
وكانت تصريحات رسمية لمسؤولين في بريطانيا والولايات المتحدة، أمس، قد أكدت أن هناك احتمالا كبيرا لأن تكون جماعة مرتبطة بتنظيم داعش وراء هجوم يشتبه أنه بقنبلة على طائرة الركاب الروسية يوم السبت الماضي، مما أدى لانفجارها ومقتل جميع ركابها الـ224، وذلك بالقرب مدينة العريش (شمال سيناء)، عقب دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ.
وشكلت مصر وروسيا لجنة فنية وقضائية، بمشاركة خبراء دوليين، للتحقيق في الحادث وتحليل بيانات الصندوقين الأسودين للطائرة. ونقلت وسائل إعلامية غربية عن مصادر، قولها إن «الطائرة تم إسقاطها عن طريق تفجير داخلي»، دون أن توضح حقيقة هذا التفجير إن كان قنبلة تم ذرعها بواسطة جماعة إرهابية، أم انفجار خزان الوقود لسبب فني آخر.
لكن وزير الطيران المدني المصري حسام كمال قال أمس، ردا على تلك الأنباء، إن «لجنة التحقيق لم يظهر لديها حتى الآن أي شواهد أو بيانات تؤكد هذه الفرضية». كما قالت روسيا إن «مثل هذه النظريات محض تكهنات في المرحلة الحالية وإن التحقيق الرسمي وحده هو الذي يمكن أن يحدد ما حدث».
وأعلنت الحكومة البريطانية في وقت سابق تعليق رحلاتها إلى منتجع شرم الشيخ، مشيرة إلى أن هناك احتمالا كبيرا أن تكون عبوة ناسفة هي التي تسببت في تحطم الطائرة. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن إسقاط الطائرة الروسية في مصر هذا الأسبوع بعبوة ناسفة يبدو أمرا مرجحا.
وأضاف: «لا يمكننا تأكيد أن الطائرة الروسية أسقطت بتفجير إرهابي وإن كان هذا يبدو أمرا مرجحا على نحو متزايد». وتابع: «بريطانيا تحركت قبل انتهاء التحقيق لأن معلومات المخابرات التي لديها أثارت لدينا مخاوف من أنه كان تفجيرا إرهابيا على الأرجح»، مضيفا: «نحتاج إرساء مزيد من الأمن في هذا المطار بحيث تصبح إعادة الناس إلى الديار آمنة.. هذه هي أولويتنا وهذا هو ما سنعمل عليه مع المصريين».
كما نقلت «سي إن إن» عن مسؤول بالمخابرات الأميركية قوله إنه من المرجح أن يكون تحطم الطائرة بسبب قنبلة زرعها تنظيم داعش.
وسبق أن أصدر تنظيم «ولاية سيناء» الموالي «لداعش» بيانا مكتوبا وتسجيلا صوتيا قال فيهما إنه أسقط الطائرة، ردا على الهجمات العسكرية الروسية التي تستهدف عناصر التنظيم في سوريا. وهما ما وصفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل يومين بأنه «محض دعاية تهدف إلى الإضرار بسمعة مصر».
وفي السياق ذاته، قررت شركة لوفتهانزا الألمانية وقف رحلاتها الجوية إلى سيناء حتى إشعار آخر. وقالت إن رحلاتها للقاهرة لن تتأثر بالقرار. كما حثت وزارة الخارجية الألمانية المسافرين إلى مصر على تجنب شبه جزيرة سيناء.
في المقابل، استنكر المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ترديد تلك الشائعات دون أي معلومة حقيقية، مشيرا إلى ضرورة انتظار التحقيقات الرسمية.
وقال المتحدث باسم الوزارة إن القرار البريطاني تم اتخاذه بشكل منفرد، ولم يتم التشاور بشأنه مع مصر، رغم الاتصالات رفيعة المستوى التي تمت بين الجانبين قبل ساعات من اتخاذ القرار.
وأضاف المتحدث أن الجانب المصري تفاعل بإيجابية مع الشواغل الأمنية وحالة القلق لدى الجانب البريطاني، وقام بتعزيز الإجراءات الأمنية في مطار شرم الشيخ، وذلك من منطلق اقتناع مصر بأن تعزيز الإجراءات الأمنية يعد إجراء مفيدًا وإيجابيًا بشكل عام، ويتم تفعيله بشكل دوري، وليس مؤشرًا لأسباب سقوط الطائرة أو استباقًا بأي حال من الأحوال لنتائج التحقيقات الحالية، التي تتم بكل شفافية ومهنية وبمشاركة خبراء دوليين».
وكشف أبو زيد في بيان أصدره، أمس، عن اتصال تم بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي جون كيري، أكد خلاله كيري أن «ما تم تناوله إعلاميا بشأن تقديرات أميركية لأسباب سقوط الطائرة لا يعبر عن موقف الإدارة الأميركية، التي لم يصدر عنها أي تصريح رسمي في هذا الشأن».
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي قد رفض التعليق على التقارير التي أشارت إلى ترجيح بريطانيا أن يكون سبب تحطم الطائرة الروسية في سيناء هو زرع قنبلة على متنها. وقال كيربي أمس إن «التحقيقات لا تزال جارية من جانب السلطات المصرية والروسية وأنه من السابق لأوانه التدخل في نتائج التحقيقات أو الإعلان عن وجهة النظر الأميركية في هذا الصدد».
من جانبه، قال وزير الطيران المدني المصري إن جميع المطارات المصرية تطبق المعايير الدولية في التأمين والسلامة، وتخضع لمراجعات دورية من سلطة الطيران المدني المصري وهيئات التفتيش الدولية».
وتابع حسام كمال أن السلطات المصرية «تتعاون مع مفتشي هيئة الطيران الأميركية والجانب البريطاني في تطبيق أي إجراءات إضافية مطلوبة». وأشار الوزير إلى أن 23 رحلة جوية روسية بين الرحلات التي وصلت مطار شرم الشيخ أمس (الخميس).
وقال المتحدث باسم وزارة الطيران المدني المصري، محمد رحمة لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما تم الحديث بشأنه حول حصول انفجار في الطائرة أدى إلى سقوطها غير صحيح»، مؤكدا أن «فريق التحقيق بكل أفراده لا يتحدثون لأي وسائل إعلام، وفريق التحقيق هو المصدر الوحيد لأي معلومات بسير التحقيقات ونتائجها».
وشدد: «لا نتائج حتى الآن والتحقيقات تسير في مسارها وستعلن النتائج عند التوصل إليها». ونفى المتحدث إقالة مدير مطار شرم الشيخ اللواء عبد الوهاب علي، مؤكدا أنه ما زال في موقعه بالمطار، وتمت ترقيته «إداريا» ليصبح مساعدًا شخصيًا لرئيس الشركة المسؤولة عن إدارة المطارات المدنية المصرية.
ودعمت روسيا الموقف المصري، واعتبر الكرملين أن السيناريوهات المختلفة بخصوص تحطم طائرة إيرباص الروسية السبت في سيناء ليست إلا «تكهنات». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، إن «جميع الروايات حول ما حدث وأسبابه ينبغي أن تصدر عن المحققين، ولم يردنا أي إعلان من المحققين حتى الساعة»، مضيفا أن «جميع التفسيرات الأخرى ليست إلا تكهنات».
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، إن شركات السياحة الروسية تواصل العمل كالمعتاد. وأضافت أن «السياح الروس يحتلون المركز الأول في قائمة الدول المصدرة للسياحة إلى مصر، حيث بلغ عدد المواطنين الروس الذين قصدوا مصر بهدف السياحة عام 2014 نحو 3.16 مليون سائح».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.