في مشهد حمل كثيرا من الأسى وأدمى عيون وقلوب آلاف الفلسطينيين في مدينة الخليل، بالضفة الغربية، وملايين البشر الذين تابعوا الوقائع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أصر والد الفلسطيني، رائد جرادات (24 عاما)، الذي قتله الجيش الإسرائيلي بعد أن نجح في طعن جندي على حاجز بيت عينون وأصابه بجروح خطيرة، على أن يطلب يد الفلسطينية، دانيا ارشيد، من والدها، زوجة لابنه، الذي خرج من منزله بعد أن خط كلمات قصيرة عبر صفحته على «فيسبوك»، حول الفتاة التي أعدمت بدم بارد، وكتب: «تخيّلها اختك»، وأرفق ما كتبه بصورة لدانيا، بعد مقتلها، والدماء ظاهرة على حجابها الذي كانت ترتديه.
نفذ «رائد» عمليته، بعد أقل من 24 ساعة على إعدام قوات الاحتلال دانيا، تاركا خلفه ما كتبه على صفحته، ليطلق حالة من الإعجاب والذهول، بين صفوف الفلسطينيين وفي نفوسهم، زادها تقديرا له انتقامه السريع باستخدام سكين مسمومة في عمليته التي أصيب فيها ضابط إسرائيلي لم تزل حالته خطيرة.
ولم يخطر على بال «ساكت جرادات»، أن نجله، الطالب الجامعي المهذب الهادئ جدا، يمكن أن يفكر في تنفيذ عملية طعن ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي. لكن «الغيرة الأخلاقية» التي تمتع بها «رائد» منذ صغره، كانت سببا مباشرا لما أقدم عليه، كما لو كان يريد أن يترك رسالة للآخرين؛ كل الآخرين: «إننا لا نقبل بالضيم، وإعدام بناتنا بدم بارد يتواصل بشكل يومي». كما قال والده في لقاء صحافي سابق.
بعد أن سمح الاحتلال بتسليم جثماني الشابين الفلسطينيين، رائد ودانيا، إلى ذويهما، وأقيمت لهما جنازة مهيبة، لم ينتظر ساكت جرادات طويلا، وتوجه بطلب مفاجئ عبر مكبرات الصوت إلى جهاد ارشيد، والد دانيا، طالبا يد ابنته إلى ابنه، «عروسا له في الجنة»، في مشهد علني هز المعزين ومعهم مدينة الخليل كلها، التي بكت في وداعهما، وبكت لمشاهد الفرح الذي استبدل المشهد كله، في سابقة هي الأولى في فلسطين والعالم، وربما على مر العصور.
وعلى الفور، أعلن والد الصبية دانيا موافقته وقبوله، وتوجه نحو والد رائد، واحتضنه بقوة وسط مشاعر اختلط فيها الحزن والمرارة على فراق الشابين، بالجرأة وقدرة العائلتين على تجاوز أكثر اللحظات ألما ومرارة في حياتهما، لترسما معا مشهد تحدٍّ للاحتلال؛ نادر وجديد، ولا يخلو من إبداع هو نتاج هذا التطور الذي شهدته فلسطين على امتداد شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولا تزال.
الخليل احتفلت بأول زواج لـ«شهيدين» يجري في مجلس عزاء
والدا رائد ودانيا يرسمان طريقًا جديدًا لتحدي الاحتلال
الخليل احتفلت بأول زواج لـ«شهيدين» يجري في مجلس عزاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة