تصاعدت العمليات العسكرية في إقليم دارفور السوداني هذه الأيام بشكل كبير، حيث أعلنت حركة تحرير السودان (فصيل مني أركو مناوي) عن سيطرة قواتها على منطقتين استراتيجيتين في شمال دارفور، في وقت تظاهر فيه المئات، أمس، في مدينة الفاشر احتجاجا على الهجوم العسكري الذي شنته قوات الجنجويد التابعة للقوات الحكومية، وطالب المتظاهرون الحاكم بالاستقالة لفشله في توفير الأمن في الولاية.
ويشكو المواطنون في ولايتي شمال وجنوب دارفور من تفلتات قوات الجنجويد، التي أصبحت لها صفة عسكرية بتبعيتها للقوات المسلحة السودانية.
وقال آدم صالح بكر، المتحدث باسم جيش تحرير السودان - فصيل مناوي لـ«الشرق الأوسط» إن قواته بالاشتراك مع قوات حركة التحرير والعدالة (جناح علي كاربينو) سيطرتا على منطقة حسكنيتة ومدينة اللعيت جار النبي، التي تبعد 60 كيلومترا من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأضاف بكر: «سيطرنا على المنطقتين سيطرة كاملة، واستولينا في المدينة على 30 سيارة دفع سريع بكامل عتادها العسكري، وعدد كبير من الذخائر والأسلحة، وكميات كبيرة من الوقود، وجرى القضاء تماما على الحامية العسكرية ومركز الشرطة، وأسرنا عددا من جيش الحكومة وشرطتها». وتعد مدينة «اللعيت جار النبي» مسقط رأس حاكم الولاية محمد يوسف كبر.
أما في مدينة حسكنيتة، فقال بكر: «استولت قواتنا على 20 سيارة عسكرية مختلفة بكامل عتادها العسكري وأسلحة وذخائر. وهذا هو ردنا السريع على عدوان جيش وميليشيا المؤتمر الوطني على المدنيين في قرى الحجير وأم قونجا الجمعة الماضي، ونؤكد أننا سنضرب بيد من حديد قوات المؤتمر الوطني في أي مكان».
من جهة أخرى، طالب المئات من سكان مدينة الفاشر، غرب السودان، في مظاهرة ضخمة، والي ولاية شمال دارفور محمد يوسف كبر، بالاستقالة لفشله في توفير الأمن والقضاء على الانفلات الأمني. وخرج المواطنون في مظاهرة طافت أرجاء المدينة احتجاجا على مقتل مواطن، أول من أمس، على يد قوات حرس الحدود، التي تعد إحدى قوات ميليشيا الجنجويد المتحالفة مع القوات الحكومية في مواجهة قوات التمرد منذ اندلاع الحرب في الإقليم قبل عشر سنوات. ويشكو المواطنون من التفلتات التي تقوم بها قوات حرس الحدود، منذ أكثر من شهر، بالهجوم على المواطنين.
وقام أربعة مسلحين بزي عسكري، يستقلون سيارة رباعية الدفع، أول من أمس، باقتياد أحد المواطنين من منزله، بعد أن رفض إعطاءهم أموالا طالبوه بها، وحاول مقاومتهم، فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا. وأثارت هذه الحادثة ردود فعل غاضبة وسط سكان المدينة الذين خرجوا في مظاهرة كبيرة، وطافوا شوارعها يحملون جثمان القتيل.
من جانبه، أقر الوالي كبر، الذي خاطب المتظاهرين أمام مقر حكومته، بتفلتات هذه القوات. ودخل في اجتماع مع لجنة أمن الولاية بمشاركة عدد من المتظاهرين، وحمل كبر المركز مسؤولية انفلات هذه القوات، وكشف عن تحركات لقوات الجبهة الثورية شرق الولاية لاجتياح منطقة اللعيت.
وفي غضون ذلك، ذكرت تقارير صحافية أن 52 طفلا لقوا مصرعهم في مناطق أم قونجا وحجير تونو بولاية جنوب دارفور، وقُتِل آخرون حرقا في منازلهم، يومي الجمعة والسبت، إثر دخول ميليشيا الجنجويد، التي تطلق عليها الحكومة «قوات الدعم السريع» المنطقة، واستخدامها القوة المفرطة بحق المدنيين دون أن تكون هناك أي مقاومة من جهة مسلحة. ولم يتسنَ الحصول على رد فوري من المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني.