المتمردون يعلنون سيطرتهم على مدن استراتيجية شمال دارفور

أنباء عن مقتل 52 طفلا خلال هجوم شنته قوات «الجنجويد»

ارشيفية
ارشيفية
TT

المتمردون يعلنون سيطرتهم على مدن استراتيجية شمال دارفور

ارشيفية
ارشيفية

تصاعدت العمليات العسكرية في إقليم دارفور السوداني هذه الأيام بشكل كبير، حيث أعلنت حركة تحرير السودان (فصيل مني أركو مناوي) عن سيطرة قواتها على منطقتين استراتيجيتين في شمال دارفور، في وقت تظاهر فيه المئات، أمس، في مدينة الفاشر احتجاجا على الهجوم العسكري الذي شنته قوات الجنجويد التابعة للقوات الحكومية، وطالب المتظاهرون الحاكم بالاستقالة لفشله في توفير الأمن في الولاية.

ويشكو المواطنون في ولايتي شمال وجنوب دارفور من تفلتات قوات الجنجويد، التي أصبحت لها صفة عسكرية بتبعيتها للقوات المسلحة السودانية.

وقال آدم صالح بكر، المتحدث باسم جيش تحرير السودان - فصيل مناوي لـ«الشرق الأوسط» إن قواته بالاشتراك مع قوات حركة التحرير والعدالة (جناح علي كاربينو) سيطرتا على منطقة حسكنيتة ومدينة اللعيت جار النبي، التي تبعد 60 كيلومترا من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأضاف بكر: «سيطرنا على المنطقتين سيطرة كاملة، واستولينا في المدينة على 30 سيارة دفع سريع بكامل عتادها العسكري، وعدد كبير من الذخائر والأسلحة، وكميات كبيرة من الوقود، وجرى القضاء تماما على الحامية العسكرية ومركز الشرطة، وأسرنا عددا من جيش الحكومة وشرطتها». وتعد مدينة «اللعيت جار النبي» مسقط رأس حاكم الولاية محمد يوسف كبر.

أما في مدينة حسكنيتة، فقال بكر: «استولت قواتنا على 20 سيارة عسكرية مختلفة بكامل عتادها العسكري وأسلحة وذخائر. وهذا هو ردنا السريع على عدوان جيش وميليشيا المؤتمر الوطني على المدنيين في قرى الحجير وأم قونجا الجمعة الماضي، ونؤكد أننا سنضرب بيد من حديد قوات المؤتمر الوطني في أي مكان».

من جهة أخرى، طالب المئات من سكان مدينة الفاشر، غرب السودان، في مظاهرة ضخمة، والي ولاية شمال دارفور محمد يوسف كبر، بالاستقالة لفشله في توفير الأمن والقضاء على الانفلات الأمني. وخرج المواطنون في مظاهرة طافت أرجاء المدينة احتجاجا على مقتل مواطن، أول من أمس، على يد قوات حرس الحدود، التي تعد إحدى قوات ميليشيا الجنجويد المتحالفة مع القوات الحكومية في مواجهة قوات التمرد منذ اندلاع الحرب في الإقليم قبل عشر سنوات. ويشكو المواطنون من التفلتات التي تقوم بها قوات حرس الحدود، منذ أكثر من شهر، بالهجوم على المواطنين.

وقام أربعة مسلحين بزي عسكري، يستقلون سيارة رباعية الدفع، أول من أمس، باقتياد أحد المواطنين من منزله، بعد أن رفض إعطاءهم أموالا طالبوه بها، وحاول مقاومتهم، فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا. وأثارت هذه الحادثة ردود فعل غاضبة وسط سكان المدينة الذين خرجوا في مظاهرة كبيرة، وطافوا شوارعها يحملون جثمان القتيل.

من جانبه، أقر الوالي كبر، الذي خاطب المتظاهرين أمام مقر حكومته، بتفلتات هذه القوات. ودخل في اجتماع مع لجنة أمن الولاية بمشاركة عدد من المتظاهرين، وحمل كبر المركز مسؤولية انفلات هذه القوات، وكشف عن تحركات لقوات الجبهة الثورية شرق الولاية لاجتياح منطقة اللعيت.

وفي غضون ذلك، ذكرت تقارير صحافية أن 52 طفلا لقوا مصرعهم في مناطق أم قونجا وحجير تونو بولاية جنوب دارفور، وقُتِل آخرون حرقا في منازلهم، يومي الجمعة والسبت، إثر دخول ميليشيا الجنجويد، التي تطلق عليها الحكومة «قوات الدعم السريع» المنطقة، واستخدامها القوة المفرطة بحق المدنيين دون أن تكون هناك أي مقاومة من جهة مسلحة. ولم يتسنَ الحصول على رد فوري من المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.