مصير الأسد يكبّل أيدي اللاعبين الدوليين.. وموسكو تسعى لحل يخرجها من المستنقع السوري

كيري ولافروف يبحثان التطورات.. وبان كي مون: مستقبل سوريا لا ينبغي أن يكون رهنًا بمستقبل شخص واحد

وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة بيشكيك بقيرخستان (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة بيشكيك بقيرخستان (إ.ب.أ)
TT

مصير الأسد يكبّل أيدي اللاعبين الدوليين.. وموسكو تسعى لحل يخرجها من المستنقع السوري

وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة بيشكيك بقيرخستان (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة بيشكيك بقيرخستان (إ.ب.أ)

على الرغم من تعاطي معظم الأطراف المعنية بالأزمة السورية بإيجابية مع مقررات مؤتمر «فيينا2» لجهة تشديده على وحدة الأراضي السورية والانطلاق في مرحلة انتقالية، فإن استمرار الخلاف الكبير حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد أطاح بكل هذه الإيجابية التي قد لا تتحول قريبا إلى خطوات عملية وفعلية ما دامت أيدي اللاعبين الدوليين مكبلة جراء تمسك طهران وموسكو العلني ببقاء الأسد وإصرار دول الخليج وواشنطن والدول الأوروبية على وجوب تنحيه عن السلطة كمدخل لأي حل سياسي للأزمة المتمادية منذ مارس (آذار) 2011.
وفي أول موقف له بعد انتهاء «فيينا2»، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الخلافات بشأن مصير الأسد لا ينبغي أن تعرقل محاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار لأغراض إنسانية أو لاتفاق أشمل لإنهاء الحرب في سوريا. وأضاف كي مون في مؤتمر صحافي بجنيف: «أعتقد أن مستقبل سوريا أو مستقبل كل محادثات السلام هذه.. لا ينبغي أن يكون رهنا بمستقبل شخص واحد»، معتبرا أن «الأمر يعود إلى الشعب السوري ليقرر مستقبل الرئيس الأسد».
وبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هاتفيا مع نظيره الأميركي جون كيري يوم أمس السبت نتائج لقاء فيينا بشأن سوريا الذي عقد الجمعة، حسبما أفاد موقع قناة «روسيا اليوم»، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. ولعل الخرق الوحيد الذي قد يسجل في المشهد السوري بعد دخول روسيا العسكري لدعم النظام بغطاء محاربة «داعش» يتمثل في حرص الروس على اجتراح حل للأزمة وبأسرع وقت ممكن يخرجهم من المستنقع السوري، باعتبار أن القيادة الروسية تتفادى وبقوة تكرار تجربة أفغانستان، ما قد يشكل عاملا مساعدا بالتوصل إلى تفاهمات معينة مع واشنطن وباقي الدول المعنية بالملف بعد تقديم كل طرف بعض التنازلات بعد مرحلة غير مسبوقة من التصعيد.
وأوضح عبد السلام علي ممثل حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» في روسيا أن المسؤولين الروس «جديون أكثر من أي وقت مضى بمحاولة إيجاد حل للأزمة في سوريا، وهذا ما نلتمسه باجتماعاتنا معهم»، لافتا إلى أنّهم حتى الساعة لم يتوصلوا إلى «تحديد معالم هذا الحل المنشود نظرا إلى كون الأمور معقدة أكثر مما تصوروا». وقال علي لـ«الشرق الأوسط»: «ما يجعل الروس مستعجلين إلى حل الأزمة هو حرصهم على عدم البقاء طويلا في سوريا بعدما تأكدوا من أن تكثيف الضربات الجوية على مواقع المقاتلين لن يقضي عليهم أو ينهي الأزمة نظرا إلى كونهم يهربون إلى مواقع أخرى».
واعتبر علي أن كل الأطراف المعنيين بالأزمة السورية يدورون حاليا في «حلقة مفرغة»، نظرا لكون الأسد مُصرّا على الاستمرار بالسلطة، خصوصا بعد جرعة الدعم غير المسبوقة التي تلقاها من موسكو، وباعتبار أن كل ما صدر عن «فيينا2» أمور متفق عليها تقريبا حتى ولو لم تكن واردة في «جنيف1»، «إلا أنّه وكما الكل يعلم فإن الشيطان يكمن حاليا بمصير الأسد».
من جهته، نبّه عضو الائتلاف السوري عبد الباسط سيدا من أن مقررات «فيينا2» قد تكون خرجت عن سقف «جنيف1» بمحاولة روسية للدفع باتجاه التنصل من الحديث عن هيئة الحكم الانتقالية ذات الصلاحيات الكاملة، لافتا إلى أنّه وبالشكل وبالمضمون يمكن الحديث عن بعض المستجدات التي طرأت منذ «جنيف2»، وأبرزها إشراك إيران في المفاوضات والحديث في المقررات عن سوريا الموحدة والعلمانية.
وقال سيدا لـ«الشرق الأوسط»: «نلتمس مسعى إيرانيا روسيا جديا لتسويق الأسد من خلال فرضه في مرحلة انتقالية، بمسعى لرفع سقف المطالب بإطار الصفقة التي تلوح بالأفق ولإعطائه نوعا من الحصانة وتجنيبه المساءلة، علما بأننا متأكدون من أن الطرفين المذكورين مقتنعان بأن أي حل حقيقي للأزمة لا يمكن للأسد أن يكون شريكا فيه».
وشدّد سيدا على أن «الواقعية السياسية تحتّم الرضوخ لفكرة أن طرفي الصراع السوري سيكونان مجبرين على تقديم تنازلات معينة للتوصل إلى اتفاق، لكن ما لا يمكن أن يُطلب من المعارضة والشعب السوري هو إشراك الأسد شخصيا في المعادلة الجديدة»، وأضاف: «قد نقبل بأن يكون جزءا من النظام الحاكم حاليا، مشاركا في المؤسسات الأمنية والعسكرية في المرحلة اللاحقة، لكن كل ذلك يتوقف عند صدق نيات الإيرانيين والروس وجهوزيتهم الفعلية لحل الأزمة».
وبعكس المعارضة السياسية التي تحاول البناء على بعض الإيجابيات في الحراك الدولي الحاصل، لا تبدو المعارضة العسكرية متفائلة على الإطلاق بقرب التوصل إلى تسوية للأزمة السورية. وهو ما عبّر عنه القيادي في الجيش الحر العميد المنشق أحمد رحال، لافتا إلى أن المجتمع الدولي في فيينا1 و2 كرس فشله في جنيف1 و2، مستهجنا الحديث عن أن الأطراف المعنية قطعت شوطا كبيرا في مسار حل الأزمة. وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا تكون واشنطن والمجتمع الدولي يعرفان تماما ماهية النظام السوري، إلا أننا وجراء سنوات طويلة من عيشنا في كنفه، مقتنعون بأنّه لن يسير بأي حل سياسي أو يقوم بأي إصلاح بسيط لأن ذلك سيطيح به، هو سيتمسك بالخيار العسكري حتى آخر نفس له».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.