الخلافات تتصاعد داخل «الدعوة» و«القانون».. والأمطار تؤجل اجتماع العبادي بائتلافه

المنطقة الخضراء في بغداد تغلق أبوابها بسبب سوء الأحوال الجوية

أم وأطفالها يتركون مخيماً للاجئين في اليوسفية جنوب بغداد بعد أن داهمت خيمتهم مياه الأمطار (أ.ب)
أم وأطفالها يتركون مخيماً للاجئين في اليوسفية جنوب بغداد بعد أن داهمت خيمتهم مياه الأمطار (أ.ب)
TT

الخلافات تتصاعد داخل «الدعوة» و«القانون».. والأمطار تؤجل اجتماع العبادي بائتلافه

أم وأطفالها يتركون مخيماً للاجئين في اليوسفية جنوب بغداد بعد أن داهمت خيمتهم مياه الأمطار (أ.ب)
أم وأطفالها يتركون مخيماً للاجئين في اليوسفية جنوب بغداد بعد أن داهمت خيمتهم مياه الأمطار (أ.ب)

حالت الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة العراقية بغداد، أول من أمس (الأربعاء)، وأمس (الخميس)، دون عقد اللقاء المقرر بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وأعضاء ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة، وهما الكتلة والحزب اللذان ينتمي إليهما العبادي، حيث أغلقت بوابات المنطقة الخضراء بدءًا من الساعة السابعة مساء في حين كان مقررًا عقد الاجتماع الساعة الثامنة للبحث في حل للأزمة بين جناحين داخل الدعوة والائتلاف أحدهما يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والآخر يتزعمه رئيس الوزراء الحالي العبادي.
وفي حين أكد القيادي في «الدعوة» وعضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون علي العلاق وهو أحد أبرز القياديين المؤيدين للعبادي، أن من وصفهم بـ«المتذمرين المنفعلين نفسيًا داخل الائتلاف» هم من «حاولوا الإطاحة بالعبادي، لكنهم لم يجدوا المقبولية داخل الائتلاف»، فإن القيادي الآخر في ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة ووزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية السابق عامر الخزاعي أبلغ «الشرق الأوسط»، بأن «الحديث عن إزاحة العبادي أخذ أكبر من حجمه لأنه في الواقع لا يوجد اتفاق أو توافق بهذا الشأن سوى أن الخلاف مع العبادي ودولة القانون التي هو عضو فيها هو أن إصلاحاته الأخيرة وبعض قراراته، ولا سيما سلم الرواتب الجديد كان ينبغي له مناقشتها مع كتلته أو العودة إليها في مثل هذه الأمور حتى لا ينعكس ما هو سلبي على الائتلاف والدعوة». وأضاف أن «اتفاقًا حصل مع العبادي عن طريق وفد زاره في مكتبه من الائتلاف والدعوة على أن يقوم بكتابة إجابة تحريرية على الاعتراضات، وأنه في حال لم يلتزم العبادي بما تم الاتفاق عليه فإن بيانًا توضيحيًا سوف يصدر من قبل حزب الدعوة». وردًا على سؤال بشأن صدور بيان وهو ما يعني عدم حصول تفاهم قال الخزاعي، إن «البيان لم يصدر باتفاق، بل تم تسريبه من قبل بعض الأطراف التي تريد التصعيد وقد تم انتقاد هذه الأطراف»، مبينًا أن «العبادي دعا إلى اجتماع للائتلاف مساء مساء أول من أمس (الأربعاء) غير أن الأمطار الغزيرة التي أدت إلى عزل المنطقة الخضراء دون باقي مناطق العاصمة حالت دون عقد هذا الاجتماع علمًا بأن العبادي سوف يبلغ دولة القانون تحريريًا بتبريراته بشأن عدم العودة إلى الكتلة في الكثير من الأمور ومنها ما أبلغ به الوفد الذي زاره من أن هناك مسائل إجرائية لا تستدعي العودة إلى الكتلة وهي تختص بشؤون مجلس الوزراء، حيث يوجد مستشارون وفنيون لمثل هذه المسائل».
وفي حين تشارك كتل أخرى ائتلاف دولة القانون بشأن تفرد العبادي بالكثير من القرارات التي بات يتخذها دون العودة إلى الكتل إلا أن دوافع كتلة دولة القانون بهذا الشأن بدت مختلفة عن مخاوف الآخرين، لا سيما أن باقي الكتل لا تزال ترى أن تغيير العبادي في هذه المرحلة أمر صعب، وأن البديل قد لا يتم الاتفاق عليه بسهولة. وفي هذا السياق، قال القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي سامي الجيزاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنهم لن يتخلوا عن العبادي، وكون هناك تحفظات على بعض الإجراءات أو القرارات التي يصدرها فهذا لا يعني التخلي عنه إطلاقا. وأضاف: «إن موقفنا ثابت كوننا ننتمي إلى التحالف الوطني والعبادي هو مرشح هذا التحالف، وبالتالي فإنه حين تكون لدينا تحفظات على بعض إجراءات العبادي هذا لا يعني تخلينا عنه أو تأييدنا للمحاولات الحالية من قبل البعض بتغييره».
أما القيادي عصام العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» يرى أن «تحالف القوى لديه ملاحظات أساسية، لكنه لا يتبنى مثل هذه القرارات أو الإجراءات التي تقوم بها أطراف في الدعوة أو دولة القانون لأنها أشبه ما تكون كلمة حق يراد بها باطل»، مشيرًا إلى أن «رؤيتنا تنطلق من أن هناك خللاً في بناء الدولة واتخاذ القرارات السياسية، حيث لا يوجد فرق بين القرار والقانون». وأضاف أن «كلاً من المالكي بالأمس والعبادي اليوم لا يفرقون بين القرار والقانون، وبالتالي فإن دوافعنا في الخلاف تهدف إلى بناء الدولة وليس مجرد عملية سحب الثقة أم لا علمًا بأننا نرى أن العبادي بدا بالفعل يستغل المظاهرات وما يحظى به من تأييد بطريقة خاطئة وآخرها قضية سلم الرواتب التي جلبت عليه الكثير من المشكلات ولا يعرف كيف الخروج منها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.